كربلاء، بغداد - أ ف ب - حذر ممثل للمرجع الشيعي علي السيستاني في خطبة صلاة الجمعة من تدهور الأوضاع الأمنية في العراق مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية التي يفترض ان تجرى منتصف كانون الثاني (يناير) 2010، فيما أعرب جنرال أميركي عن «القلق» من تدهور الأوضاع قبل هذا الاستحقاق. وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل السيستاني في كربلاء (جنوب بغداد): «مع تكرار التفجيرات بالأسلوب ذاته وفي المربع الأمني ذاته، لا بد لنا من مراجعة شاملة ودقيقة للخطة الأمنية المطبقة في بغداد». واستهدف هجومان انتحاريان بسيارتين مفخختين الأحد مبنى وزارة العدل والأشغال العامة والبلديات ومبنى محافظة بغداد ما أدى الى مقتل اكثر من 150 شخصاً واصابة مئات. وأكد الكربلائي ضرورة ان «يكون هناك تشخيص عاجل للأسباب التي ادت الى وقوع هذه التفجيرات».وأضاف «ليس من الصحيح الاعتماد على التكهنات والاحتمالات غير المبنية على دليل»، لأنها تكشف أننا «لا نستطيع حماية البلاد من التفجيرات المحتملة قبل موعد الانتخابات». وكان يعبر بذلك عن اعتراضه على تصريحات مصادر امنية بوجود هذه السيارات في المنطقة وعدم تسللها من خارجها. وحذر من وقوع هجمات جديدة. وقال ان «الفترة (االمقبلة) حساسة جداً والقوى الإرهابية تعول على زعزعة ثقة المواطن بالحكومة والقوى السياسية وبكفاءة الأجهزة الأمنية». بدوره، قال صدر الدين القبانجي عضو «المجلس الوطني العراقي» في خطبة الجمعة من النجف (جنوب بغداد) «لا بد من كشف الجهات التي اعلنت الحكومة تورطها في هذه العملية و ليس مقبولاً منها ان تطلق الاتهامات فقط». وأكد ان «المطلوب منع تكرار مثل هذه الحوادث فربما هناك ثالث ورابع». ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقرر اجراؤها منتصف كانون الثاني(يناير) المقبل وعدم التوصل إلى اقرار قانون خاص بها على رغم تدخل الاممالمتحدة، تتصاعد حدة التوتر في البلاد. وفي ما يتعلق بعدم توصل البرلمان لاتفاق حول قانون الانتخابات، قال الكربلائي ان «الوقت لإجراء الانتخابات بدأ يضيق». وفشل مجلس النواب مجدداً في التصويت على قانون الانتخابات لعدم التوصل إلى صيغة توافقية حول إجرائها في كركوك. لكن الكربلائي أكد انه «لا بد من إجراء الانتخابات في موعدها المحدد لأن اجراءها في موعدها مبدأ ديموقراطي ودستوري لا بد من المحافظة عليه». وحذر من خطورة تأجيلها بالقول ان «تأخير الانتخابات عن موعدها سيكون له تأثير خطير في الوضع الدستوري والأمني والسياسي في البلاد». وأكد ان «سرعة التوصل إلى اتفاق سيمثل ضربة قوية للإرهاب ولأعداء العراق». ودعا القبانجي البرلمان الى «التصويت على قانون الانتخابات»، وتابع محذراً «اذا لم ينجحوا في إقراره فقد أخفقوا في تمثيل شعبنا».وأضاف ان إقرار القانون سيكون «رداً عملياً على مثل هذه العمليات (الهجمات) التي يراد منها زعزعة الأمن في البلد». من جانبه، قال الشيخ مهند الموسوي، خطيب الجمعة في مدينة الصدر: «ما زال البرلمان غير مكتمل النصاب ولا ادري متى اكتمل على مدى السنوات الأربع الماضية». واستنكرأمام مئات المصلين تصريحات النواب إلى وسائل الإعلام بأن «البرلمان يعمل من اجل راحة الشعب والجماهير». وفي البصرة (جنوب العراق) قال الشيخ خالد الملا، خلال خطبة الجمعة في جامع العبايجي السني ان «هناك عجزاً من مقابلة الفئات الإرهابية لا سيما انها أعلنت نفسها، فيما كان الرد هزيلاً». وطالب الدول الاسلامية بموقف رافض للهجمات، قائلاً «نطالب بموقف من علماء الدين مثل الأزهر وايران والمغرب ونطالب برفض هذه الهجمات». وفي ما يتعلق بقانون الانتخابات، قال الملا أمام عشرات المصلين «عتبي على البرلمان باعتباره يمثل صوت الشعب. نتساءل اين كان البرلمان خلال السنوات الأربع الماضية». على الصعيد ذاته، توقع جنرال أميركي ان يخطط المتمردون لهجمات كبيرة جديدة، تشبه التفجيرات التي شهدتها بغداد الأحد الماضي قبل الانتخابات المتوقعة في كانون الثاني (يناير). وقال الميجور جنرال جون جونسون ان استقرار الوضع الأمني سيكون بحلول منتصف العام المقبل، لكنه أكد ان العنف دافعه سياسي في محاولة للتأثير في تشكيل الحكومة المقبلة وهذا «مصدر قلق». وأضاف نائب القائد العام لعمليات الجيش الاميركي في العراق «علينا الا نستبعد ان تكون بعض هذه الجماعات تريد شن هجوم واسع للفت انتباه وسائل الإعلام وفي محاولة لإثبات وجودها (...) ومحاولة لترهيب الشعب». ورداً على سؤال عما اذا كان يتوقع ان يحاول المسلحون تنفيذ المزيد من التفجيرات الكبيرة وربما المتقطعة بعد الهجومين الانتحاريين في وسط بغداد الأحد قال: «لا استطيع أن اتحدث عما يريدون ان يفعلوه. انها امور نتوقع ان يحاولوا فعلها». وتابع «ندرس هذا الاحتمال ونعمل مع نظرائنا العراقيين للتأكد من انهم على استعداد افضل ما يمكن في حال حدوث ذلك». وأضاف «حتى اذا حدث ذلك، فمن المؤكد انها لن تكون مفاجأة لنا». وعلى رغم إصرار رئيس الوزراء نوري المالكي على ان التفجيرات الأخيرة لن تؤثر في الانتخابات، اعترف المسؤولون بأنه يمكن ان تستهدف مراكز الاقتراع. وقال القائد الاميركي ان «هناك احتمالاً ان يحاول الذين لا يريدون للعراق التقدم ولا يريدون الحلول السياسية للقضايا التي تواجه العراقيين، استخدام العنف لعرقلة ذلك. في الفترة التي تسبق الانتخابات وبعدها». وأضاف ان هؤلاء «سيدركون ان الانتخابات هي نقطة مهمة جداً لكن تنصيب حكومة بعد ذلك هو بالقدر ذاته من الأهمية». ومع ان عدد الهجمات والوفيات الناجمة عن العنف تراجعت، مقارنة مع العام الماضي، الا ان انها تبقى مرتفعة وفقاً للمعايير الدولية وتشكل خطراً قائماً. وفي الواقع، يعتبر عدد قتلى هجمات الأحد الماضي وحدها اقرب الى عدد القتلى الذين قضوا في اعمال عنف خلال ايلول (سبتمبر) الماضي. وقال جونسون «منذ بعض الوقت نشهد تراجعاً ملحوظاً في عدد الهجمات، لكن طبيعة هذه الهجمات كتلك التي وقعت الأحد، ركزت على قوات الأمن العراقية وحاولت لفت انتباه الشعب العراقي». وأضاف «من الواضح تماماً ان الهدف من هذه الهجمات هو تقويض مصداقية الحكومة والتشكيك بقدرات قوات الأمن». وأعرب عن اعتقاده بأن العراقيين يثقون بقوات الشرطة والجيش، لكن كثيرين منهم عبروا عن غضبهم بعد وقوع تفجيرات الاحد. من جانبه، اتهم محافظ بغداد صلاح عبدالرزاق قوات الأمن العراقية بالإهمال ودعا وزير الداخلية جواد البولاني وقائد عمليات بغداد الفريق عبود قنبر الى الاستقالة. كما حذر جونسون من ان الحدود العراقية مع سورية (غرب) وايران (شرق) ما زالت «مصدر قلق كبير على رغم انخفاض عدد الاشخاص والاسلحة التي يجري تهريبها عبرها». وقال «يمكن ان نرى اشخاصاً يحاولون استغلال هذه الحدود او التسلل عبرها او نقل وسائل قاتلة عبرها». واتهم العراق بعد تفجيرات الاربعاء الدامي في 19 آب/أغسطس، دمشق بتقديم ملاذ آمن لمدبري هذه الهجمات. وأشار جونسون الى ان «عدد المتسللين في تراجع لكن الامر ما زال يتطلب اهتماماً كبيراً لمنع تسلل اي شخص عبر هذه الحدود». وتنشر الولاياتالمتحدة حالياً 120 الف جندي في العراق. ويفترض ان تغادر هذه القوات العراق بموجب الاتفاق الامني بين بغداد وواشنطن منتصف العام المقبل على ان يتم الانسحاب الكامل نهاية 2011.