جائزة نوبل للسلام هي الأهم من نوعها في العالم على الإطلاق، والجائزة التالية ليست في المركز الثاني وإنما الثاني عشر أو العشرين، فلا شيء يقترب في الأهمية منها. ورئيس الولاياتالمتحدة، سواء كان الأحمق جورج بوش أو الذكي باراك أوباما، هو رئيس العالم الحر، وقد بايع الغرب أميركا بالزعامة بعد الحرب العالمية الأولى وجدد مبايعتها بعد الحرب العالمية الثانية، ولم يقم من ينافسها في الغرب، وبعد أن سقطت الشيوعية في أواخر الثمانينات من القرن الماضي لم يبق من ينافس الولاياتالمتحدة حول العالم. أوباما فاز بجائزة نوبل للسلام كما نعرف جميعاً ورحب بفوزه كثيرون، غير أن آخرين هاجموه والجائزة، فاليسار الأميركي لا يحبه لأنه لم يخرج من حروب بوش حتى الآن، واليمين الأميركي يكرهه كرهاً مرضياً لأنه يفضل الديبلوماسية على الحرب. وأريد قبل أن أكمل أن أنتهي من نقطة تهمني أكثر من أي جدال آخر حول الجائزة، هي أنه في معرض مهاجمة أوباما أو الجائزة قرأت كلاماً نابياً عن ياسر عرفات، رحمه الله، وأقول إن أبو عمار أشرف من جميع الذين ينتقدونه وأشرف من حكومات اسرائيل كلها، ومن الإرهابيين الذين تعاقبوا على رئاستها، بل أشعر بأنني أهين ذكرى الرئيس بمقارنته بهؤلاء اللصوص الفاشست. ناحوم بارنيا، وهو عادة معتدل، وليبرالي، ربما كانت هذه أول مرة أعترض عليه، فهو كتب في «يديعوت اخرونوت» أنه في التاريخ الطويل للجائزة أعطيت أحياناً لأشخاص لا يستحقونها وأكثر الأمثلة إهانة في الجيل السابق ياسر عرفات، ولكن كان هناك آخرون مثل كيسينجر وغورباتشوف ولي دوك تو (الرئيس الكوري الشمالي). أكثر الأمثلة إهانة في تاريخ الجائزة هو الإرهابي مناحيم بيغن مجرم الحرب الذي تقاسم الجائزة مع الرئيس أنور السادات سنة 1978. وفي مثل حقارته الدجال المحترف شمعون بيريز الذي فاز بالجائزة مع عرفات واسحق رابين سنة 1994. من دق الباب سمع الجواب، وأقول إن نعل أبو عمار أشرف من هؤلاء جميعاً، من بن غوريون وحتى بنيامين نتانياهو اليوم. ولكن خارج الإهانة المتعمدة يبقى تاريخ نحن عليه شهود. أبو عمار سار في عملية السلام واغتال اليهود اسحق رابين، وقاتله بطل في السجن الآن. وانتكست العملية مع الدجال نتانياهو، إلا أن أبو عمار قبل اتفاق الأطر، كما سمعت منه ومن الرئيس كلينتون مباشرة. وكنت في جناح أبو عمار في فندق زيهوف في دافوس عندما جاء الدكتور صائب عريقات من طابا في 28/1/2001 وهو يحمل تحت إبطه خرائط، وقال إن اتفاقاً نهائياً عقد مع الإسرائيليين ولم يبق سوى رتوش غير مهمة أبداً. كتبت هذا الكلام من قبل وأعيد القول إن شهودي عليه مع الدكتور عريقات الأخ صبيح المصري وجيمس وولفنسون، أي شهود أحياء ولا كذب. ماذا حدث بعد ذلك؟ انتخب الإسرائيليون مجرم الحرب آرييل شارون رئيساً للوزراء في 6/2/2001 فدمرت عملية السلام نهائياً، وفي المرتين دمرها الإسرائيليون لا ياسر عرفات، وهم لو مضوا في السلام مع رابين لكان ابن بارنيا لا يزال حياً بدل أن يقتل في تفجير باص سنة 1996، ولو لم ينتخبوا شارون لكان ألوف النساء والأطفال الفلسطينيين والرجال أحياء بدل أن يقتلهم الجيش الفاشستي المحتل. الكلام السابق كله أوجهه أيضاً الى نينيت مارين التي تكتب في «الصنداي تايمز»، وهي عادة معتدلة، إلا أنها اختارت تعليقاً على منح أوباما جائزة نوبل للسلام أن تقول ان لا شيء نبيلاً بثقة في جائزة نوبل فبعض الذين كان يجب أن يفوزوا بها لم يفعلوا وبعض الذين فازوا بها ما كان يجب أن يفوزوا مثل ياسر عرفات ولي دوك تو. بعد أن أشمل مارين بكل ما قلت تعليقاً على كلام بارنيا أزيد لها أن لي دوك تو فاز بالجائزة مع هنري كيسينجر وكلاهما مجرم حرب، لأنهما تفاوضا على اتفاق السلام في فيتنام سنة 1973، وهو اتفاق لم يصمد واستؤنفت الحرب حتى هزيمة الأميركيين وفرارهم من على سطح السفارة في سايغون. من تقترح مارين للفوز بالجائزة؟ توني بلير الذي لفق مع جورج بوش أسباب الحرب على العراق فقتل مليون عراقي بريء ولا يزال العراقيون يقتلون؟ أو هناك نك غريفين، زعيم الحزب الوطني البريطاني. في سنوات وعيي السياسي فاز بالجائزة مارتن لوثر كينغ سنة 1964، واليونيسيف سنة 1964، ومنظمة العفو الدولية سنة 1977، والأم تيريزا سنة 1979، والقس دزموند توتو سنة 1984، ونلسون مانديلا سنة 1993، وأطباء بلا حدود سنة 1999، وجيمي كارتر سنة 2002. كل من هؤلاء يستحق الجائزة جداً ولعل بارنيا ومارين قرآ رأي توتو وكارتر في معاملة اسرائيل الفلسطينيين تحت الاحتلال وفي جدار الفصل العنصري و «الأبارتيد» الجديد على أيدي حكومة وجيش لا يجرؤ رجالهما على السفر خشية الاعتقال بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وأكمل غداً.