راوحت الجهود المصرية للمصالحة الفلسطينية مكانها أمس، بعد موافقة متوقعة من حركة «فتح» على اقتراح القاهرة توقيع اتفاق إنهاء الانقسام غداً وإرجاء الاحتفالات، بسبب تأخر حركة «حماس» في الرد على العرض الذي قالت إنها ما زالت تدرسه. وأعلنت السلطة الفلسطينية أمس الموافقة على الاقتراح المصري، لكنها هددت بإصدار مرسوم رئاسي لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها المقرر في كانون الثاني (يناير) المقبل، في حال رفضت «حماس» الاقتراح المصري للمصالحة. واتهم أمين سر منظمة التحرير ياسر عبدربه الحركة بالتهرب من المصالحة «إرضاء لأجندات إقليمية لا تقبل لمصر النجاح في إدارة الملف، ولا تريد لموقف السلطة من المفاوضات أن ينجح»، مسمّياً سورية وإيران وقطر. وكرر الرئيس محمود عباس أمس اتهاماته ل «حماس» برفض المصالحة «لتكريس إمارتها الظلامية في غزة»، متحدياً الحركة أن تقبل «تقرير غولدستون الذي اعتبرها مجرمة حرب». وقال: «اليوم قالت مصر تعالوا إلى المصالحة، وأنا متأكد أنهم غداً وبعد غدٍ سيخترعون أي سبب وأي وسيلة وأي ذريعة من أجل أن لا يذهبوا إلى القاهرة، لأنهم مرتاحون بإمارتهم الظلامية». وأكد عزمه على «إنهاء انقلاب حماس بأي وسيلة، باستثناء القوة». وتحدى الحركة أن تحتكم إلى صناديق الاقتراع. وفي المقابل، قالت مصادر فلسطينية موثوقة ل «الحياة» إن مصر «مستاءة جداً» من إرجاء المصالحة، وأنها أمهلت «حماس» يومين للرد على اقتراحها. لكن عضو المكتب السياسي للحركة صلاح البردويل نفى أن تكون القاهرة حددت سقفاً زمنياً للرد، لافتاً إلى أن «حماس لا تزال تدرس قضية تأجيل مراسم التوقيع على الورقة المصرية للمصالحة، حتى تهدأ عاصفة الغضب الجماهيري، وإعطاء الفرصة لإعادة التصويت على تقرير القاضي غولدستون»، معتبراً أن ذلك «ربما يحتاج أياماً أو أسابيع عدة». إلى ذلك، ألقت وفاة يوسف أبو زهري شقيق الناطق باسم «حماس» سامي أبو زهري في سجن مصري بظلال كثيفة على مساعي المصالحة، بعدما صعّدت الحركة ضد القاهرة واتهمتها بتعذيبه حتى الموت، وهو ما نفته وزارة الداخلية المصرية التي أكدت أن «الوفاة كانت طبيعية نتيجة هبوط في القلب»، مذكرّة بأن أبو زهري «كان مصاباً بأمراض في القلب والكلى والكبد». ودعت «حماس» في بيان أمس إلى «فضح جريمة قتل» أبو زهري الذي اعتقل قبل ستة أشهر بتهمة التسلل عبر نفق من غزة إلى سيناء. وقالت إن الوفاة حدثت «إثر تعرضه للتعذيب الجسدي الذي أدى إلى نزيف داخلي استمر أسبوعين حتى فاضت روحه». واعتبرت ما جرى «حادثة خطيرة وغريبة... تحتاج إلى وقفة جادة وتحمل المسؤولية». وطالبت مصر «بالتحقيق في هذه الحادثة وكشف ملابساتها ومحاسبة المتسببين في استشهاد الشهيد يوسف». من جهة أخرى، يعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جلسة استثنائية بعد غدٍ للتصويت على «تقرير غولدستون» الذي يتهم إسرائيل و «حماس» بارتكاب جرائم حرب في غزة. وقال عبدربه إن السلطة «تجري اتصالات واسعة ومستمرة لتهيئة الاجواء للتصويت» لتبني التقرير وإحالته على مجلس الأمن.