أوضح الكاتب أحمد العرفج أن للكتابة عنده محفزين: «أولهما كي ترى أمي صورتي في الصحيفة فتطمئن أني ما زلت على ذمة الحياة، إضافة إلى المحفز الاقتصادي، فالصحيفة التي أكتب لها تكافئني بمقابل يعينني على تحمل أعباء المعيشة، في مجتمع يتعامل بالإسترليني والناس تعرف ما تعنيه هذه العملة، أما ما يسمى بوظيفة الكاتب التوعوية والتنويرية، فتلك مهمة الرسل والوعاظ ومن يزعمون أنهم أرقى في الوعي من غيرهم. وصاحبك بالكاد يدله مصباحه على طريقه، ومن يدّعي من كتبة اليوم أنه يؤدي دوراً تنويرياً فأولئك ضحايا جهل مركب. والكتابة أعطتني الكثير إذ أدخلتني في السباق اليومي، ما يستلزم الركض والاطلاع الحيوي، فأنت بين خيارين إما أن تدرك القطار أو يتركك بجوار أمتعتك تندب حظك العاثر، وأما ما أخذته فالأمانة أنها لم تأخذ شيئاً، ومن ادعى ذلك فهو عنين كتابياً. فالمشكلات كثيرة عند الكاتب اليومي، وما عليه سوى صياغتها والتعليق عليها». ويعترض على وصف الكتابة اليومية بالاستهلاكية، ويقول إن اللاعب الذي يريد المحافظة على لياقته، «يحتاج إلى تدريب يومي، يقيه شر الكسل ويحميه من التبلد. وما الكتابة إلا رياضة فكرية تجري في مضمار الدماغ، لتصب في مرمى العمود اليومي مسجّلة هدفاً سليماً من التسلل. والكتاب منهم من يقتات على سلق البيض المسروق من آخرين، ومنهم من يحترم القارئ ويحترم نفسه فينأى بنفسه عن مواطن التلوث المتكاثرة في مطبخ البيض المسلوق. وبإمكانك الرجوع إلى صحف العام الماضي، وستجد شريحة عريضة من الكتّاب يحيون حفلة صراخ جماعي على شاكلة الكتابة عن فوز أوباما أو المجاهر بالمعصية». وحول السر في أن مقالاته لا تمنع، أقترح الاتصال برئيس تحرير صحيفة المدينة «لتسأله عن ذلك، فمهمتي تنتهي عند آخر حرف أكتبه في المقال.أما ما يخص النشر وتبعاته فتلك مهمة لها أهلها، علماً بأن المعنيين بكتاب الرأي في الصحيفة يشكرونني على رشاقة المقال وعمقه،إذ إني أدرك الخطوط الحمراء، وأقفز عليها برشاقة غزال وذكاء ذئب ومرونة ثعلب». ويلفت إلى أنه رقيبه حين الكتابة، هو الله «ثم ضميري، وتحمّلي مسؤولية الكلمة، ولا أظن عاقلاً يؤمن بالخطوط الحمراء، فمن الممكن كتابة كل شيء إن توافرت الكيفية، وفي الحديث «إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب». ويدافع عن مقالاته من صفة التطرف، ويعتبرها وسطاً، «فالمفاهيم تختلف من صاحب رؤية إلى آخر، وأزعم أني لم اتخذ موقفاً ضد أي تيار، فأنا مع كل التيارات بذات القدر الذي أقف فيه ضدها، فتعاملي مع الأفكار سواء صدرت عن الشافعي أم الفنان محمد عبده أم أدونيس، وما يسمى بمصطلح الصحوة هي غلطة دبرت بليل، وبعد كل هذه الأعوام اكتشفنا أنا مررنا بشقوة أو غفوة، دحرجها نحونا زمن كنا مشغولين فيه بالتعاطف مع الأسلمة». ويرد على اعتبار البعض كتاباته هجومية، بأن الهجوم سببه منهج التفكيك، الذي أزعم أني الوحيد الذي أمارسه في السعودية، كما رسمه المفكر جاك دريدا، إذ المجتمع هنا بكل أطيافه متطرف، ويؤمن باللونين الأبيض والأسود. ولكنني دخلت عليه من بوابة تفكيك الفكرة، مع الاحترام الكامل لها. فعلى سبيل المثال أنا أختلف مع محمد سعيد طيب بقدر ما أتفق معه. وجادلت عبدالله الشريف بقدر حبي له. فالأمر باختصار هو العمل وفق منهجية علم الله ما انتقدتك إلا طمعاً أن تكون فوق انتقادي، وكفى المرء عزة وإباء، أن يعادى في مجده ويعادي. أما تصفية الحسابات فهي تهمة من لاتهمة له، وتذكرني بحجج طرد المدربين، حين يخفق الفريق. وكل الذين مارست النقد عليهم لم يكونوا من المشاركين في رزقي أو ينافسوني في عملي بل هم أساتذة لي، وحقهم عليّ الإجلال والإكبار إلا أني ولد شقي منهجي «سمعنا وعصينا».