استضافة الدورة السادسة للألعاب الفرنكوفونية (افتتحها الرئيس ميشال سليمان مساء امس، واستعرضت الوفود في احتفاليات باهرة أضاءت سماء بيروت) أكدت عودة لبنان الى الساحة الدولية لما يشكل الحضور العالمي والعربي، الرياضي والثقافي، من شهادة على قدرته في تخطي الصعاب والخروج من الأزمات، وآخرها ازمة تشكيل الحكومة العتيدة برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري الذي ينهي غداً الثلثاء مشاوراته غير الملزمة مع الكتل النيابية للوقوف على رأيها من تأليف الحكومة، فيما بدأ التفاهم بين المملكة العربية السعودية وسورية في شأن لبنان يستعيد عافيته في ضوء المحادثات التي عقدت اخيراً بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس بشار الأسد على هامش افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في جدة. وفي هذا السياق قالت مصادر سياسية لبنانية مواكبة لمحادثات خادم الحرمين الشريفين والرئيس الأسد ان مفاعيلها الإيجابية باتجاه التسريع بتأليف الحكومة في لبنان ستظهر تباعاً وعلى مراحل، وإنما بعد انتهاء الحريري من مشاورات التأليف مع الكتل النيابية. وكان الأسد بعث امس برسالة الى خادم الحرمين. وأفادت «وكالة الأنباء السعودية» أن وزير الثقافة والإعلام عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة تسلم الرسالة خلال استقباله في جدة أمس نظيره السوري محسن بلال. وأكدت المصادر اللبنانية ان القيادات الرئيسة في لبنان كانت تبلغت عبر تواصلها مع كبار المسؤولين السعوديين والسوريين ان محادثات عبدالله - الأسد كانت دافئة وأنها ستنعكس ايجاباً على الساحة اللبنانية ليأتي التكليف الثاني للحريري بتشكيل الحكومة بعد اعتذاره الأول لمصلحة التغلب على العقبات التي ما زالت تؤخر ولادة الحكومة الجديدة. ودعت المصادر نفسها الى عدم حرق المراحل في التعاطي مع المناخ الإيجابي المترتب على لقاء عبدالله - الأسد والتريث لبعض الوقت الى حين معاودة الحراك السعودي باتجاه دمشقوبيروت في مهلة أقصاها النصف الثاني من الأسبوع الحالي، مؤكدة أن القوى المعنية بتأليف الحكومة ستضطر الى مراجعة مواقفها وإعادة النظر في حساباتها للتكيف مع مستلزمات التفاهم السعودي - السوري الذي لن يسمح بتعطيل عملية التأليف وسيضغط باتجاه ضبط إيقاع الأطراف المعنية، وخصوصاً بعضها الذي لن يكون قادراً على إعاقة التكليف الثاني للحريري. وإذ نوهت المصادر بانفتاح معظم القوى على معاودة التواصل بين الرياضودمشق واستعدادها للتعاطي مع الجهود المشتركة بمرونة، فإنها لفتت في المقابل الى ضرورة مراقبة التصرف الإيراني تجاه لبنان للتأكد من مدى استعداد طهران من موقع علاقتها المباشرة بحزب الله وقوى أخرى في المعارضة للتعاون في ترجمة النيات السعودية - السورية الى خطوات عملية تستدعي من الجميع الاستعداد لتقديم التنازلات المتبادلة لإخراج لبنان من أزمة تأليف الحكومة. وأمس أخذ اللبنانيون إجازة من السياسة وهمومها، وعاشوا احتفالاً شعبياً «راقياً» مبهراً ملوناً مشعاً بالأضواء والأمل، هو قصة «الذهاب والعودة»، وتوّج بوصلة غنائية لماجدة الرومي والسنغالي يوسو ندور سفيري النوايا الحسنة في الأممالمتحدة. وتجمع الألعاب اكثر من 3 آلاف مشارك في أنشطة رياضية وثقافية وفنية من 42 بلداً، وتستمر حتى 6 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وتتصادف والعيد ال20 لانطلاق هذه الألعاب الهادفة الى التواصل والتعاون وتعزيز الحوار. وتحت شعار «تضامن، تنوع، تفوق»، تقام الألعاب التي شهد حفلة افتتاحها نحو 25 ألف متفرج في مدينة كميل شمعون الرياضية في بيروت، تقدمهم الأمين العام للمنظمة الفرنكوفونية السنغالي عبدو ضيوف، ورئيس الحكومة الفرنسي فرنسوا فيون، والأمير البير دو موناكو، وقادة ووزراء ومسؤولون من البلدان المشاركة، الى أركان الدولة اللبنانية وفاعلياتها. وحيّا ضيوف نجاح لبنان وشعبه الحيوي، الذي تخطى الصعاب على مرّ العصور مقدماً إرثاً حضارياً غنياً يختصر ما ترمز اليه الفرنكوفونية وتنادي به.