«ثمة شعور غير مريح، كالمغص في البطن، أن نرى رئيس حكومة يدخل المحكمة ليواجه تهماً جنائية... كيف يسقط إنسان من القمة إلى الحضيض». بهذه الكلمات اختزلت مقدمة برنامج إخباري في الإذاعة الإسرائيلية مشهد دخول رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق ايهود اولمرت الى المحكمة المركزية في القدسالمحتلة أمس ليواجه سلسلة تهم بالاختلاس والتزوير وخيانة الثقة وتسجيل وثائق مزورة والحصول بالخداع على مداخيل والتهرب الضريبي، علماً انها المرة الأولى في تاريخ إسرائيل التي يخضع فيها رئيس حكومة للمحاكمة. وفي تصريحات امام قاعة المحكمة في القدس، دفع اولمرت ببراءته معرباً عن ثقته بأنه سيخرج من القضية بريئاً تماماً من التهم المنسوبة اليه. ورفض الجلوس على مقعد المتهمين إلى حين خروج المصورين من القاعة. وتقرر أن تبدأ الجلسات الرسمية في 22 شباط (فبراير) المقبل، على أن تجري ثلاثة أيام أسبوعياً. وكان اولمرت اضطر إلى تقديم استقالته في أيلول (سبتمبر) العام الماضي بعدما اوصت الشرطة بتوجيه التهمة اليه في «ملف موريس تالانسكي» المتعلق بتحويل اموال بطريقة غير مشروعة من رجل الاعمال اليهودي عندما كان اولمرت رئيسا لبلدية القدس (1993-2003). اما التهمة الثانية فهي قضية «ريشونتورز» وتتعلق بتذاكر طيران قبض أولمرت ثمنها مرات عدة هو وأفراد من عائلته. والتهمة الثالثة ترتبط بتعيين قريبين منه في مناصب في مركز الاستثمار، وهو هيئة رسمية. واسقطت العام 2008 قضية رابعة تتعلق باستغلال النفوذ في بيع حصص الدولة في بنك ليومي. ويعزو معلقون في الشؤون الحزبية تقديم اولمرت إلى المحاكمة إلى «القبضة المتشددة» التي ينتهجها المستشار القضائي للحكومة مناحيم مزوز الذي يصفونه بأنه «جنرال محاربة الفساد السلطوي». فالمستشار كان وراء قرار تقديم الرئيس السابق موشيه كتساف للمحاكمة بتهمة اغتصاب موظفات عملن تحت إمرته، كما قدم للمحاكمة الوزيرين ابراهام هرشزون (أحد أبرز المقربين من اولمرت) وشلومو بنزري اللذين دانتهما المحكمة باختلاس أموال وتلقي رشاوى وحكمت بسجنهما الفعلي. كما قدم للمحاكمة وزير القضاء في حكومة اولمرت حاييم رامون بتهمة التحرش الجنسي بمجندة. وبالرغم من ارتفاع عدد المسؤولين الإسرائيليين الذين حوكموا في السنوات الأخيرة، إلا أن ظاهرة الفساد السلطوي تنخر في الدولة العبرية منذ سنوات طويلة، اذ سبق أن قضى ثلاثة وزراء من حركة «شاس» الدينية، بينهم زعيم الحركة السابق أريه درعي، سنوات في السجن بعد إدانتهم بتلقي الرشاوى. وكانت الشرطة حققت في شبهات فساد ورشاوى وخيانة الثقة مع رؤساء الحكومة الأربعة الذين سبقوا اولمرت وهم أرييل شارون (في عدد كبير من الملفات التي بقيت مفتوحة بعد الجلطة الدماغية التي ألمت به) وايهود باراك وبنيامين نتانياهو، لكن النيابة العامة أغلقت الملفات ضد ألاخيريْن لعدم وجود أدلة كافية لتقديمهما للمحاكمة.