دعا «الاتحاد العالمي للقلب» و «منظمة الصحة العالمية» و «المنتدى الاقتصادي العالمي» أخيراً، الحكومات وأصحاب الشركات والمؤسسات الى جعل أماكن العمل صحية أكثر، عبر توفير برامج تشجّع على النظم الغذائية المفيدة للجسم والنشاط البدني، وتعزيز القيود المفروضة على التدخين، بما يساهم في تحسين صحة العاملين وتحسين إنتاجيتهم.وفي حديث تناقلته وسائل الاعلام أخيراً، قالت الدكتورة فيونا ادشيد مديرة «إدارة الأمراض المُزمِنَة وتعزيز الصحة» في «منظمة الصحة العالمية»: «هناك سوء فهم منتشر بأن أمراض القلب والسكتة الدماغية من نتاج البلدان الغنية، بينما يشير واقع الأمر إلى أن أكثر من 80 في المئة من الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية تحدث في البلدان الأقل دخلاً... نحن بحاجة إلى جهد عالمي إذا أردنا التقليل من التأثير الكبير لتلك الظاهرة». وبتفاؤل، أشارتْ ادشيد إلى إمكان الوقاية من 80 في المئة من الأزمات القلبية والسكتات التي تحدث في سن مبكّرة، من طريق اتّباع نظام غذائي صحي وممارسة نشاط بدني منتظم والامتناع عن التدخين. تجربة هندية في الوقاية في سياق متّصل، رأى رئيس «الاتحاد العالمي للقلب» البروفسور بيكا بوسكا أن «تخصص الحكومات وقادة الاعمال كميات كبيرة من الجهد وبلايين الدولارات لتحسين صحة النظام المالي العالمي. وعلى غرار ذلك، ينبغي عليهم أيضاً أن يوجهوا الانتباه إلى صحة القوى العاملة». وأكّد يوسكا استحالة تجاهل أعباء أمراض القلب والأوعية الدموية وتبعاتها لمدة أطول. وقال: «عندما تضاف تلك الأعباء مع الأثقال التي تمثّلها الأمراض غير المُعدية الأخرى، كالسكري والسرطان والأمراض التنفسية المُزمِنَة، يتشكّل عبء صحي ضخم يُلقى على كاهل الدول النامية، وهي غير مؤهلة ولا مجهزة للتعامل معه». وناشد المجتمع الدولي العمل بصورة عاجلة على ضمان حُسْن تطبيق نماذج التمويل المُنفّذة في الأمراض المعدية مثل الايدز والسل والملاريا، كي تشمل الأمراض غير المُعدية. واعتبر أن ذلك يوقف نزيف الوفيات الذي تسببه تلك الأمراض في الدول الأكثر هشاشة، ما يعمّق هوة الفقر السحيقة فيها». وفي قمته الأخيرة مطلع العام الحالي، وصف «المنتدى الاقتصادي العالمي» الأمراض المُزمِنَة باعتبارها «تهديداً عالمياً رئيساً لحياة الإنسان والنمو الاقتصادي والتنمية، في السنوات العشر المقبلة». وحينها، قال البروفسور كلاوس شواب رئيس المنتدى: «إن بعض الشركات العالمية الرائدة وأعضاء «المنتدى الاقتصادي العالمي»، يعتمدون برامج صحية في أماكن العمل. وإضافة إلى تحسين صحة العمال، يؤدي ذلك أيضاً إلى نتائج اقتصادية مهمة. إذ يُقدّر أن الخسائر في الإنتاجية بأثر من الأمراض المُزمِنَة تفوق التكاليف المترتبة على الوقاية أو العلاج بأربع مرات». وفي سياق متصل، رأى خبراء في الصحة أن أماكن العمل تُشكّل بيئة مثالية لتشجيع أنماط الحياة الصحية، استناداً إلى حقيقة أن معظم الناس يقضون أوقاتاً كبيرة في أماكن عملهم. وطالب الخبراء بإدخال تغييرات صغيرة، وصفوها بأنها مؤثّرة، مثل فرض حظر التدخين في أماكن العمل، وتقديم المزيد من الفاكهة والخضر أثناء فترات العمل، وتشجيع العمال والموظفين على إدراج النشاط البدني في حياتهم اليومية العادية. وأشاروا إلى أن هذه الخطوات من شأنها أن تُحدث تعديلاً كبيراً في حياة العمّال، من خلال تمتهعم بصحة أفضل. إذ تقلّل من إمكان الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية. وتنعكس ايجاباً على كثير من الأمراض المُزمِنَة مثل السكري والسرطان والأمراض التنفسية المُزمِنَة، التي تتسبّب مجتمعة بقرابة ستين في المئة من الوفيات عالمياً. وتفيد تلك الإجراءات أصحاب الشركات أيضاً. إذ تؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتقليل الإجازات المرضية إلى أقل من 20 في المئة سنوياً، مع ما يرافق ذلك من انخفاض التكاليف الطبية وتحسين صورة الشركة ومعنويات موظفيها. وأخيراً، أُجريَتْ دراسة في «المؤسسة العامة للصحة» في الهند و «مركز مكافحة الأمراض المُزمِنَة» في نيودلهي في خمسة أماكن للعمل تمثّل قطاعات في الصناعة والزراعة، وتُقدّم فيها مواد تعليمية عن أنماط الحياة الصحية وتغيير المآكل في مطاعم الوجبات السريعة وحظر التدخين وتقديم المشورة في مجال الصحة. وكشفت النتائج حدوث تغيرات ملحوظة في وزن الجسم ومحيط الخصر وضغط الدم ومستوى السكر والدهون، بالترافق مع الانخفاض في نسبة المدخنين من 39 في المئة إلى 29 في المئة. وتراجعت نسبة مستخدمي الملح من 28 في المئة إلى 13 في المئة. وتضاعف مستوى النشاط البدني. ولم تتكلف تلك الحملة سوى 7 دولارات سنوياً للشخص. ويتكوّن «الاتحاد العالمي للقلب» من 198 جمعية طبية ومؤسسة متخصصة في حماية القلب، تأتي من أكثر من 100 بلد. ويمثّل الاتحاد منظمة غير حكومية ملتزمة بالمساعدة على تحقيق حياة أطول وأفضل من خلال الوقاية والسيطرة على أمراض القلب والسكتة الدماغية، مع التركيز على البلدان المنخفضة والبلدان المتوسطة الدخل. إجراءات عملية لحماية القلب من المستطاع تلخيص الإجراءات التي تساعد على حماية القلب وخفض نِسبْ الإصابة بأمراضه ومضاعفاتها، على النحو الآتي: اتّباع نظام غذائي صحي. النظام الغذائي المتوازن ضروري لصحة القلب والجهاز الدوري. ويشمل الإكثار من الخضروات والفواكه والحبوب غير المنزوعة القشرة، واللحوم الخالية من الدهون، والأسماك والبقول، والإقلال من تناول الملح والسكر. ممارسة النشاط البدني بانتظام. تساعد ممارسة النشاط البدني بانتظام (ثلاثين دقيقة يومياً، لثلاثة أيام اسبوعياً على الأقل) على صون القلب والشرايين والأوردة. وتساهم ممارسة ذلك النشاط في معظم أيام الأسبوع ولمدة لا تقلّ عن 60 دقيقة، في الحفاظ على وزن صحي. الامتناع عن التدخين. يخلّف التدخين أضراراً صحية جسيمة، سواء كان في شكل سجائر أم سيجاراً أو تبغاً معداً للغلايين أو للمضغ أم نارجيلة. ويشكّل التدخين «السلبي» خطراً على الصحة أيضاً. وما يبعث على التفاؤل هو أنّ خطر الإصابة بالأزمة القلبية والسكتة يتقلّص فور إقلاع الشخص عن تعاطي منتجات التبغ، ويمكن أن يتقلّص بنسبة قد تصل إلى النصف بعد مضي عام على الإقلاع. فحص ضغط الدم دورياً. في العادة، لا تؤدي الزيادة في ضغط الدم إلى ظهور أعراض على المصاب، لكنها قد تسبّب في سكتة دماغية أو أزمة قلبية مفاجئة. تأكّد من نسبة السكر في دمك. يزيد ارتفاع نسبة السكر في الدم من مخاطر الأزمات القلبية والسكتات الدماغية. ولا بد للمصابين بالسكري من مراقبة ضغط الدم للحد من تلك المخاطر. التأكّد من نسبة الشحوم في الدم. يزيد ارتفاع الكولسترول في الدم من مخاطر الأزمات القلبية والسكتات الدماغية. ويجب التحكّم بالكولسترول باتباع نظام غذائي صحي أو بتناول الأدوية المناسبة، عند الحاجة.