شعر العقاريون مع بداية العام بأنهم مقبلون على فترة انتعاش بسبب المؤشرات الإيجابية على بداية تعافي الوضع الاقتصادي، واعتقادهم بأن المستثمرين سيعودون من جديد إلى العقار باعتباره أكثر ضماناً وأمناً ومدفوعين بالحاجة لوحدات سكنية لم يتم الاهتمام ببنائها خلال السنوات الماضية، وبداية أزمة سكنية حقيقية شخصت على أنها مقبلة في السنوات المقبلة، ما جعلهم يتمسكون بالأسعار المرتفعة التي سجلت خلال 2007. وقال العقاري محمد الفرج ان النمو الاقتصادي الكبير الذي شهدته البلاد في السنوات الخمس الماضية دفع إلى التفكير الجدي في تنمية هذا القطاع، بمستوى الحاجة إليه وبما يخدم النمو السكاني السنوي في عدد المواطنين والعمالة، ودفع بالتفكير إلى ضرورة أن تتم صياغة رؤية واضحة للاستثمار المثالي في العقار، خصوصاً ونحن نشهد تكون شركات عقارية كبيرة في المملكة بهدف الاستثمار في العقار، وكذلك تطوير أساليب الإقراض في التمويل العقاري. وأوضح أن ارتفاع أسعار العقارات أمر طبيعي، إلا أن الارتفاعات بنسب كبيرة هو غير الطبيعي والذي يضر بالعقارات ويحدث اختلالات لا تتناسب ونمو القطاع ويصيبه بالركود، وقال ان السوق بحاجة إلى توافق بين وزارة التجارة والصناعة وأمانات المناطق لتوفير الأراضي المخططة والواقعة ضمن التمدد العمراني لمختلف أنواع المدن، حتى تكون هنالك وفرة في المعروض تتناسب وحجم الطلب. من جانبه، قال العقاري عبدالله الدوسري ان الحديث عن حاجة البلاد إلى مئات الآلاف من الوحدات السكنية أصبح يبعث الهموم، خصوصاً أننا لا نرى من الوزارات المعنية اهتماماً يتناسب وحجم هذه المشكلة. وأضاف أن بعض العقاريين يستغلون الحاجة للمسكن ويقومون بالتلاعب في الأسعار، لافتاً إلى أن حديث المكاتب العقارية خلال الفترة الماضية كان عن انفراج قريب في بعض المخططات الواقعة على طريق المطار في مدينة الدمام، وهي مخططات مجمدة منذ نحو 5 سنوات بسبب تعديات على أراض لشركة أرامكو السعودية، وجميع المكاتب تعلم أن هذه المشكلة متكررة في كثير من المخططات في الدماموالقطيف، ومع ذلك سيتم في القريب تسويقها إلى الناس قبل أن يحدث الأمر بصورة رسمية. وأشار إلى أن مشكلة المخططات تزداد حدة في مدن مثل القطيف وصفوى وسيهات والجبيل التي يبدو أن الأمانة غير جادة في إيجاد مخططات سكنية فيها، متعذرة بأنه لا توجد أراض فيها للتخطيط، وتضع عينها على الشواطئ لتقوم بدفنها، وهذا ما يعارضه دعاة البيئة ووزارة الزراعة، وهيئة الأرصاد وحماية البيئة في المنطقة، لأنه يدمر الحياة البحرية في شواطئ المملكة، الذين يؤكدون أن الأراضي الصحراوية هي الأولى بالتطوير. بدوره، قال العقاري عبدالجليل خميس ان الأراضي في المخططات خارج النطاق العمراني في محيط حاضرة الدمام شهدت ارتفاعاً خلال النصف الأول من العام الحالي، بلغ في بعض المخططات 100 في المئة، وقفزت الأسعار من 80 ريالاً للمتر إلى أكثر من 160 ريالاً للمتر على رغم أنها غير مخططة. وقال ان التوجه الحالي إلى هذه المناطق هو هروب من مخططات طريق المطار التي أصبح معظمها متعثراً بسبب التعديات، على رغم المحاولات الجارية لحل المشكلات حولها، خصوصاً أنها بيعت وهي متعثرة. وحول منطقة الجبيل أشار إلى أن الاستثمار فيها ينصب في المناطق التي تبعد عن المناطق الصناعية وطريق أبو حدرية، مرجحاً أن إيصال الخدمات إليها «سيسهم في رفع أسعارها بشكل سريع». يذكر أن حجم التطوير العقاري في المملكة حالياً يتراوح بين 95 و125 بليون ريال سنوياً وأن عدد الوحدات السكنية المطلوبة سنوياً تتراوح بين 145 و200 ألف وحدة سكنية، وهذا الرقم يشكل تحدياً أمام العقاريين والمطورين لمواجهة الطلب المتزايد، إذ قدر عدد الوحدات السكنية المطلوبة خلال الخمس عشرة سنة المقبلة بما يقارب 4 ملايين وحدة سكنية في ظل النمو السكاني خلال المدة نفسها، إذ من المتوقع أن يصل عدد السعوديين في المملكة حتى عام 2020 إلى نحو 30 مليون نسمة، فضلاً عن الزيادة المتوقعة في عدد العمالة الأجنبية. وتشير تقارير إلى أن الوحدات المطلوبة والمتأخرة من السنوات السابقة بلغت 870 ألف وحدة سكنية، وأن أكبر فجوة في حجم الطلب هي في مدينتي الرياضوجدة، إذ إن حاجة مدينة جدة وحدها في الوقت الحاضر تبلغ أكثر من 45 ألف وحدة سكنية جديدة، لذلك يتركز معظم أعمال الشركات العقارية التي أنشئت خلال الفترة الماضية في هاتين المدينتين، بسبب النمو السكاني العالي فيهما، إضافة إلى كونهما نقطة جذب بسبب فرص التعليم والأعمال، التي تفتقر إليهما المناطق الأخرى.