كان تصرفاً متهوراً ذلك الذي دفع أم هدى إلى الاعتراض على علاقة ابنتها بشاب اعتزم خطبتها، عندما كشفت هذا الأمر لابنها ودفعته إلى ارتكاب جريمة شرف. بدأت القصة عندما تقدم حبيب هدى لخطبتها فاعترضت الأم على الشاب، وزرعت الشك في قلب ابنها حول أخته، ما دفعه إلى إنهاء حياتها في لحظة غضب، ولا تزال أم هدى تحمل ندمها على فعلتها في داخلها. أما الحبيب المزعوم وسبب الجريمة الشنيعة، فاستغرب هو الآخر تصرف العائلة وأنكر أي علاقة له بالفتاة، وقال إن ما بينهما كان مجرد إعجاب، وانه جاء لخطبة الفتاة، ولكنه لم يتوقع تلك النهاية المأسوية. حال هدى واحدة من حالات جرائم شرف كثيرة تُرتكب في العراق، وكثيراً ما تكون الضحية لم تأثم لتستحق تلك النهاية، سوى أنها تمردت على رغبة عائلتها واختارت رجلاً احبته. نسرين ايضاً ضحية جريمة شرف. يتيمة الأبوين قتلها ابن عمها وهي في السادسة عشرة من العمر، عندما اتُهمت بإقامة علاقة مع شاب. فحرمت وهي مراهقة من حق الحياة بسبب موقف الأقارب من هذه القضايا، ومن دون التأكد من صحة الاتهام. ويقضي ابن العم بقية حياته في السجن في قضية غسل العار تلك. أسماء قتلها أخوها وهي حامل في الشهر الثاني. سلّمتها والدة زوجها إلى أخيها بعد أن اتفقت معه لوضع نهاية لحياتها وحياة الجنين. وأسماء الفتاة المراهقة من عائلة مهجّرة من بغداد، اقامت علاقة عاطفية مع شاب من سنّها. وعندما علمت عائلتها بالموضوع واكتشفت أن ابنتها تحمل «جنين الخطيئة» قررت قتلها، ولكن اقارب الشاب تدخلوا لدى عائلتها وقرروا دفع مبلغ من المال كفدية وزوجوا الشاب من الفتاة. وذات يوم، ذهبت هي وأم زوجها إلى المركز الصحي في الأصمعي لتتابع مراحل الحمل، واتفقت أم زوجها مع أخيها لموافاتهما هناك. فسلًمتها له مقابل التنازل عن الفدية، ووضع نهاية لحياتها وحياة جنينها. ولا توجد احصاءات حول جرائم الشرف في العراق لكن منظمات المجتمع المدني تؤكد انتشارها بين سكان الاقضية والنواحي بصورة خاصة، حيث يستندون في حكمهم على هذه القضايا فقط إلى مسألة السمع والأحاديث التي يتناقلها الاهالي من دون حجة قانونية، أو اللجوء إلى فحص طبي. وتشير تلك المنظمات الى أن غالبية من تعرضن إلى مثل هذه الحوادث هن من الفئات الضعيفة والأمية في المجتمع، كما أن أكثر النساء اللواتي يتعرضن للقتل والاغتصاب، هن من الفتيات في عمر المراهقة لكونهن صغيرات، ويسهل «اصطيادهن» من الشبان، فضلاً عن التقليد الأعمى لدى هذه الفئة لما يعرضه الإعلام من مادة سلبية لها تأثير في الفتيات. وتقول سرود محمد مسؤولة «جمعية الأمل العراقية» ان غسل الشرف أو العار يُعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان وفق القوانين والمواثيق الدولية، وأكثر هذه الجرائم يبقى من دون دليل أو إثباتات على الفتاة. وفي بعض الأحيان، تُرتكب الجريمة بسبب اشاعات غير موثوقة، كما توضّح محمد، مشيرة إلى أن «القانون العراقي قانون ذكوري، ويجب أن يكون هناك قانون يحمي المرأة من جرائم وانتهاكات كهذه لحقوقها». وتطالب بحملات توعية من طريق الإعلام، وتكوين مجموعات ضغط يمكن أن تساهم باقتراح يحمي المرأة. ويقول الخبير القانوني طارق حرب إن القانون العراقي لا يعرف جرائم الشرف، وان ارتكاب الجريمة لأي سبب يسبب العقاب وان جرائم الشرف موجودة، ولكنها اقل بكثير من السابق بحكم التطور المدني والاجتماعي. ويضيف: «بالنسبة الى القانون العراقي يعاقب الجاني معاقبة القاتل في كل الأحوال، والشيء الأساسي في دعوى القتيل أن يتقدم احد من أهل المجني عليه، الأم أو الأب أو الأخ، بالشكوى. أما في حال جرائم الشرف فلا يوجد فاعلون، إضافة إلى ضياع معالم الأشخاص الذين يرتكبون الجريمة، لا بل نلاحظ أن أهل القتيلة يتنازلون عن الدعوى، ما يعني غياب المشتكين». ويذكر أن هناك شهوداً متطوعين للعبث بسمعة المرأة، والتأكيد أنها سيئة السلوك، وحتى عندما تحاججهم المحكمة بالتقرير الطبي يصرّون على أن سمعتها سيئة وأنها ترتكب الفحشاء.