سجلت المحاكم السعودية ارتفاعاً «طفيفاً» في قضايا «ملكية العقار»، الناجمة عن خلافات الورثة، أو لأسباب أخرى. وبلغ عدد هذا النوع من القضايا العام الماضي 5035 دعوى قضائية. فيما كان في العام السابق 4908 قضية. وأكد محامون ومستثمرون عقاريون أن «خلافات الورثة تعيق تشغيل الأراضي، وتوفير الخدمات لها، ما يلحق الضرر بالراغبين في شرائها، سواءً للاستثمار أو السكن». وأكدت وزارة العدل في تقريرها السنوي، أن «دعاوى ملكيات العقار تختلف من منطقة إلى أخرى، إلا أن سببها غالباً هو اختلاف الورثة، ما يطيل أمدها لأعوام مديدة». وسجلت المنطقة الغربية أعلى نسبة في دعاوى ملكيات العقار، بواقع 2000 قضية خلال عام واحد. تلتها الرياض ب976 قضية. وحلّت الشرقية ثالثة ب527 قضية (كانت في سابقه 507 قضايا). وجاءت الحدود الشمالية في ذيل القائمة ب21 قضية. وأوضح المحامي المستشار القانوني حمود الخالدي، في تصريح إلى «الحياة»، أن «الشيوع في ملكية العقارات ينشأ غالباً عن الميراث، إذ تنتقل ملكية العقار بعد وفاة المورث إلى الورثة، على الشيوع بنسبة حصة كل منهم في الميراث وفقاً للشرع»، مضيفاً «يؤدي التنازع بين الورثة على ملكية العقارات الآيلة لهم بالوراثة إلى تعطيل منفعة العقار، ومنع بيعه لمدة كبيرة، وبخاصة إذا دخلوا في نزاع قضائي يطول أمده في الغالب». وأشار الخالدي، إلى أن «ثمن العقار سيتعرض إلى البخس وفقاً لهذا النزاع القضائي، لشيوع خبره بين الناس، لذا يفضل أن تكون القسمة بين الورثة قسمة رضائية، أي بالتراضي بين جميع الورثة، وذلك لمصلحة الجميع». وأقترح «تخصيص دوائر قضائية في المحاكم لقضايا العقارات والتركات، وذلك للإسراع في حسم النزاعات القضائية، بما يحفظ مصلحة الجميع، ولا يؤثر على قيمة العقار». وذكر المستشار القانوني الدكتور إبراهيم العيسى، في تصريح إلى «الحياة»، أن «النزاعات في الملكيات العقارية بين الأقارب، لا حل لها إلا بأمر قضائي»، لافتاً إلى أن هناك «أناساً يتعمدون ترك تلك الأراضي أعواماً طويلة، لأنهم ليسوا بحاجة لها، ولا يتركون مجالاً للاستثمار بها من خلال البيع والشراء». وأكد العيسى، وهو قاضٍ سابق، أن «المحاكم مليئة بمثل هذه القضايا، إلا أنه لا يمكن للقضاء أن يبت في الأمر، وهناك خلاف بين الورثة، إلا في حالات معينة، مثل تجاهل أحد الورثة، أو محاولة التأخر في توزيع الحصص، أو في حال تقدم أحد المتضررين من الورثة، ومطالبته ب «حصر إرث». وحول بيع الأراضي وشرائها وبقائها أعواماً من دون التقدم بدعوى قضائية، قال: «لا يمكن للقضاء التدخل». من جانبه، أكد المستثمر العقاري يونس السليمان، أن «قضايا الخلافات والنزاعات على الأراضي تعرقل سير الاستثمار»، لافتاً إلى أنها «تتزايد كل عام عن الذي قبله، لزيادة الورثة، فيوجد أكثر من 50 قطعة أرض في الدمام فقط، خارج عمليات البيع والشراء، بسبب الخلافات والنزاعات بين ورثة. فيما قطع الأراضي في مدينة الخبر أكثر، ومساحاتها أكبر». وأضاف السليمان، في تصريح إلى «الحياة»، «ندخل في مفاوضات واتفاقات مع بعض الورثة، وننتهي بخلافات معهم، لعدم موافقة أطراف آخرين ضمن الورثة أيضاً، وهذا الأمر كثيراً ما يتحول إلى القضاء من قبل الورثة أنفسهم، مطالباً بإيجاد «قانون يقضي ببيع الأراضي في المزاد العلني، لمن مضى على خلافه أكثر من 20 عاماً، ولا يتوافر فيها خدمات، ولا يمكن الإفادة منها، وتبقى أرضاً بوراً لا فائدة من وجودها. ويصبح ضررها أكثر من نفعها، على رغم أنها قد تكون ملاصقة لمحال استثمارية أو بنايات سكنية، والاستثمار فيها يرفع من قيمة المنشآت التي تقع حولها».