غادة الحوطي بروفيسورة سعودية، توصلت في بحوثها إلى إمكان إجراء العمليات دون الحاجة إلى جراحة، ولأنها تعمل في بيئة تؤمن بالقدرات الفردية والنبوغ العلمي، سواء كان هذا النبوغ مذكراً أو مؤنثاً، فقد منحتها ولاية كاليفورنيا معملاً خاصاً بها مع مجموعة من المبدعين أمثالها، يقدر بالملايين. أيضاً اختيرت سيدة الأعمال السعودية نورة يحيى صديق رئيسة لاتحاد الخليج الدولي للتزيين بعد أن قدمت دراسة عن مخاطر مستحضرات التجميل ومخاطر العمل في صالونات التجميل، كذلك حصلت الطالبة المبتعثة هند ثلاب الجعيد، على عضوية جمعية المفتاح الذهبي للشرف العلمي، التي تمنح للطلبة المتفوقين في جامعة جريف الاسترالية. هذه الأخبار المفرحة التي طالعتنا بها صحفنا المحلية، إضافة إلى خبر تأنيث الأقسام الرجالية في تعليم البنات، تدعونا إلى التفاؤل بمستقبل النساء السعوديات، فالنبوغ والتفوق ليسا صنعة رجالية ولا مؤسسة محتكرة للرجال فقط، فالمرأة إذا ما وجدت المناخ الملائم الذي يحترم إنسانيتها أولاً، ويقدر جهودها ويحتفي بها، ومن ثم يتعامل مع عقلها بجدية وإيمان مطلقين، فمن دون شك سيأتي المردود الإيجابي لأفكارها وأعمالها ومواهبها. هنالك الكثير من الفتيات المؤهلات والموهوبات، القابعات في منازلهن، فلا وجدن فرصة للعمل في تخصصاتهن ولا وجدن فرصة أخرى تنتشلهن من الفراغ في ظل تنصل الجهات المسؤولة من توظيفهن، فالأولوية للطالبات الخريجات حديثاً وترك الخريجات القديمات تحت طاولة النسيان، حتى بلغ اليأس بهن مبلغاً مؤلماً. ترى لو كانت هذه الأسماء النابغة، هنا في الداخل تحت وطأة المحرم، والعيب، ونقصان العقل والدين، ماذا سيكون مصيرها سوى التعقيد والمحاربة والتشكيك في القدرة والتأهيل حتى تتلاشى في عالم التخلف والجهل العام المسيطر على عقول الكثير من المجتمع الرافض لكل تنوير وتحديث ونبوغ؟ والدليل تلك المعارك الطاحنة بين كتاب «الانترنت» الذين تبرأوا من الدكتورة «غادة» لأنها كاشفة عن وجهها، ونفي انتسابها لقبيلتها كأن هذه القبيلة هي التي صنعت عقلها المفكر وليس العلم والعمل الدؤوب، فالله سبحانه وتعالى يثيب الذين ينفعون بأعمالهم البشرية ويخدمونها، وليس أولئك المتفاخرين بالقبيلة، حتى جامعة الملك عبدالله الجديدة في «ثول» لم تسلم من همزهم ولمزهم وبواسطة علماء أحرقوا أسماءهم بتنطعهم وغلوهم، معتقدين أنهم ينقذون البشرية، وهم بذلك يجرونها إلى هاوية الخواء العلمي والفكري، متسلطين على الأمة والجهلة بآرائهم الأحادية، الواضحة الأهداف، وهذا بحد ذاته يستدعي من كل مواطن ومواطنة التصدي لهم، وعدم الالتفات إلى آرائهم المشوهة، لحرمان الناس من حقوقهم المشروعة. أما بالنسبة لتأنيث تعليم البنات، وقد أشرت إلى هذا الموضوع في سلسلة مقالات كتبتها هنا بعنوان «إلى نورة الفايز مع التحية»، فما زلت أظن أن هذه الخطوة متسرعة جداً لأسباب منها: أن بعض السيدات اللاتي يتصدرن مقاعد الإدارة النسائية في وزارة التربية والتعليم، سواء كن مشرفات، أو إداريات، أو مديرات لمكاتب الإشراف، هن أشد ديكتاتورية من الرجال وهضماً لحقوق زميلاتهن المعلمات حتى في الأوامر الصادرة من مجلس الوزراء، أو التعاميم الصادرة من الوزارة نفسها، بل وفي بعضهن الكثير من أفكار التشدد، مما يسهل معه تمرير ما يسمى بالمنهج الخفي المخالف لأهداف الوطن، وإذا كان لابد من هذه الخطوة السريعة فأتمنى أن تكون مدروسة ومخطط لها بحيث لا تصل إحداهن إلى منصب إلا بعد التأكد من صلاحيتها مهنياً، وخدمته بإخلاص مطلق خالٍ من الأهواء والأهداف التي تتنافى مع مصالح الوطن وخدمة التربية. [email protected]