مدينة طنجة، هذه المدينة المغربية الساحرة الملقبة ب «عروس الشمال» والمليئة بالصور السينمائية الخالدة والتي صور فيها كثير من الأفلام السينمائية العالمية وضع عنها الكثير من الكتب التي ما زالت حاضرة في المخيلة الإنسانية ليس المغربية منها فحسب بل العربية والعالمية أيضاً، ها هي من جديد، وككل سنة، تحتفي بالفيلم السينمائي المتوسطي القصير. ذلك أن طنجة دورة جديدة من مهرجانها السينمائي، «مهرجان طنجة للفيلم المتوسطي القصير»، الذي ينظمه المركز السينمائي المغربي والذي سينعقد هذه السنة في دورته السابعة ما بين 12 و17 تشرين الثاني (أكتوبر) 2009. وهو مهرجان سينمائي لافت نظراً للأهمية الكبرى التي يوليها للفيلم السينمائي القصير في بعده المتوسطي الذي يجعله ينفتح على بلدان عربية وأوروبية متعددة بلغ عددها هذه السنة عشرين بلدا نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر فرنسا وايطاليا واسبانيا والبرتغال واليونان وألبانيا وقبرص ومالطا وسيربيا وسلوفينيا. أما البلدان العربية فتحضر مصر ولبنان وفلسطين والأردن وسوريا والجزائر. وكل هذه البلدان سواء الأوربية منها أو العربية توحد بينها الثقافة المتوسطية التي تجعلها تنفتح على بعضها البعض من خلال الأفلام السينمائية القصيرة المقدمة. كما أن هذا المهرجان يمنح للسينمائيين وخصوصاً الشباب منهم فرصة الاستفادة من بعضهم البعض والتنافس فيما بينهم من أجل تقديم فن سينمائي راق. وتتكون لجنة التحكيم لهذه الدورة من المنتجة المصرية ماريان خوري، وباولا ستاراكيس (مركز السينما اليونانية)، والمخرجة المغربية سلمى بركاش، والإيطالي ويليام أزولا (مدير مهرجان لاسيتاديلا ديل كورتو)، والجزائري بوعلام عزيبي (مدير برامج كنال بلوس أوريزون)، والجامعي والناقد السينمائي المغربي حميد عيدوني، وسيترأسها المخرج المغربي المعروف فوزي بنسعيدي، الذي قدم أفلاماً هامة للسينما المغربية نذكر منها فيلم «ألف شهر» ويا له من عالم جميل» إضافة إلى مجموعة من الأفلام السينمائية القصيرة التي حققت نجاحاً ملحوظاً وخلفت أصداء قوية في المشهد النقدي السينمائي. وهذه اللجنة ستقدم ثلاث جوائز هي الجائزة الكبرى للمهرجان والجائزة الخاصة للتحكيم وجائزة السيناريو. أما الأفلام السينمائية المتوسطية القصيرة المشاركة فهي تبلغ 58 فيلماً قصيراً، أنتجت بين سنتي 2008 و2009، بعد أن تم إبعاد الأفلام السينمائية المتوسطية القصيرة التي قد أنتجت سنة 2007 لمشاركاتها في مهرجانات سينمائية عديدة، وحتى يضمن المهرجان فرصا أكبر للأفلام السينمائية المتوسطية الجديدة كي تبرهن عن حضورها. أما الأفلام السينمائية المغربية القصيرة فقد تم اختيارها من لدن لجنة فتكونت من كل من حسن نرايس (صحافي وناقد سينمائي) وإدريس أزدود (مدير مركز الدراسات الفنية والتعبيرات الأدبية والإنتاج السمعي البصري بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية) وأحمد بوغابة (صحافي وناقد سينمائي) وفريد الزاهي (أستاذ جامعي وناقد سينمائي)، ويترأسها الروائي والناقد السينمائي محمد صوف، لتشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان وهذه الأفلام كما تم الإعلان عنها: «ضحك بالدموع» لمحمد لبداوي و «بوبيا» لسامية الشرقيوي و «آلو بيتزا» لمراد الخوضي و «الفصل الأخير» لجيهان البحار و «التعيين» لرضوان وخالد فاضل. ويشهد المهرجان برنامجاً خاصاً بالأفلام السينمائية المغربية القصيرة والاحتفاء بها، خصوصا وأن جل المخرجين السينمائيين المغاربة الجدد الذين يبصمون السينما المغربية الآن بإبداعاتهم القوية قد سبق لهم التألق في هذا الميدان الصعب انطلاقاً من أفلامهم السينمائية القصيرة التي ما زالت حاضرة في المشهد السينمائي المغربي مثل «حالة حصار» لعلي الطاهري و «ولد من دون آلة تزحلق في قدميه» لنور الدين الخماري و«الأفق المحدود» لليلى المراكشي و «مقهى الشاطئ» لمحمد أولاد محاند و «خيط الشتا» (خيط المطر) لفوزي بنسعيدي و «حينما تسقط الشمس طيور الدوري» لحسن لغزولي و «مقبرة الرحمة» لأحمد الطاهري الإدريسي من دون أن ننسى الفيلم القصير ذا اللقطات المتسارعة «ساعي البريد الصغير» لنور الدين الخماري، وهذه كلها أفلام سينمائية قصيرة شكلت لحظة ظهورها ما اصطلح على تسميته بالموجة الجديدة في السينما المغربية، ليستمر هذا النشاط كله مع أفلام سينمائية قصيرة مغربية مثل أفلام كل من المخرجين محمد مفتكر وعز العرب العلوي لمحارزي وحميد باسكيط، وسواهم. ويشهد المهرجان أيضاً نقاشات حول الأفلام المشاركة كما جرت العادة بذلك في دوراته السابقة إضافة إلى مجموعة من الأنشطة الأخرى. وهكذا يكون مهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة الذي بلغ دورته السابعة هذه السنة قد استطاع أن يجد له مكاناً مهماً بين المهرجانات السينمائية المغربية، لكونه ينفتح على المجال السينمائي المتوسطي من جهة ولكونه يهتم بالفيلم القصير الذي يشكل قوة التعبير السينمائي المغربي في بعده الفني القوي من جهة أخرى.