القدس المحتلة، نيويورك، واشنطن، لندن – أ ب، رويترز، أ ف ب – برز أمس تناقض في تصريحات المسؤولين الإيرانيين حول المنشأة النووية الجديدة لتخصيب اليورانيوم القريبة من مدينة قم، إذ أعلن رئيس المنظمة الايرانية للطاقة الذرية علي اكبر صالحي أن المنشأة ستكون صالحة للعمل «في غضون نحو سنتين»، فيما أشار مدير مكتب مرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي الى انها «ستبدأ العمل قريباً وستُبهر الأعداء». جاء ذلك بعد ساعات على تلويح الرئيس الاميركي باراك اوباما ضمناً بالخيار العسكري ضد طهران، مؤكداً في الوقت ذاته تمسكه بالديبلوماسية، قبل ايام من اجتماع ايران مع الدول الست المعنية بملفها النووي، في جنيف مطلع تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. ووسط ردود الفعل المتسارعة إثر «صدمة» كشف إيران المنشأة، كان اللافت أمس إعلان «الحرس الثوري» عزمه على إجراء «مناورات صاروخية» ابتداءً من اليوم، «لصيانة قدرات القوات المسلحة وتطويرها»، كما أوردت وكالة «مهر». في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أنه سيزور إيران الشهر المقبل، ويثير موضوع البرنامج النووي مع الرئيس محمود أحمدي نجاد. ورداً على سؤال حول تلويح أوباما ب «عقوبات مؤلمة» لإيران، اعتبر اردوغان ان «هذه العقوبات لن تجلب الخير لشعب (إيران)، لذلك أعتقد بأن علينا أن نلزم الحذر»، مشيراً الى ان تركيا دعت ايران الى التعامل ب «شفافية» مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ونقلت وكالة «فارس» عن محمد محمدي غلبايغاني مدير مكتب خامنئي قوله: «بعون الله سيبدأ هذا المصنع (المنشأة) الجديد العمل قريباً وسيُبهر الأعداء». وأضاف إن إنشاء المفاعل مؤشر الى أن بلاده أصبحت في «ذروة القوة». لكن صالحي أشار الى ان موقع المنشأة سيكون «عملانياً في شكل كامل في غضون نحو سنتين»، نافياً نصب أجهزة طرد مركزي فيه. وقال للتلفزيون الإيراني ان «الموقع الجديد سيوضع تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وسنقوم بتخصيب اليورانيوم فيه بنسبة أقصاها 5 في المئة»، متسائلاً: «لو كان الموقع ذا طابع عسكري، كيف نفسّر انه سيكون تحت إشراف الوكالة»؟ وزاد: «بناء هذا الموقع هو إجراء احتياطي لتفادي اي حدث غير مرغوب فيه. مع كل التهديدات التي نواجهها يومياً، من واجبنا تفريق (مواقع) منشآتنا لحمايتها ومواصلة نشاطاتنا النووية». وأوضح صالحي ان «الموقع موجود على الطريق بين طهران وقم»، فيما أفادت مصادر بأنه أقيم في معسكر ل «الحرس الثوري». وذكر صالحي ان إعلان طهران طوعاً عن المنشأة «أحبط مؤامرة» للغرب، مبدياً «ذهول» بلده الذي كان «يتوقع ترحيب الدول الغربية» بإعلان طهران وجود الموقع قبل المهلة التي حددتها الوكالة الذرية لذلك. وقال مصدر مطلع ل «الحياة» في طهران ان ايران حاولت توقيت الكشف عن المنشأة، بعد اتضاح سعي الدول الغربية الى ممارسة مزيد من الضغوط عليها، استباقاً لمحادثات جنيف. وأضاف ان طهران حاولت الضغط على هذه الدول من خلال هذا الإعلان، إذ يريد كبير المفاوضين النوويين سعيد جليلي إرغام الدول الغربية على وضع اطار للمفاوضات يكون واضحاً في أجندته لجهة الزمان والمكان والموضوعية. وكان اوباما اعتبر ان وجود تلك المنشأة يشكل «استمراراً لنمط مزعج من التملص الإيراني». وقال في خطابه الإذاعي الاسبوعي ان التطورات الاخيرة «تجعل الاجتماع المتوقع في الاول من تشرين الأول، اكثر إلحاحاً». وفي مؤتمر صحافي عقده في ختام قمة مجموعة العشرين في بيتسبرغ، قال أوباما: «كررت دائماً اننا لا نستبعد أي خيار عندما يتعلق الامر بمسائل الأمن القومي الاميركي، لكنني أريد ان اشدد مجدداً على انني افضل الحل الديبلوماسي. وعندما نجد ان الديبلوماسية لا تنجح، سنكون في موقف اقوى بكثير كي نطبق عقوبات مؤلمة مثلاً». أما وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس فاعتبر ان من الخطأ استبعاد العمل العسكري، مشيراً في الوقت ذاته الى إمكان اعتماد الديبلوماسية. وقال لشبكة «سي أن أن» التلفزيونية ان «كل خيار عسكري لن يؤدي سوى الى كسب الوقت»، معتبراً ان هجوماً محتملاً على ايران سيؤخر برنامجها النووي «من سنة الى ثلاث سنوات». واستدرك ان «الطريقة الوحيدة لمنع ايران من امتلاك سلاح نووي، هي ان تدرك حكومتها ان هذا السلاح يضعف أمن (البلد) بدلاً من أن يرسخه». وأكد غيتس لشبكة «أي بي سي» التلفزيونية ان «الايرانيين ينوون الحصول على السلاح النووي»، متسائلاً: «اذا لم يكن برنامجهم النووي مخصصاً سوى لأهداف مدنية، فلماذا لم يكشفوا وجود هذا الموقع (المنشأة) عندما بدأوا ببنائه؟ ولماذا لم يسمحوا لمفتشي الوكالة الذرية بتفقده منذ البداية»؟ في لندن، رفض وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند استبعاد عملية عسكرية ضد ايران، لكنه اكد ان «لا شخص عاقلاً يريد مواجهة عسكرية حول منشأتها النووية». أما وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان فرأى ان الكشف عن المنشأة «يبرهن على ان ايران تريد امتلاك السلاح النووي»، داعياً الى «العمل لقلب النظام المجنون في طهران، من دون هدر الوقت». وحذر وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط من إطلاق سباق تسلح نووي في الشرق الاوسط، فيما دعا الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الى إخلاء المنطقة من الاسلحة النووية «وهذا يشمل ايران واسرائيل». وحذر الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان اوغلو المجتمع الدولي من تكرار «كارثة» العراق، في التعامل مع إيران.