قدمت إسرائيل أمس احتجاجاً رسمياً إلى تركيا على قيام التلفزيون الرسمي ببث مسلسل درامي يعرض حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال وادعت أنه «يظهر الجيش الإسرائيلي جيش قتلة»، وأنه يتضمن «معلومات ملفقة ومشوهة ويحرض على الكراهية لإسرائيل»، فيما شنت الصحف العبرية هجوماً حاداً على تركيا، واعتبرت بث المسلسل «لا سامية على الطريقة التركية»، وغمزت من قناة أنقرة في ما يتعلق باحترامها حقوق الإنسان. واستدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية أمس القائمة بأعمال السفير التركي في تل أبيب جيلان اوزان لتبليغها باحتجاج إسرائيل الرسمي وغضبها وصدمتها من «المسلسل الفضائحي في التلفزيون التركي الرسمي» ومن «التحريض الخطير على الجنود الإسرائيليين من خلال إظهارهم على أنهم قتلة أطفال فلسطينيين أبرياء». وكان وزير الخارجية افيغدور ليبرمان أصدر بياناً قال فيه إن بث المسلسل «يشكل تحريضاً بمستوى خطير وبرعاية رسمية». وأضاف ان مسلسلاً كهذا «لا علاقة بينه وبين الواقع ويظهر الجنود كقتلة أطفال أبرياء، لا يستحق البث حتى بين دول أعداء وبالتأكيد ليس في دولة تقيم علاقات ديبلوماسية كاملة» مع إسرائيل. واعتبر مسؤولون في الخارجية أن المسلسل «يشكل إهانة لإسرائيل»، خصوصاً انه يتم بثه في دولة تربطها منذ سنوات علاقات مع إسرائيل ومع الشعب اليهودي. ورأى هؤلاء في عدم تعيين تركيا سفيراً جديداً لها في إسرائيل مؤشراً آخر على الأزمة بين البلدين. وقال الناطق باسم الوزارة يوسي ليفي أن إسرائيل أكدت للقائم بأعمال السفير التركي أنه «يتوجب على الدولتين تربية أجيال المستقبل على الأخوة والصداقة لا على الكراهية والآراء المسبقة». وأضاف أن إسرائيل تنظر بخطورة بالغة إلى مثل هذا المسلسل في قناة تلفزيونية رسمية. ويظهر المسلسل مجموعة من الجنود يطلقون النار بعشوائية على فلسطينيين أبرياء، وفي مشهد آخر يطلق جندي الرصاص على قلب طفلة فلسطينية ويتركها تنزف دماً، فيما يصور مشهد ثالث جندياً إسرائيلياً يركل مسناً فلسطينياً، ثم يطلق الرصاص الحي على طفل قذفه بحجر ويرديه قتيلاً. وفي مشهد آخر، يضطر والد سيدة حامل عند حاجز عسكري إلى توليدها ويرفع حفيده فرحاً إلى أعلى فيطلق جندي النار على المولود الجديد ويقتله. وكتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في رأس صفحتها الأولى: «لا سامية على الطريقة التركية...الكراهية تجاه إسرائيل تبلغ ذروة جديدة: مسلسل في التلفزيون التركي يعرض جنوداً إسرائيليين يقتلون أطفالاً فلسطينيين». واعتبرت الصحيفة المسلسل «تثقيفاً على الكراهية». من جهته، قال منتج المسلسل التركي سلتشوك تشوبن أوغلو في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية الرسمية إن في المسلسل ست حلقات تتناول قصة حب بين جندي إسرائيلي وفتاة فلسطينية. وأضاف ان «المسلسل كله يتناول فلسطين والحب...والممثلون الذين يؤدون دور الجنود لا يرتدون زي الجنود الإسرائيليين إنما أزياء مشابهة لها». وأشار إلى أنه قبل بث كل حلقة وضعت الملاحظة بأن لا علاقة بأحداث المسلسل بالواقع، «لم نقصد الجيش الإسرائيلي كله، لكن نعلم أن هناك مجموعات داخله قامت بأعمال قتل. قصدنا هذه المجموعات تحديداً، وليس كل إسرائيل». وأضاف انه لا يناصب إسرائيل أي عداء «بل نحن نحب الإسرائيليين»، لكنه تابع مستدركاً: «هل يعكس المسلسل الواقع؟ في عملية الرصاص المسبوك (الحرب على غزة) قتل 300 طفل. أيضاً محمد الدرة قتل. هل هذا منطقي؟». وشدد على أن توقيت بث المسلسل مع الأزمة في العلاقات بين تركيا وإسرائيل جاء صدفة «ونحن لا نعمل باسم الحكومة ولا باسم شركة تلفزيون». إلى ذلك، سربت أوساط سياسية رفيعة المستوى إلى وسائل الإعلام العبرية تهديداتها بأنه إذا واصلت أنقرة التصعيد ضد إسرائيل، فإن الأخيرة لن تتيح لها لعب دور الوساطة بينها وبين سورية أو بين الدولة العبرية والفلسطينيين. وتبدي المحافل الأمنية الإسرائيلية قلقها من التصعيد الكلامي والإعلامي بين أنقرة وتل أبيب ولا تخفي خشيتها من أن تخسر الصناعات العسكرية الإسرائيلية مئات ملايين الدولارات من صفقات أمنية على غرار تلك التي أبرمتها مع تركيا في الأعوام الأخيرة. ونقلت الإذاعة العامة عن مسؤول أمني «خيبة أمله» من عدم تجاوب تركيا مع طلب إسرائيل تهدئة الخواطر بعد إلغاء أنقرة مشاركة الطيران الإسرائيلي في المناورات السنوية في الأجواء التركية. وقال إن إسرائيل عملت عبر قنوات هادئة على خفض منسوب التوتر من أجل الحفاظ على العلاقات المتميزة بين المؤسستين الأمنيتين في البلدين، «لكن رئيس الحكومة التركية واصل تصريحاته التي تتعرض لإسرائيل، إضافة إلى بث المسلسل». مع ذلك، أضاف المسؤول أن إسرائيل ما زالت تأمل في أن يكون التوتر الحاصل موجة عابرة «فالعلاقات الأمنية تحديداً بين البلدين لها جذور مشتركة وتعتمد مصالح حيوية مشتركة للطرفين».