ناقش خبراء من كبريات الشركات والمؤسسات الحكومية العاملة في السعودية على مدى يومين قضية التنمية الصناعية في المملكة، وذلك خلال أعمال المعرض والمؤتمر العالمي الأول للبتروكيماويات والتكرير في السعودية «بتروكيم أرابيا 2009»، الذي اختتم أعماله مساء أول من أمس، في مركز الظهران الدولي للمعارض بالدمام. وأكدت الشركات المشاركة التزامها بخطة تنويع الأعمال في المملكة، كما أعربت عن أملها برفع قيمة موارد البلاد الهائلة من المواد الخام ذات الكلفة المنخفضة. وتوضح التقديرات أن من المتوقع أن تبلغ قيمة صناعة البتروكيماويات في المملكة إلى ثلث قيمة قطاعات توليد الطاقة والبتروكيماويات وتحلية المياه المرجح أن تتجاوز تريليون ريال في المملكة. ومن شأن هذه الاستثمارات أن تضع السعودية بقوة على المسار الصحيح لتصبح مركزاً عالمياً لصناعة البتروكيماويات. وضمت قائمة الرعاة والمشاركين الرئيسيين داو للكيماويات، وإكسون موبيل، وأرامكو السعودية، التي ناقشت برنامج التنمية الصناعية الواعد في السعودية، وكيفية التغلب على التحديات التي يواجهها قطاع النفط والغاز والبتروكيماويات العالمي والإقليمي. وناقش المشاركون بيئة التمويل الحالية والمتوقعة، واستراتيجيات المشاريع المشتركة، ودور التكنولوجيا في التنمية الاقتصادية المستدامة للمملكة، وضمت قائمة المشاركين في المؤتمر قادة قطاع النفط والغاز والصناعات التحويلية. وقدم المدير التجاري لشركة «داو للكيماويات» في الهند والشرق الأوسط وأفريقيا الدكتور زهير علاوي، عرضاً تناول الدور المحوري الذي تلعبه التكنولوجيا والاستدامة في دفع التنمية الاقتصادية في المملكة. كما ألقى الضوء على كيف ساعد كل من استثمارات الحدّ الأدنى في بيئة الشركة والثقافة الصحية والوقائية على توليد خمسة بلايين دولار في مدخرات عام 2005. وقدمت شركة إكسون موبيل عرضاً مفصلاً حول توقعات الطلب على الطاقة حتى عام 2030، إذ توقعت أن يشهد قطاعاً توليد الطاقة والسيارات نمواً كبيراًً خلال تلك الفترة. وشهد المؤتمر عقد حلقة نقاش تحاورية بين الخبراء والحضور، انضم إليها كل من مدير المبيعات والتسويق لدى شركة أرامكو السعودية سليمان أبابطين، ونائب رئيس قسم التخطيط وتنمية المشاريع لدى شركة «سبكيم» الدكتور عبداللطيف بحيري، إضافة إلى الدكتور علاوي. وجرى خلال الحلقة التي حضرها أيضاً كبار المسؤولين من قطاع النفط والغاز وصناعة البتروكيماويات والهيئات الحكومية، تبادل المجتمعون الآراء حول ضرورة التعاون في هذا القطاع للتمكن من تحديد حاجات العملاء بشكل أفضل وخلق بيئة مستدامة وأكثر تنافسية، ومناقشة سبل مواجهة التحديات التي تواجه صناعة البتروكيماويات. وأوضح علاوي أن السعودية تشهد ثورة صناعية حديثة، وتؤمن شركة «داو» بالجهود التي تبذلها المملكة في سبيل جعل اقتصادها قائماً على المعرفة والتكنولوجيا، كما تدعم هذه الجهود. وأعرب عن اعتقاده بأنه من خلال دمج الاستدامة في المملكة ضمن جدول أعمال التنمية، سيكون من شأن السعودية أن تصبح مركزاً رئيسياً لتصدير حلول مبتكرة قادرة على تلبية حاجات الإنسان اليومية، وأنه لا يمكن أن تأتي مراعاة البيئة وتحقيق المسؤولية الاجتماعية والنجاح الاقتصادي بمعزل عن بعضها البعض. وأشار إلى أنه عند الحديث عن زيادة الاستخدام الفعال للموارد الهيدروكربونية، أو دمج تكنولوجيات توفير الطاقة في عمليات التصنيع، واحترام البيئة الطبيعية، وتعزيز الفرص المهنية والأكاديمية للمواهب السعودية، فينبغي التأكيد على ضرورة أن تشكل هذه التدابير جزءاً من استراتيجية تنمية اقتصادية شاملة تؤتي ثمارها للأجيال المقبلة، ومن دون أدنى شك، يتوجب أن تكون الاستدامة جزءاً لا يتجزأ من هذه الاستراتيجية. وأكد أن دول مجلس التعاون الخليجي تنتهج نهجاً سليماً يؤهلها إلى أن تصبح مركزاً عالمياً لصناعة البتروكيماويات، مع العديد من التوقعات التي تشير إلى وصول ما يقرب من 75 في المئة من مجموع الاستثمارات المتوقعة للبتروكيماويات لدول مجلس التعاون الخليجي. ومن الأمثلة على المشاريع التي نوقشت بشكل رئيسي خلال المؤتمر مجمع رأس تنورة التكاملي RTIP، وهو مشروع مشترك مقترح بين أرامكو السعودية وشركة داو للكيماويات، ويمثل أضخم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلاد في قطاع البتروكيماويات، كما يعد بمثابة أضخم مصنع للبتروكيماويات يجري بناؤه على مرحلة واحدة في العالم. وكانت «داو» أعلنت أخيراً نيتها بناء مركز «داو الشرق الأوسط للأبحاث والتطوير» في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا، كما كانت من أبرز المشاركين في المؤتمر، ما يشير إلى نظرة الشركة إلى المملكة كجزء لا يتجزأ من الاستراتيجية التنموية في الشرق الأوسط. يذكر أن تواجد شركة داو في المملكة العربية السعودية يعود إلى عام 1976، عندما أبرمت الشركة اتفاق شراكة تسويقية مع مجموعة شركات «إبراهيم الجفالي وإخوانه» الصناعية، ومنذ ذلك الحين، بدأت السعودية تلعب دوراً حاسماً في صياغة نهج داو التجاري في منطقة الشرق الأوسط.