أرجو ألا يأخذكم عنوان مقالتي هذه إلى «حبوب الكبتاغون»، فلست ضليعة أو متخصصة في الكتابة حول المخدرات وأضرارها و«مافياتها» ومدمنيها وأسبابهم! لكن هذا المنتج يدور في حلقات ذلك المستحضر الإدماني نفسه، وهي: الإدمان، اليقظة، الأضرار النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي قد يخلفها، لكنه على أية حال، يختلف عن «الكبتاغون» في أنه مجاني أو شبه مجاني. إن مجانية ذلك المنتج وسهولة الحصول عليه جعلت متعاطيه في ازدياد، فلا فرق بين كبير وصغير، وامرأة ورجل، ومدير وغفير، وعاطل وموظف، وداعية وضال، وجاهل ومثقف، ومتدين وليبرالي، وسعودي وغير سعودي! جميعهم في الحال سواء. كل ما عليك فعله هو تحميل التطبيق المدعو «واتساب» على هاتفك الذكي أو حتى الغبي، فهناك هواتف غير ذكية وتقبل تحميل هذا «المنتج الذي سيجعلك مستيقظاً»، كما تنبأ به الأوكراني جان كوم مؤسس شركة «واتساب» وشريكه الأميركي براين أكتون. وفّرت لك الشركة مشكورة كل سبل الراحة والسهولة في تحميل هذا التطبيق الذي سيوفر لك بالتالي التواصل المتواصل مع الأصدقاء والأحبة حتى الأعداء. كما سيوفر لك إرسال الصور و«فيديوهات» بلا حسيب ولا رقيب، إضافة إلى أنه يُمكّنك من عمل مجموعات للدردشة، و«تلاقح الأفكار» مع أصدقائك وزملائك في العمل وعائلتك، مع منح كل مجموعة اسماً خاصاً من دون الرجوع إلى وزارة التجارة أو الإعلام، وتكون أنت مديرها أيضاً، فلا أحد سيعارضك على تسمياتك. إحداهن تقول: «لديّ 13 مجموعة دردشة، وهي: مجموعة «خالتي حصة» تخص أمي وخالاتي، ومجموعة «الوهابيات وشيخهن» لصديقاتي التنويريات، ومجموعة «شقة الحرية» لشلة الجامعة، ومجموعة «المدرسة ال59» لزميلاتي المدرسات، وهناك «مجموعات» بأسماء الصديقات، وكل واحدة تستضيف الصديقة التي تحبها، وعندي طموح في أن أعمل مجموعة «العاملات»، وأجمع فيه عاملات الأقرباء، لكن اللغة هي العائق»! إنه «واتساب» الذي في خدمة الشعب، على رغم أنه في أيار (مايو) من 2011 تم الإبلاغ عن وجود ثغرات أمنية في هذا التطبيق، سرعان ما عولج الأمر خلال خمسة أشهر بإصدار نسخة جديدة. وفي 13 كانون الثاني (يناير) 2012 تم سحبه من «آب ستور» ثم أُعيد بعد أربعة أيام، «ويا عالم عملوا فيه إيه». وعلى رغم المحاذير إلاّ أن الناس أدمنت على هذا المنتج «اللي ببلاش»، فأضراره لم تتفوق على التسلية التي يضمنها حتى هذه اللحظة، والدليل أن مستخدميه في تزايد، إذ وصل عددهم إلى أكثر من 400 مليون مستخدم نشط. وعلى رغم أضراره الثقافية والنفسية التي سببها كان سبباً في حالات فصل من العمل وطلاق و«زعل»، كونه يجعلك متيقظاً أكثر من اللازم، إلاّ أنه ما زال التطبيق المحبوب! ووفقاً لصحيفة «فاينانشال تايمز» وصل عدد الرسائل اليومية في حزيران (يونيو) 2013 عبره إلى 27 بليون رسالة يومياً، والرسائل ما زالت في ازدياد! أظن أن نصيب الشعب العربي منها 25 بليوناً، بناء على الرسائل التي تصلني عبره، إن المشكلة ليست في كم الرسائل ولا الخوف من الثغرات الأمنية، فعلى رأي حصة «أتحداهم يلقون رسايلي بين 27 بليون رسالة»! طبعاً رسائل حصة وصويحباتها اللاتي سببن زحمة فيه وإزعاجاً، وذلك لقيامهن بإعادة إرسال كل رسالة تصلهن، سواء كانت إشاعة أم صورة، عمل عليها «فوتوشوب» عمله، أم أقوالاً مغلوطة لشكسبير الذي بات رمز الثقافة «الواتسابية»، تحتاج وقفة بمثابة المجاهدة، لتصحيح الثقافة والبعد عن الإشاعات والتهويل، فليس كل مكتوب هو قرآن منزّل، تقول: لا أحب مجموعة «خالتي حصة»، لأنها على نظام «يرمي ويمشي»، بينما أحب مجموعة «الوهابيات وشيخهن»، لأننا نناقش الرسائل «برود كاست» غير المنطقية، ونجعلها تقف عندنا عندما تكون مغلوطة أو ضارة، بدلاً من تدويرها مرات ومرات. [email protected] abeerfoz@