تستعد تركيا لتكثيف جهودها الديبلوماسية خلال هذا الشهر في مثلث القوقاز والبلقان والشرق الاوسط، سعيا الى التأسيس لخطوات هدفها حلحلة بعض المشكلات السياسية في القوقاز واحتواء اخرى قد تنفجر في البلقان وتعزيز روابط التعاون والتكامل مع الشرق الاوسط. وذلك من خلال سلسلة لقاءات وزيارات مكوكية يقوم بها وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو هذا الشهر. ففي القوقاز تستعد تركيا لخطوة مهمة على طريق المصالحة مع ارمينيا وانشاء علاقات ديبلوماسية معها من خلال توقيع بروتوكول خريطة طريق، يعقد في زوريخ في العاشر من الشهر الجاري على مستوى وزاري. في حين تستعد انقرة لاستقبال الرئيس الارمني سيرج ساركسيان في 14 الشهر لحضور مباراة في كرة القدم بين البلدين ضمن تصفيات كأس العالم، ردا على زيارة مماثلة قام بها الرئيس التركي عبدالله غل لارمينيا العام الماضي. لكن الخارجية التركية ستتابع عن قرب حتى ذلك التاريخ سير اجتماعات منظمة الامن والتعاون التي ستعقد في العاصمة المولدافية، والتي من المنتظر أن يجتمع على هامشها الرئيسان الارمني والاذري من أجل البحث في مشكلة قره باغ، والتي تسعى تركيا الى حلحلة عقدها بالتوازي مع مسيرة تطبيع العلاقات مع ارمينيا. وفي التاسع من الشهر تستضيف تركيا اجتماعا لوزراء خارجية دول جنوب شرق اوروبا من أجل البحث في خطط للتعاون في البلقان. وعلى هامش اللقاء يجمع داود اوغلو مع وزيري خارجية البوسنة والهرسك وصربيا في لقاء ثلاثي لا سابق له، للبحث في احتمالات تطور الاوضاع في البلقان مع قرب نهاية العمل باتفاق دايتون والاستفتاء في البوسنة على وضعها النهائي، الامر الذي ينذر باحتمالات انفجار ازمة اذا لم يتم التنسيق بين الصرب والكروات والبوسنيين. وفي الثالث عشر من الشهر يتوجه داود اوغلو الى حلب لتوقيع اتفاق رفع التأشيرات بين تركيا وسورية. ويعبر الوزير التركي الحدود برا مع نظيره السوري وليد المعلم من حلب الى عنتاب التركية، في مسيرة رمزية لتدشين عهد جديد من العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. ويتبع ذلك توطيد العلاقات مع بغداد التي تستضيف في الاسبوع الثالث من الشهر اجتماعا حكوميا مشتركا، يحضره رئيسا وزراء البلدين رجب طيب اردوغان ونور المالكي في اول اجتماع على هذا المستوى، ضمن اتفاق التعاون الاستراتيجي بينهما، لمناقشة العشرات من المشاريع الاقتصادية والامنية والسياسية المشتركة. في هذه الاثناء تتابع تركيا عن كثب حوار ايران مع الدول الكبرى، قبل أن يتوجه رئيس وزرائها ووزير خارجيتها الى طهران نهاية الشهر. وفيما اعلن داود اوغلو رفض بلاده فرض اي عقوبات على طهران، يوجه نظره الى لبنان حيث يأمل بأمل أن تتشكل حكومته هذا الشهر، بعد نجاح الوساطة التركية مع دمشق، والتي افضت الى زيارة الرئيس بشار الاسد لجدة، وبعد لقاء سري في أنقرة مع مبعوثين عن بعض الاطراف المعنيين في هذا الامر في لبنان. ويختتم داود اوغلو الشهر بزيارات لباكستان والامارات و ماليزيا، مستثنيا اسرائيل على ما يبدو حتى الان لرفضها السماح له بزيارة غزة وبعد نفيه بشكل قاطع ان يكون التقى وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان في نيويورك. وتأتي هذه التحركات بعد جولة وزير الخارجية التركي على المنطقة زار خلالها لبنان ومصر والاردن وسورية والعراق وايران خلال الشهرين الماضيين، وبعد اعلانه استراتيجية انهاء جميع الخلافات مع الجيران والسعي الى تكامل اقتصادي معهم والسعي الى انشاء آلية سياسية وأمنية اقليمية لمنع اندلاع النزاعات وتقليل التدخلات الخارجية في شؤون المنطقة.