تبدو حكاية «الثلاثي جبران»، سمير ووسام وعدنان، عازفي الأعواد الفلسطينيين، مرتبطة إلى درجة الالتصاق أحياناً بمرافقتهم للشاعر الكبير الراحل محمود درويش في 32 أمسية شعرية له حول العالم، على مدار أكثر من 13 عاماً، داعبت خلالها موسيقاهم أشعاره المتجددة، ورفعوا في بعضها أيديهم متشابكة بيديه عند تحية الجمهور... صفق لهم كثيراً، وانحنوا انبهاراً بأشعاره أكثر، وكانت بينهم روايات وذكريات لا تنسى، حتى إنهم وفي ذكرى أربعينه قدموا عملهم «في ظل الكلام»، الذي انطلق من رام الله إلى الكثير من العواصم العربية والأوروبية، وباتت اسطوانته «الهدية القومية» التي يقدمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى قادة العالم وزعمائه. إلا أن حكاية «الثلاثي جبران» وموسيقاهم مع السينما ليست حكاية هامشية، بل لها حضور بدأ يتنامى في السنوات الأخيرة، فهم ليسوا فقط «أبطال» الفيلم التسجيلي «ارتجال» للمخرج الفلسطيني رائد أنضوني، الذي يتحدث عن تجربتهم، وسبق له أن حصد الكثير من الجوائز العربية والعالمية، وعرض في أهم المهرجانات حول العالم، وفي أهم المحطات الفضائية العربية والأوروبية، بل إنهم ومنذ وضعهم موسيقى أحد أفلام المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، يواصلون رحلتهم الموسيقية مع السينما الفلسطينية والعالمية. على الصعيد الفلسطيني، وضع «الثلاثي جبران»، ويقيمون في باريس، موسيقى الكثير من الأفلام ذات الشهرة العالمية، كان آخرها اختيار المخرجة الفلسطينية نجوى نجار موسيقى الثلاثي جبران لتكون الموسيقى الرئيسة في فيلمها الروائي الأول «المر والرمان»، والذي أثار الكثير من الجدل عند عرضه أخيراً في الأراضي الفلسطينية، كونه يتناول المعاناة النفسية والجسدية لزوجات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وعلى صعيد عالمي، وضع الثلاثي جبران، موسيقى الفيلم الفرنسي «وداعاً جيري»، في حين كان لموسيقاهم المعلبة في اسطوانات حضور في الكثير من الأفلام وحتى المسلسلات الأوروبية والأميركية، من بينها مسلسل نروجي عرض قبل أشهر. ومن أهم إنجازات «الثلاثي جبران»، في الأشهر الأخيرة، على صعيد السينما، قيامهم بوضع موسيقى فيلم «الرحلة الأخيرة» من بطولة الفرنسية ماريون كوتيار (الحاصلة على جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة في العام 2008) وإخراج كريم دريدي الفرنسي من أصول تونسية... وهو واحد من أكبر الإنتاجات السينمائية الأوروبية لهذا العام. وعن هذا الإنجاز العالمي، يقول سمير جبران: «رافقنا فريق التصوير في الصحراء المغربية في آذار (2009)، وقمنا بإعداد موسيقى الفيلم في الأشهر الثلاثة التالية... خصوصية هذا الفيلم تكمن في الإنتاج الضخم المرافق له، وانحياز القائمين عليه إلى الموسيقى الشرقية، على عكس العادة الدارجة التي تتمحور حول اختيار موسيقى أوركسترالية لترافق المشاهد الطويلة لفيلم كهذا». ويضيف جبران: «قمنا بإعداد كامل الموسيقى للفيلم، المقرر افتتاح عروضه في تشرين الثاني (نوفمبر) في دور السينما الفرنسية، والمتوقع أن يحضره أربعة ملايين متفرج في الأسابيع الثلاثة الأولى لعرضه»... تم اعتماد 56 دقيقة من موسيقى الثلاثي جبران لفيلم مدته تقترب من التسعين دقيقة، وهذا إنجاز بحد ذاته... «أعتقد أنه إنجاز مهم ليس لنا كموسيقيين فلسطينيين بل كموسيقيين عرب... الموسيقى تعكس هوية الثلاثي جبران، وقامت أوركسترا فرنسية محترفة بمشاركتنا في العزف في مقاطع عدة». ويكشف جبران أن ثمانية سيناريوات لأفلام عربية وعالمية قدمت للثلاثي جبران في الأشهر الأخيرة، ليقوموا بإعداد الموسيقى الخاصة بها... ويقول: «لا نزال ندقق في الاختيارات، وننتظر ردود الفعل على موسيقى فيلم «الرحلة الأخيرة» عند بدء عروضه، خصوصاً أن السينما عالم كبير ومبهر، ونخشى أن يؤثر انشغالنا في إعداد الموسيقى لأفلام عالمية في عروضنا الموسيقية على خشبة المسرح... العروض الموسيقية هي الأساس بالنسبة إلينا». ويتحدث جبران، عن نيته وشقيقيه العمل بجد لتقديم عرض لموسيقى الفيلم في رام الله، مع مطلع العام 2010، برفقة العازفين الفرنسيين في الأوركسترا المرافقة لهم بفيلم «الرحلة الأخيرة»، خصوصاً أن ثمة سباقاً بين الشركتين العالميتين «يونيفيرسال»، و «هارمونيا موندي»، على توزيع اسطوانة موسيقى الفيلم، وأسطوانة ال «ميكنغ أوف» (مراحل تأليف الموسيقى وتسجيلها)، معرباً عن أمله بتحقيق الفيلم الكثير من الجوائز العالمية... ويقول: «لا تهمنا الجوائز، بقدر ما يهمنا تمكننا من اقتحام السينما الأوروبية والعالمية بموسيقانا الفلسطينية العربية الشرقية».