لم يُفاجأ العالم من إعلان المجلس العسكري المصري ترشيح وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي نفسه الى الرئاسة. اهتمت الصحف الغربية بهذا القرار، فاعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" ان المشير استطاع بسياسته أن "يحقق مزيجاً غير عادي من القوة والشعبية لم تراها مصر منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر". ولفتت الصحيفة، الى ان "الكلام القاسي" الذي توجه به السيسي الى الرئيس الاميركي باراك أوباما، والانتقادات التي وجهها الى إدارته متهماً إيّاها ب"أنها أدارت ظهرها للمصريين في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، وفترة حكم الاخوان المسلمين"، مؤكدة ان "هذا الكلام لا يزال راسخاً في عقول المصريين". وأوضحت الصحيفة ان تسلّم السيسي مقاليد منصب الرئيس رسمياً، يشكل تحدياً كبيراً وخطيراً لمصر، لا سيما وان الدولة وبخاصة وسائل الإعلام تروّج أنه "منقذ وطني" للبلاد، لكن واقع الحال الاقتصادي يعكس حالة مختلفة، إذ ان القضايا السابقة التي أدت الى الانتفاضة في العام 2011، لا تزال موجودة، كالبطالة والتهميش السياسي ومشكلة التموين والمواد الغذائية ودعم الطاقة وغيرها من المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الشعب المصري، منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وأضافت الصحيفة، أن السيسي بالنسبة إلى مؤيدية، هو بطل وطني يتمتع ب"كاريزما" ستمكنه من كسر الجمود ومواجهة التحديات التي تعيق المواطنين. وبالتالي فوصوله الى الرئاسة وقيامه ب"إدارة مجموعة من المطالب سيكون أكثر تعقيدا بكثير من تلك التي واجهها كضابط خلال الثورة ومحاربته تنظيم الإخوان". من جهة ثانية، نشرت ال"بي بي سي"، في تموز (يوليو) 2013 تقريراً إنتقدت فيه عدداً من الامور، التي قام بها السيسي ومن بينها "اختبارات العذرية"، إذ قام الجنود بإخلاء ميدان التحرير بعنف، واعتقلوا 17 امرأة وقاموا بتجريدهن وتفتيشهن، وإجبارهن على الرضوخ لاختبارات العذرية، الامر الذي أثار ردود فعل رافضة. كذلك، تناولت الصحيفة خبرة السيسي العسكرية، معتبرة انه "لم يكتسب أي منها نظراً لعدم مشاركته بأي حرب أو معارك كبيرة تذكر". وفي سياق متصل، نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريراً اشارت فيه الى ان "مصر تعيش حالة من تمجيد المؤسسات الأمنية"، التي سيطرت على البلاد لأكثر من 60 عاماً، مؤكدة ان "موجة من اضطراب عقلي جماعي، تخيم على المصريين فيما يتعلق بترشح السيسي الى الرئاسة". في حين تحدثت صحيفة "سياتل تايمز" عن تزايد شعبية السيسي فى مصر خلال اشهر قليلة، معتبرة ان ذلك جاء نتيجة رغبة المصريين بحياة أفضل بعد ثورة "25 يناير"، لكنها رأت أن الأسباب التي جعلت الكثير من الليبراليين وعدداً ضخماً من المصريين العاديين "يعشقون الجنرال تعكس عقبات كبيرة أمام بناء ديموقراطية في مصر". تجدر الاشارة الى ان السيسي حصل على شعبيته بعد ثورة "25 يناير" التي اطاحت بالرئيس مبارك، وكان السيسي حينها مسؤولاً عن الحوار مع القوى السياسية، بما في ذلك جماعة "الاخوان"، فتعرف الى كل القيادات السياسية الموجودة على الساحة. وتعززت شعبيته بشكل أكبر بعد انتفاضة الشعب على "الاخوان"، وصدور بيان عن القوات المسلحة يحذر من أن "الجيش لا يمكن أن يصم آذانه عن مطالب الشعب"، وأعلن البيان عن مهلة لمدة 48 ساعة "لتلبية مطالب الشعب". من بعدها قام الجيش بمحاصرة النقاط الاستراتيجية في القاهرة، واعتقل مرسي ومعه قادة من" الاخوان" في تموز 2012. وفي 3 يوليو (تموز)، أعلن السيسي إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وإلغاء العمل بالدستور، وتكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلي منصور بتولي منصب رئيس الجمهورية بشكل موقت. ويرى مراقبون ان "السيسي يمتلك القدرة على كسب حب المصريين، من خلال الكاريزما التي يتمتع بها، وقدرته على مخاطبتهم". يذكر ان السيسي من مواليد العام 1954. عاش في القاهرة في ظروف اجتماعية صعبة. تخرج من الكلية الحربية المصرية في العام 1977، ودرس بعد ذلك في كلية القادة والاركان البريطانية عام 1992 وفي كلية الحرب العليا الاميركية في العام 2006. رُقي السيسي داخل المؤسسة العسكرية وشغل مناصب عدّة مهمة، منها قيادة سلاح المشاة، وقيادة المنطقة الشمالية العسكرية في الإسكندرية، ثم عين رئيسا للمخابرات الحربية والاستطلاع قبل أن يختاره مرسي لتولي منصب وزير الدفاع. أثار هذا الامر الكثير من الانتقادات المعارضة لحكم مرسي، والتي زعمت أن السيسي عضو في جماعة "الإخوان"، وتبددت هذه الفكرة بعد اعتقال مرسي. لكن السيسي أكد في مناسبات عدّة انه يعمل من أجل الشعب، وليس طمعا في السلطة، لأن الشعب لم يجد من يهتم لأمره. *اعداد