يأمل الوسط السياسي اللبناني بأن تقود الاستشارات الهادئة والمعمّقة التي يجريها الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري مع الكتل النيابية والأجواء الإيجابية التي ترافقها، معطوفة على المناخ التفاؤلي الذي نجم عن اجتماع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع الرئيس السوري بشار الأسد ليل الأربعاء الماضي لبحث العلاقات الثنائية والعربية ومن ضمنها الوضع اللبناني، الى تسريع تشكيل الحكومة الجديدة على وقع حرص كل الأطراف في الأكثرية والمعارضة على تغليب لغة الحوار لمعالجة العقد أمام إنجاز التشكيلة الحكومية والتي كانت برزت قبل اعتذار الحريري في تكليفه الأول. وقال رئيس الجمهورية ميشال سليمان أمس: «نتطلع الى قيام حكومة وحدة وطنية في أقرب الآجال تسمح بإعادة إطلاق عجلة الحكم ومباشرة ورشة الإصلاحات السياسية والإدارية القضائية». وتناول سليمان في خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، أمس الوضع الحكومي، فأشار الى «أن المشاورات الحكومية تأخذ مداها وفقاً لأحكام الدستور ولما تستلزمه مقتضيات البحث عن التوافق الوطني». وأكد ثوابت السياسة اللبنانية في حق الفلسطينيين بالعودة ومعارضة التوطين، ومؤكداً التزام القرار الدولي الرقم 1701، ومطالباً الاسرة الدولية بالزام اسرائيل بدفع تعويضات بدل الاضرار الذي الحقتها بلبنان خلال عدوانها في 2006. وبموازاة مواصلة الحريري لقاءاته الماراثونية مع الكتل النيابية بعد ظهر أمس والتي سيستكملها حتى الثلثاء المقبل، حيث يطرح أسئلة كثيرة عن برنامج الحكومة والأولويات التي يراها الفرقاء، تلقى بعض الأوساط السياسية الضيقة المتتبعة للقاء السعودي – السوري من زاوية انعكاساته الإيجابية على معالجة أزمة تأليف الحكومة، معطيات عن أن المداولات التي جرت في جدة بين الملك عبدالله والرئيس الأسد قد تساعد في تسريع تأليف الحكومة. وذكرت هذه الأوساط اللبنانية ل «الحياة» ان لقاء جدة أكد الاتفاق السابق بين الجانبين والذي تم التوصل اليه في اللقاءات السورية – السعودية في دمشق في حزيران (يونيو) – تموز (يوليو) حول وجوب دفع اللبنانيين الى التوصل الى قيام حكومة وحدة وطنية، برئاسة الحريري، تليها زيارة الملك عبدالله لدمشق فور انجاز الحكومة اللبنانية. وأشارت أوساط لبنانية الى أن لقاء جدة، على هامش الاحتفال بافتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية والذي لم يقتصر البحث فيه على الوضع اللبناني بل تناول عدداً من القضايا العربية والإقليمية الساخنة، «كان إيجابياً وناجحاً» وأن زيارة خادم الحرمين الشريفين لدمشق قد تتم في غضون 10 أيام، ما أوحى بأن الحكومة اللبنانية يفترض أن تُشكل خلال هذه المدة. وفيما طرح بعض أوساط الأكثرية أسئلة حول مدى انسجام «حزب الله» ومن خلفه إيران مع تأكيد التقارب السعودي – السوري في معالجة الملفات العربية وبينها الملف اللبناني دعا نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أمس الى «التقاط المنحى الإيجابي على صعيد العلاقات السعودية – السورية وتوظيفه لمصلحة الاستقرار اللبناني». وقالت مصادر في الأقلية النيابية ان «حزب الله» لم يكن على علم مسبق بزيارة الرئيس الأسد للمملكة العربية السعودية، وانه كان في حسابه ان الزيارة لن تتم، لكن هذا لا يعني أبداً عدم ترحيبه بالمصالحات العربية، لما يترتب عليها من تبريد للأجواء السياسية في لبنان، مع المشاورات الجارية لتأليف الحكومة. وأكدت المصادر نفسها ان الحزب يحكم في النهاية على النتائج وهذا ما يدعوه الى التريث الى حين انعقاد القمة المرتقبة بين الرئيس الأسد والملك عبدالله بن عبدالعزيز لما سيكون لها من مفاعيل إيجابية على الساحة اللبنانية مع ان المشكلة في لبنان داخلية بامتياز، وان تطبيع العلاقات العربية عامل مساعد إلا أنه لن يلغي الاعتبارات المحلية لتسريع ولادة الحكومة. وقال النائب محمد قباني باسم «كتلة المستقبل» بعد لقائها الحريري مساء: قررنا عدم الإدلاء بمواقف مسبقة حول الصيغة أو تركيبة الحكومة وكل شي بوقته حلو». وشدد على أن «الحكومة تؤلف في لبنان»، مرحباً «بأي انفراج في المناخ العربي».