استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود، وولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، بعد صلاة العشاء أمس (الجمعة) الثالث من ربيع الآخر 1436 ه، في قصر الحكم بالرياض، الأمراء وسماحة المفتي العام للمملكة وأصحاب الفضيلة العلماء والوزراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين، وجموعاً غفيرة من المواطنين، قدّموا البيعة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملكاً للمملكة العربية السعودية، وللأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولياً للعهد، وللأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد. وفي بداية الاستقبال ألقى سماحة المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ كلمة جاء فيها: «الحمدلله رب العالمين على كل حال وفي كل حال، له الفضل والمنة علينا بكل حال، «وإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها» أيها الإخوة، في هذا اليوم المبارك يوم الثالث من ربيع الثاني، نبايع خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز ملكاً على البلاد، نبايعه بيعة شرعية على كتاب الله وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما نبايع الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً للعهد، والأمير محمد بن نايف ولياً لولي العهد، بيعة شرعية مقتضاها السمع والطاعة في المعروف، والالتزام بها واعتقاد أنها بيعة شرعية يجب العمل بها وبمقتضاها، ويحرم التمرد عليها، لأنها بيعة صالحة صادقة على كتاب الله وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم». وقال سماحته: «أصل هذه البيعة أنه لما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، من أراد أن يسلم بايع النبي على الإسلام، ثم كانت بيعتا العقبة الأولى والثانية بين الأوس والخزرج وبين محمد صلى الله عليه وسلم، ما أدى إلى الانتقال إلى مهاجري المدينة لما بايعوا الأنصار على الحماية، أن يحموهم مما يحموهم مما يحمون منه أهليهم وأموالهم، ثم بعد هذا بيعة المسلمين، فبايع المسلمون رسول الله يوم الحديبية لما قيل أن عثمان قُتل، قال الله سبحانه: «لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِيْنَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ». وقال الله لنبيه: «يَا أيُّها النَّبيُّ إذا جَاءَكَ المُؤْمِناتُ يُبَايِعْنَكَ على ألَّا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شيئاً ولا يَسْرقْنَ ولا يَزنِيْنَ ولا يَقْتُلْنَ أولادَهنَّ ولا يأتِيْنَ بِبُهْتانٍ يَفْتَريْنَهُ بين أيديهنَّ وأرْجلِهنَّ ولا يَعْصِيْنَكَ في مَعْرُوفٍ فبايِعهُنَّ واسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إنَّ اللهَ غفورٌ رَحِيْمُ»، وتوفي محمد صلى الله عليه وسلم في العام ال11 للهجرة، فلما توفي أصاب الناسَ ما أصابهم، وحلّ بهم ما حل بهم وبعد وفاة النبي الكريم، فقدوا حلمه وعدله وتقواه وكرمه وجوده وشجاعته وحسن تعامله، وفقدوا النبي الكريم فأصابهم ما أصابهم، فاجتمع في سقيفة بني ساعدة الأنصار، فلما علم بأمرهم المسلمون أتاهم الصدّيقُ فخطب خطيب الأنصار، إلا أن الصديّق دخل وبايعوه على كتاب الله وعلى سنة رسول الله، فبايع الأوس والأنصار والمهاجرون أبا بكر خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بايع المسلمون عمر بن الخطاب بيعة شرعية من بعد الصديق، ثم بايعوا عثمان، وجعلوا في من يبايع بالخلافة أن يكون الرسول مات وهو عنه راضٍ، فبايعوا، ومثلما بايعوا عثمان بايع المسلمون علياً رضي الله عنه خليفة لهم رابعاً، ثم حصل ما حصل إلى أن جمع الله المسلمين جميعاً على يد معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه. وأضاف قائلاً: «في بيعتنا هذه أمور عظيمة، أول كل شيء الانسياب الطيب، إذ انتقلت السلطة بأمان واستقرار من يد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله إلى الأمير سلمان بن عبدالعزيز انتقالاً شرعياً مناسباً باتفاق ورضا وتعاون، وكل هذه من نعم الله علينا، وهي بيعة شرعية فيقوم المسلمون فيؤدونها ويشكرون الله على هذه النعمة. ونوّه سماحته بما يعيشه الجميع من نعمة عظيمة وخير عظيم وأمن واستقرار، مشدداً على أهمية أن يحافظ على هذه النعمة وحمايتها والدفاع عنها، وأن يعلم الجميع أن أمن البلاد واستقرارها وأمنها أمانة في أعناقنا، كلٌّ يؤدي الواجب الذي عليه. وقال الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ: «أيها الملك الكريم، أسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يمدك بتوفيقه، لقد عملت في الدولة أكثر من ستين سنة، منها أميراً للرياض، ثم وزيراً للدفاع، ثم ولياً للعهد، ونبايعك على كتاب الله ملكاً على هذه البلاد، فأسأل الله أن يوفقك ويعينك يا خادم الحرمين، وأوصيك بتقوى الله بالسر والعلانية، وأوصيك بالصلوات الخمس ونوافلها، قال الله تعالى: «واسْتَعِيْنُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإنَّها لَكَبِيْرَةٌ إِلَّا عَلى الخَاشِعِيْنَ الَّذيْنَ يَظُنُّونَ أنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ»، وقال سبحانه: «يَا أَيُّهَا الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين»، إلجأ إلى الله، وادع في كل مهماتك «أمَّنْ يُجِيْبُ المُضْطَرَّ إذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ»، «وَإذا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فإنِّي قَريْبٌ أجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إذا دَعانِ»، أخلِصْ لله العمل وليعلم الله ما في قلبك النية الصادقة والحرص على جمع الكلمة والصف وحماية هذا البلد ديناً واقتصاداً وأمناً واستقراراً، وعامل الله بالصدق، فإن كل ما وقع في قلبك من صدق وإخلاص؛ فأبشر من الله بالأمن والتوفيق. وأسأل الله أن يوفقك ويبارك في عمرك وعملك، إنه على كل شيء قدير، نبايع الملك سلمان بن عبدالعزيز». بعد ذلك قدم الجميع البيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد - حفظهم الله - على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، داعين المولى جل وعلا أن يمدهم بعونه وتوفيقه.