أعلن نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني الأربعاء، أن تقرير مجلس الشيوخ حول استخدام عناصر من وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية "سي آي ايه" وسائل تعذيب خلال عمليات استجواب إرهابيين مشتبه بهم، "كلام فارغ"، فيما انضمت تركيا إلى حملة الإدانات الدولية، وسط توقعات بألا يغير التقرير من عمل "سي أي إيه" كثيراً. وشدّد تشيني الذي تولى منصبه إبان رئاسة جورج بوش الإبن بين 2001 و2009، وهي الفترة التي شهدت تقنيات الإستجواب المشددة من قبل "سي آي ايه"، على أن البرنامج كان مبرراً تماماً. وقال تشيني لشبكة "فوكس نيوز" الأميركية: "لقد قمنا بما كان يفترض بنا القيام به تماماً، للقبض على المسؤولين عن اعتداءات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 ولمنع شن أي هجمات جديدة، ولقد نجحنا في الأمرين". وأضاف أن "هذا التقرير كلام فارغ" معتبراً أنه "مليء بالشوائب" ولم "يتحدث إلى الأشخاص الأساسيين المعنيين بالبرنامج". وكشف التقرير المؤلف من 500 صفحة والذي نشر الثلثاء، أن وسائل الإستجواب التي استخدمت ضد المعتقلين المشتبه بانتمائهم الى تنظيم "القاعدة"، والتي تشمل الضرب والحرمان من النوم والإيهام بالغرق، كانت اسوأ مما كان معتقداً، ولم تساعد في الحصول على المزيد من المعلومات من المعتقلين. وختم التقرير بأن بوش لم يتبلغ تفاصيل التقنيات إلا في العام 2006، أي بعد أربع سنوات على بدء استخدامها من قبل "سي آي ايه"، وأنه أعرب عندها "عن عدم الإرتياح". ونفى تشيني أن يكون بوش على غير علم، وشدّد على أن الرئيس السابق كان "جزءاً اساسياً من البرنامج، وكان لا بد من الحصول على موافقته". ولكنه بدا غامضاً عند سؤاله حول ما إذا كان بوش على علم بتفاصيل بعض عمليات الإستجواب، وقال "لقد تباحثنا في الأساليب ولم نبذل أي جهد لإخفاء الأمر عنه". وأضاف تشيني أن المحققين كان عليهم لزوم القسوة ازاء مشتبه به مهم، مثل خالد الشيخ محمد العقل المدبر لاعتداءات 11 أيلول. وتسائل: "ماذا كان عساهم أن يفعلوا؟ أن يقبلوه على وجنتيه ويتوسلوا إليه أن يطلعهم على ما يعلمه؟ بالطبع لا". إدانات دولية وأثار التقرير استنكاراً دولياً، لا سيما من إيران والصين وأخيراً تركيا التي انضمت الخميس الى حملة الإدانات الدولية. وصرّح وزير الخارجية التركي مولود شاوش اوغلو في مؤتمر صحافي في أنقرة "الشفافية مهمة، لكنها لا تضفي الشرعية على التعذيب الذي تمت ممارسته". وقال إن "المعاملة التي تحدث عنها التقرير بالتفصيل غير مقبولة وغير إنسانية". وذلك على الرغم من إعراب "هيومن رايتس ووتش" والإتحاد الأوروبي كل على حدة، عن قلقهما الخميس حيال مشروع قانون مثير للجدل قدمته الحكومة الإسلامية المحافظة في تركيا، ويقضي بتعزيز سلطات الشرطة في البلاد إثر أعمال الشغب أثناء التظاهرات الدامية الموالية للاكراد. إلى ذلك أدى تقرير مجلس الشيوخ إلى ردود أفعال كشفت العديد من السجون السرية التي أقامتها "سي آي ايه"، في دول عدة كبولندا وليتوانيا وأفغانستان، فيما نفت تايلاند تقريراً أفادت بأن "سي آي ايه" كانت تدير سجناً سرياً على أراضيها. وقال بارادورن باتاناتابوتر الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي التايلاندي، وهو مستشار لرئيس الوزراء برايوت تشان اوتشا ل"رويترز": "لم نسمح للولايات المتحدة قط باستغلال أراضينا في عمليات الإعتقال او التعذيب، ولم نتلق مطلقاً اي طلبات للقيام بهذا". "سي آي ايه" لم تتأثر كثيراً وفي سياق منفصل، توقع خبراء أن التقرير حول التعذيب لن يغير أولويات وكالة الإستخبارات الأميركية، إذ على الرغم من أن ديان فينستين رئيسة لجنة الإستخبارات في مجلس الشيوخ التي أعدت التقرير اعتبرت أن اعمال "سي آي ايه" تعتبر "وصمة على قيمنا وتاريخنا"، إلا أن غالبية أعضاء الكونغرس يؤيدون هذه العمليات السرية، التي تعتبر أساسية في مكافحة أعداء مثل تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش). وحتى الذين يوجهون انتقادات شديدة للوكالة على غرار السناتور الديموقراطي مارك اودال، فهم يدعمون اهدافها العامة. وبعد نصف ساعة من الانتقادات الحادة أمام مجلس الشيوخ، أعرب فيها اودال عن أسفه لكون الوكالة "لا تعترف بأفعالها" ودعوته الى استقالة مديرها جون برينان، إلا أن اودال اعرب عن أمله في أن يكون للتقرير حول التعذيب اثر إيجابي على الوكالة. كما استبعد السناتور الجمهوري ساكسبي شامبليس أي قيود على ميزانية الوكالة كإجراء عقابي. وأكد انها اليوم على الطريق الصحيح، قائلاً: "نعمل بشكل مختلف اليوم وأعتقد أن هذا سيساعدنا على المدى الطويل".