أكد الناطق باسم منظمة المؤتمر الإسلامي الأمين المساعد للشؤون الإنسانية عطاء المنان بخيت ل«الحياة»، أن شعيرة الحج ليست تظاهرة سياسية، بل هي شعيرة دينية تجسد المعنى الأصيل لوحدة الأمة الإسلامية، وهذا هو إطارها المناسب، الذي يجب ألا توضع في غيره. وأضاف: «يجب أن يعلم الجميع أن الحج ليس مناسبة لرفع الشعارات السياسية والتظاهرات، أو فرصة لإثارة النعرات الطائفية، ونحن نأسف لمثل هذه التصريحات التي لا تصب في مصلحة الوحدة الإسلامية، وهذا يؤكد حال التمزق التي عانى منها العالم الإسلامي». وحول الدور الممكن أن تقوم به المنظمة في هذه القضية، قال المنان: «نحن حريصون على تقريب وجهات النظر، ولكننا نأمل ألا نصل إلى هذه المرحلة، وأن تحل القضية بالتنسيق بين القيادتين السعودية والإيرانية». ولفت المتحدث باسم المنظمة إلى أن المؤتمر الإسلامي في برنامج العمل العشري، الذي أقرته الدول الإسلامية في قمتها في مكة عام 2005 يقوم على وحدة الأمة الإسلامية، وعلى التضامن بالعمل لا الحديث، ومعظم قرارات المنظمة وتوصياتها تصب في مصلحة عمل قادة الدول الإسلامية على تحقيق الوحدة بين شعوب الأمة، ونحن في المنظمة نرجو ألا تنحرف شعيرة الحج عن مقصدها الأساسي، وأن تستغل في تقسيم الأمة وفق الأهواء والحسابات السياسية والطائفية. وكان المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، صرحا في لقاء مع الحجاج الإيرانيين المغادرين إلى المملكة، بأن الحجاج الإيرانيين يعانون من معاملة سيئة من السلطات السعودية، وأنه ما لم تتغيّر هذه المعاملة، فستتخذ الجمهورية إجراءات ومواقف أخرى، ما استدعى الرد من وزير الحج السعودي فؤاد فارسي بأن المملكة ترفض «تسييس الحج»، وأنها لا تمارس تفرقة أو إساءة لأي من الحجاج، داعياً إلى إبعاد الشعارات السياسية عن فريضة الحج. من جهته، يرى المحلل السياسي الدكتور زهير الحارثي، أن غرض المسؤولين الإيرانيين من وراء هذه التصريحات هو البحث عن أوراق تستخدم في إثارة النعرات الطائفية في المنطقة، وهي وجدت في موسم الحج فرصة ذهبية للاستمرار في هذا الخط، والرسائل التحريضية التي بثها خامنئي ونجاد لا تخدم استقرار الأنظمة، ولا تساعد في التقارب السني - الشيعي، وتصب في خلق حال من النزاع الطائفي نجحت إيران في تكريسه منذ الغزو الأميركي للعراق، وتحولت هذه اللعبة إلى طريقة مفضلة للنظام الإيراني، «نحن نعرف ان السعودية ترفض تسييس الحج، والسماح لأي أحد بالخروج عن الخط، واداء هذه الفريضة وتحويلها إلى شعارات وفوضى، وإيصال رسائل معينة إلى أطراف أخرى». وأضاف: «المملكة لا تبحث عن شكر أو منة في خدمة الحجاج، وترى أن واجبها الإسلامي أن تهيئ المناخ لجميع المسلمين، بغض النظر عن طوائفهم وانتماءاتهم، ولكن من يخل بهذه الشريعة أياً كانت انتماءاته فسيطبق بحقه القانون، وهي تراهن على أوراق معينة، وموسم الحج موسم مغر لإثارة هذه البلبلة بين السنة والشيعة، ولكن موقف الممكلة لن ينجر لهذه التصريحات، وإخواننا في إيران مسلمون، لكنهم لا يشعرون حتى اللحظة بأن عليهم أن يغيّروا من سياستهم الخارجية، وتتفاعل مع السعوديين كدولة جارة، والتفاعل مع الخليج، من أجل استقرار المنطقة التي تعاني من توتر دائم منذ سنين طويلة». وعن استقبال الشارع السني - الشيعي لهذا التصريح، قال الحارثي: «اعتقد أن غالبية المراجع الشيعة والمفكرين يطالبون بالتسامح والتعايش مع السنة، ولهم من يقابلهم في السنة، نعاني من متطرفي السنة والشيعة، الذين يسيئون إلى العلاقات بين المذهبين، وإيران تستغل بذكاء هذه الأصوات المتطرفة في ماكينتها الإعلامية لتأجيج الصراع الطائفي، ونحن نذكر أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد حينما زار المملكة أثناء انعقاد القمة العربية قبل أعوام في الرياض سمع كلاماً من خادم الحرمين الشريفين يطالب فيه بالبعد عن تعميق الصراع الطائفي، وأنه يجب أن يكون هناك تقارب وتسامح بين الطوائف في المنطقة، لأن وجود نوع من الشحن والتأجيج هو بمثابة قنبلة موقوتة من الممكن أن تنفجر في أية لحظة». ويحذر الحارثي من أن إيران تنتهج مواقف معادية واضحة في الفترة الأخيرة ضد السعودية، فهي بدعمها للحوثيين والذي ثبت وفقاً لإثباتات مسؤولين يمنيين تعمل على خلق بؤر توتر وتهديد حدودي جنوب السعودية، وتصريحاتها الأخيرة بشأن تسييس الحج تثبت أنها تدفع بقوة تجاه تصعيد الخلاف مع المملكة، ومحاولة زعزعة استقرارها داخلياً، ومكانتها كقوة إقليمية وسياسية. ويؤكد أن الصراع الطائفي في منظور السياسة السعودية هو أكبر خطراً من البرنامج النووي أو الخلافات السياسية، ويبدو أن إيران تلعب على هذا الوتر باستمرار وبخطورة «سمعنا هذا الكلام على مدى اعوام طويلة، لكن تلك التصريحات هدئت أيام رئاسة محمد خاتمي ورفسنجاني، وهي الآن تعود بقوة مع التيار المحافظ ممثلاً في نجاد، وبدعم من الرئيس الديني خامنئي».