أعلن وزير الخارجية السوداني علي كرتي عن اتفاق طرفي النزاع في جنوب السودان على الوقف الفوري للاعتداءات والالتزام بالاتفاقيات التي وقعاها سابقاً. وشهدت الخرطوم مساء أمس (الإثنين) لقاءً إقليمياً تشاورياً بشأن الأزمة في جنوب السودان، بحضور وزير الخارجية الصيني وانغ يي. وشارك في الاجتماع كل من وزراء خارجية السودان وإثيوبيا وجنوب السودان والصين وكبير وسطاء الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا (إيغاد) سيوم مسفن، وتعبان دينق، كبير مفاوضي الحركة التمرد التي يقودها نائب رئيس جنوب السودان السابق رياك مشار. وقال كرتي، في مؤتمر صحفي لدى ختام الاجتماع، إن طرفي النزاع وافقا على الوقف الفوري للاعتداءات وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة بينهما والإسراع في استئناف المفاوضات لتشكيل حكومة انتقالية وإدخالها حيز التنفيذ. وأضاف أن الطرفين وافقا أيضاً على تحسين الأوضاع الإنسانية وتسهيل دخول المساعدات والالتزام بضمان مؤسسات ومنشآت مختلف البلدان في جنوب السودان ومساعدتها على أداء واجباتها. وأوضح كرتي أن الاتفاق شمل أيضاً تعاون الطرفين مع (إيغاد) ومراقبي وقف إطلاق النار. ونبّه إلى أن الاتفاق تم التوصل إليه بعد مشاورات منفصلة أجراها وزير الخارجية الصيني وانغ يي مع طرفي النزاع وبقية الأطراف المشاركة قبل بدء الاجتماع. وأقر وزير الخارجية السوداني بأن كل النقاط التي جرى الاتفاق عليها في اجتماع الخرطوم التشاوري، سبق وتفاهم عليها الطرفان في جلسات تفاوضية سابقة. وقال: «بالفعل كل هذه النقاط موجودة، لكن كانت هناك حالة من اليأس أصابت الناس، لذلك برزت الحاجة لبثّ الأمل وضخ دماء جديدة لتشجيع الأطراف على السلام رغم صعوبة الأوضاع وتعقد المشاكل». وبشأن توقيت تنفيذ تلك التفاهمات، قال كرتي إن الجزء الخاص بوقف إطلاق النار ينبغي أن يتم على الفور، بينما تحتاج بقية النقاط المتفق عليها لترتيبات وإجراءات. من جهته، امتدح كبير وسطاء «إيغاد»، سيوم مسفن، ما وصفه بجهود الصين لإحلال السلام في جنوب السودان، موضحاً أن الاتفاق خطوة مهمة يتم البناء عليها خلال قمة إيغاد المرتقبة الخاصة بمناقشة الأوضاع في جنوب السودان. بدوره، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي «إننا بهذا الاتفاق ندفع برسالة موحدة للعالم لتشجيع طرفي النزاع على إجراءات محادثات سلام جدية». وحذر وزير الخارجية الصيني من انهيار عملية السلام في دولة الجنوب، قائلاً إن تحقيقها من الأساس لم يكن عملية سهلة. وقال، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيريه السوداني والأثيوبي: «قضية جنوب السودان تدخل الآن مرحلة حاسمة وتقف على مفترق طرق وبفضل جهود إيغاد، وبخطوة شجاعة من الأطراف يمضي الحل إلى الأمام، وحال حصل أي تراجع ستنهار العملية». وأشار الوزير الصيني إلى أن عدم الاستقرار في جنوب السودان يخلق تشويشاً كبيراً ويلقي بظلاله على المنطقة، موضحاً «وهذا ما لا يريد أن يراه المجتمع الدولي ونحن في الصين كأصدقاء لا نودّ أيضاً رؤيته». من جهته، اعتبر وزير الخارجية الأثيوبي سيوم مسفن المشاورات الخاصة بالجنوب في الخرطوم «حدثاً هاماً»، وخاصة أن الصين شريكة فيه، لافتاً إلى أنها «صديق يُعتمد عليه وشريك حيوي للقارة الأفريقية ولدولة جنوب السودان التي تواجه تحديات». وقال إن النقاش تركز في جلسة المحادثات بين الفرقاء الجنوبيين على كيفية تقديم الصين دعمها لحل النزاع، مضيفاً «هذا كان ناجحاً وقادنا لفهم مشترك والتزام بخمس نقاط». وأكد أن النقاط التي توصل اليها الطرفان المتنازعان في جنوب السودان ستلقى حظها من التنفيذ، لافتاً إلى أن الجانبين يقران بوجود إنجازات على الأرض بعد تهدئة العمليات العسكرية واستتباب الأمن. وأشار سيوم إلى أن «إيغاد» واجهت تحديات كبيرة خلال العام الماضي ولم تتمكن من فرض السلام في دولة الجنوب، مضيفاً «كما أن قادة وشعب الجنوب ليسو راضين عن النتائج وهم يرغبون في رؤية نتائج تنهي الأزمة لكن بسبب تطاول الأمر لأكثر من عام يجب التفكير في بدائل وخيارات أخرى». وأضاف «سنغادر الخرطوم يملؤنا الأمل لأن ما حققناه اليوم لم نتمكن منه على مدى أسابيع طويلة، لأنه وضع مبادئ للتصدي للمشاكل الأفريقية، وهذا ما تفعله إيغاد والعملية مهدت الطريق وسنبني عليها في القمة المقبلة». وأعلن كبير مفاوضي متمردي جنوب السودان، تعبان دينق، استعدادهم لوقف إطلاق نار فوري، متهماً حكومة الجنوب بخرقه على الدوام، مبدياً تفاؤله بنجاح الاجتماع التشاوري الذي استضافته الخرطوم برعاية الصين ومشاركة «إيغاد». وقال دينق للصحفيين في الخرطوم «نحن الأسرع قبولاً بإيجاد حلول... لأننا نحن من يطأ الجمر». وأشار إلى أن اجتماع الخرطوم أسّس لأهمية حلّ المشكلات في الإطار الأفريقي، لافتاً إلى حرص دول كينيا وأثيوبيا والسودان على السلام في جنوب السودان من خلال «إيغاد»، واستدرك بالقول «لكننا نشكو فقط من يوغندا، لأنهم تدخلوا في الحرب وعمقوا الجروح، وعقّدوا الحلول الباحثة عن السلام». وأكد التزام حركته بمواصلة الحوار في إطار «إيغاد» وهو ما اتفقت عليه الأطراف في اجتماع الخرطوم المنعقد، أمس (الإثنين). وتشهد دولة جنوب السودان التي انفصلت عن السودان عبر استفتاء العام 2011، منذ منتصف كانون الأول (ديسمبر) 2013، مواجهات دموية بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها تابعين لرياك مشار النائب السابق للرئيس سلفاكير ميارديت، بعد اتهام الرئيس لمشار بمحاولة تنفيذ انقلاب عسكري، وهو ما ينفيه الأخير.