رحَّبت إسرائيل بالموقف الأميركي الرسمي الذي دعم موقف حكومتها الرافض اشتراط المفاوضات مع الفلسطينيين بوقف البناء في المستوطنات في الضفة الغربيةوالقدس المحتلتين. وأشارت وسائل الإعلام العبرية إلى أن الأوساط السياسية في إسرائيل فوجئت تماماً من تماهي موقف وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مع مواقف نتانياهو في اتهام الفلسطينيين بعرقلة استئناف المفاوضات، ومن تصريحاتها قبل لقائهما في القدسالمحتلة مساء أول من أمس التي اعتبرت فيها مقترحات نتانياهو في شأن «لجم الاستيطان» لفترة محدودة «غير مسبوقة». واستمد نتانياهو التشجيع المعنوي من موقف كلينتون ليدعو الفلسطينيين أمس إلى «العودة إلى الصواب» واستئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة، فيما كرر وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان أنه لا ينبغي على إسرائيل استئناف هذه المفاوضات قبل أن يسحب الفلسطينيون شكواهم من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة، مستبعداً في الآن ذاته أن تسفر أية مفاوضات عن التوصل إلى اتفاق. وأعلن نتانياهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس انه اتفق مع كلينتون على بقاء الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل في المنطقة يوماً إضافياً في محاولة لتضييق الهوة بين مواقف إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وأضاف أن إسرائيل تبذل جهوداً مكثفة لإتاحة استئناف المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، «وقمنا بخطوات لم تكن من قبل، مثل إزالة حواجز ونقاط تفتيش، لكن بينما نتخذ نحن خطوات في اتجاه استئناف المفاوضات، فإننا نصطدم بوضع شروط مسبقة من الجانب الفلسطيني لم يسبق لهم أن وضعوا مثلها». وقال إن استئناف هذه المفاوضات «مهم جداً لنا، لكنه مهم بالمقدار ذاته للفلسطينيين ... نحن ملتزمون بالسلام ومستعدون للبدء في المفاوضات السياسية فوراً، ونأمل في أن نلقى موقفاً مماثلا من الفلسطينيين وأن يزيلوا الشروط المسبقة التي وضعوها لاستئناف المفاوضات، والتي لم يضعوا مثلها منذ 16 عاما». من جانبه قال وزير الدفاع ايهود باراك إن إسرائيل مستعدة لاستئناف المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين فوراً، مضيفاً أن إسرائيل «تملك القدرة الكافية للدفاع عن مصالحها القومية». وناشد الفلسطينيين العودة إلى المفاوضات بلا شروط مسبقة. وكانت عناوين الصحف العبرية أبرزت تصريحات كلينتون في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقدته مع نتانياهو قبل لقائهما مساء أول من أمس، وفي مقدمها قولها إن وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة لم يكن ذات يوم شرطاً لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. وقرأت في تصريحات الوزيرة قبولاً أميركيا لمواقف نتانياهو في شأن استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة، وأشارت إلى أنه للمرة الاولى تعلن واشنطن أنها توصلت إلى تفاهمات مع إسرائيل في شأن البناء في المستوطنات. واعتبرت صحيفة «إسرائيل اليوم» اليمينية أن كلينتون أكدت عملياً في تصريحاتها أن الفلسطينيين هم الذين يعرقلون استئناف المفاوضات السياسية. ووصفت الصحيفة العلاقات بين واشنطن وتل أبيب ب «العناق السياسي». وأشادت كلينتون بمواقف نتانياهو وقالت موجهة كلامها له: «لم يسبق لأي من أسلافك أن ذهب بعيداً في مسألة تجميد الاستيطان كما تفعل أنت». وأضافت ان وقف البناء في المستوطنات «لم يكن في أي وقت مضى شرطاً مسبقاً لإجراء المفاوضات مع الجانب الفلسطيني ... ومطلب الفلسطينيين تجميد الاستيطان هو مطلب حديث العهد ولم يطرح من قبل ... إنني أثني على كلمتك وعلى استعدادك للتوجه فوراً إلى طاولة المفاوضات من أجل إقامة دولة للشعب الفلسطيني وعلى استعدادك للجم الاستيطان ... نحن نؤمن أن إقامة دول فلسطينية تسهم في أمن إسرائيل». وتابعت ان واشنطن ملتزمة بالحفاظ على أمن اسرائيل وأيضاً حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة. وقالت إنها والرئيس باراك اوباما «مصممان على دفع عملية السلام إلى الأمام لضمان مستقبل إسرائيل ومن اجل طموحات الفلسطينيين». من جهته، اعتبر نتانياهو قراره عدم إنشاء مستوطنات جديدة ومصادرة أراض فلسطينية جديدة للاستيطان «تنازلاً غير مسبوق»، لكنه أضاف أن «لجم البناء في المستوطنات» سيأخذ بالاعتبار حاجات المستوطنين ليتمكنوا من مزاولة حياتهم الطبيعية، في إشارة إلى البناء للتجاوب مع التكاثر الطبيعي في المستوطنات. وتابع أن «الشروط لا تعود بالفائدة على السلام والمفاوضات»، معتبراً أن «الشروط المسبقة التي يطرحها الفلسطينيون «تغييراً في السياسات، ونأمل في أن يعيدوا تغييرها». وأضاف أن «الطريق الوحيد للتوصل إلى اتفاق هو البدء بالمفاوضات»، مشيراً الى أن إسرائيل تريد التقدم على مسارين، في المسار الفلسطيني وفي المسار الإقليمي، «ونحن مستعدون للجلوس على طاولة المفاوضات فوراً». وكرَّر شروطه لحل الدولتين، وفي مقدمها اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية.