في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، انطلقت شرارة التصنيفات الجامعية للمرة الأولى تحت قبة مجلس الشورى، بعد انتقاد عضو المجلس الدكتور بندر الحجار (نائب رئيس المجلس حالياً) وجود الجامعات السعودية في مؤخرة تصنيف «ويبوماتريكس» الإسباني، وهو التصنيف غير الأكاديمي، ما أثار ضجة شوروية وإعلامية بين مؤيدٍ لانتقاد وضع الجامعات السعودية، ومعارضٍ لاعتماد التصنيف غير الأكاديمي مرجعاً للانتقاد. وطالت الانتقادات دور الجامعات الحقيقي في التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع، ومقارنة النظام التعليمي الجامعي المحلي بالأنظمة التعليمية الجامعية في الخارج لناحية المخرجات، وأنظمة الجامعات المركزية. بدورها، انقسمت وزارة التعليم العالي على نفسها بتصريحات وزير التعليم العالي الذي وصف تصريحات الأعضاء الذين أثاروا موضوع التصنيف بأنها جانبت الصواب، وتصريحات وكيل الوزارة الدكتور عبدالله العثمان (مدير جامعة الملك سعود حالياً) الذي رمى باللائمة على عدد من وزارات الدولة في تخلف الجامعات السعودية في التصنيف العالمي «غير الأكاديمي». وجاء الحراك الأكبر في القرارات الملكية التي غيرت خريطة أسماء إدارات الجامعات السعودية، لتبدأ بعدها حمى التنافس على تحقيق أفضل المراكز في تصنيف «ويبوماتريكس» الإسباني، ولتتبنى إدارة جامعة الملك سعود مبادرة التقدم على سلم التصنيف الإسباني لتصل إلى منطقة «أفضل 600 جامعة» في فترة لم تتجاوز العام الواحد، وهي التي كانت في المركز 2998 المثير للجدل الشوروي. وظهرت على الصحف السعودية إعلانات إدارات العلاقات العامة في الجامعات السعودية بأخبار التقدم، على مستويات «عربياً» و«إسلامياً» و«آسيوياً» و«أفريقياً»، ووصلت الأمور حد ربط هذا التقدم «اللا أكاديمي» بأبحاث الجامعات في مجال النانو ودراساتها الأكاديمية. التصنيف الإسباني، بحسب رئيس المجلس القومي الإسباني للبحوث والمسؤول عن نتائج تصنيف «ويبوماتريكس»، أكد في زيارة له إلى الجامعات السعودية على أن تصنيف مجلسه لا ينظر إلى الجوانب الأكاديمية على الإطلاق، بل يهتم بالكم المعلوماتي الموجود على المواقع الإلكترونية للجامعات فقط، وحتى دون اعتبار الجودة المعلوماتية أو ارتباط المعلومات بالشأن الأكاديمي، ليكشف عن أن حملات العلاقات العامة في الجامعات السعودية كانت تسوق لتقدم بارز في «إدارة مشاريع تقنية المعلومات» في عمادات تقنية المعلومات في الجامعات السعودية دون عمادات البحث العلمي وعمادات الدراسات العليا. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، يخرج تصنيف «شنغهاي» الصيني، وهو تصنيف أكاديمي تقوم عليه جامعة «شنغهاي جيو تونغ»، وتسعى من خلاله إلى تقييم الجامعات حول العالم لتحديد الفجوة بين مستوى التعليم الجامعي الصيني ومستوى التعليم الجامعي حول العالم، باعتماد معايير صارمة، لا يبدو أن الجامعات السعودية سيكون لها نصيب منها، ابتداءً بتقييم الجامعات على أساس حصول أساتذتها وخريجيها على جائزة نوبل أو جوائز المجالات التي تتخصص فيها، مروراً بعدد المقالات المحكمة علمياً التي تعتمد على أبحاث ومقالات أعضاء هيئة التدريس في هذه الجامعات، وعدد المقالات المحكمة علمياً في المجلات العلمية الرصينة. ومع افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية يبدو التحدي كبيراً للجامعات السعودية في إيجاد البيئة الجامعية المحايدة والمتنوعة على المستوى الثقافي، والمتخصصة في الأبحاث العلمية والأكاديمية بعيداً عن «بربغندا» التصنيفات اللا أكاديمية.