قبل بداية الموسم الكروي أزعم أن جميع الأندية تضع أهدافها على الطاولة، فمن منهم الذي وضع أهدافاً استراتيجية ل10 أعوام أو حتى خمس؟! كأن يثبت أقدامه في الدوري ويتقدم بانتظام في الترتيب كما فعل فريق الفتح، أو بلوغ دور الثمانية في بطولة الكأس أو بناء فريق جديد بتدرج وصبر ليكون مشروع مرحلة تدعمه جماهير ذلك الفريق، وذلك لوضوح الإدارة وإيمان هؤلاء العشاق بقدراتها. في الجانب الأوروبي، وبالتحديد في إسبانيا تناوب فريقا برشلونة وريال مدريد على تحقيق «الليغا» منذ فوز فالنسيا في موسم 2003، وفي إنكلترا نجد أن خمسة فرق فقط هي القادرة على حصد لقب «البريمييرليغ» وهي تشيلسي وأرسنال وليفربول و«ثنائي المان»، ولذا لم تسطع إدارة توتنهام رفض عرض ريال مدريد لشراء عقد الويلزي غاريث بيل لريال مدريد الإسباني في صفقة تجاوزت ال100 مليون يورو لتصبح أغلى صفقة انتقال في تاريخ كرة القدم. وفي إيطاليا، يتنافس يوفنتوس وقطبا مدينة ميلان، ولذا لاحظنا أن أندية مثل روما ولاتسيو ونابولي تضع كل طاقتها في سبيل تحقيق مسابقة الكأس أو خطف مقعد لدوري الأبطال أو الكأس الأوروبية. أندية أوروبية عدة تعرف أدوارها من منطلق إمكاناتها فتخصصت منذ زمنٍ بعيد في تخريج الشبان من خلال الأكاديميات، مثل مدرسة أياكس الهولندي التي قدمت الأخوين فرانك ورونالد ديبور وإدغار ديفيدز وفان در فارت وباتريك كلايفرت وكلارنس سيدورف الذي حقق دوري الأبطال مع ثلاثة أندية مختلفة. وفي التجربة الفرنسية استفادت أندية مثل ليون من هجرة الأفارقة بسبب الفقر، فأظهرت مواهب عديدة أبرزها جورج ويا وروجيه ميلا وصامويل إيتو وديديه دروغبا وإيمانويل أديبايور، بفضل أكاديمية كلير فونتين، ولا ننسى مدارس بلجيكا. وفي إسبانيا، تبرز مدرسة «البرشا» التي أظهرت ميسي وإنيستا وفابريغاس وألونسو وبوسكيتش وتشافي وغيرهم الكثير، فيما يعتمد الغريم الآخر على الاستقطاب من الخارج. ولا تركز جميع تلك الأكاديميات في تنمية موهبة كرة القدم فحسب، بل تهتم في بناء الإنسان وتغذية عقله من خلال التعليم والتدريب، وكذلك البدن بواسطة برامج الإعداد البدني من تدريبات وغذاء ونحو ذلك. وبسبب الإقليمية التي نما عليها معظم تلك الأندية فإن الإدارات تجد الدعم وامتلاء جنبات الملعب نظراً إلى الحب للمدينة من دون النظر إلى ترتيب الفريق. إذاً ما الذي يمنع فريقاً مثل القادسية - الذي أبرز مواهب لاعبين من أمثال ياسر القحطاني وسعود كريري - من أن يركز في الاستفادة من المدرسة المحلية وتخريج اللاعبين، وخصوصاً أن المنطقة الشرقية تعج بالمواهب، وليكن الهدف خدمة أبناء المنطقة وبيع اللاعبين وتدوير تلك المداخيل وتسخيرها في تطوير المدرسة، وينطبق ذلك على الاتفاق وأيضاً على حطين في منطقة جازان. في الهلال توقفت مدرسة الأمير بندر بن محمد عن تفويج اللاعبين، وفي الشباب حول خالد البلطان سياسة البيع إلى الشراء الجاهز، لذا كانت آخر موهبة ظهرت من أبناء النادي الحارس وليد عبدالله قبل أكثر من سبعة أعوام! بينما لجأ الأمير فيصل بن تركي إلى المزج بين الاعتماد على مدرسة النصر المتمثلة في عبدالله العنزي وشايع شراحيلي وإبراهيم غالب، وكذلك على الاستقطاب المقنن كما حدث في انضمام حسين عبدالغني ومحمد نور وخالد الغامدي، لذا كانت هي الأنجح. بينما أسهم عدم وضوح هدف الإدارة الاتحادية في غضب الجماهير على رغم المواهب التي توجد في الفريق مثل فهد المولد ومعن الخضري وعبدالفتاح عسيري ومحمد قاسم وغيرهم. وفي الأهلي لم تحقق الأكاديمية - التي أسست بطريقة مميزة - تطلعات النادي، بل الكرة السعودية عموماً، واكتفت بموهبة مصطفى بصاص. في دوري عبداللطيف جميل 14 فريقاً، أكثر من نصفها يسعى إلى تحقيق اللقب على رغم اختلاف الإمكانات، فهل يعقل ذلك؟! ما لم يتغير فكر قادة أنديتنا المحلية وتنطلق من صناعة الأهداف المرحلية الواضحة وإشراك الجماهير فيها لتخفيف أعباء الضغوط وتشرّب الثقافة الجديدة، فإن شيئاً ما لن يتغير حتى يلج الجمل في سَمِّ الخياط. [email protected]