لجأ مقاتلو تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) الى قتل عشرات السجناء قبل سقوط مقره الرئيسي في حلب شمالاً، في مقابل اطلاق نحو 300 سجين، في وقت اتسعت الاشتباكات بين «داعش» وتنظيمات أخرى في شرق البلاد مع استمرارها في محيط معسكر التدريب في ريف إدلب في شمال غربي البلاد. وفرضت المواجهات في الرقة شرقاً حظر تجول على الأهالي. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: ب «ارتفاع القتلى إلى 385 منذ فجر يوم الجمعة وحتى منتصف يوم أمس الثلثاء، خلال الاشتباكات بين مقاتلي الدولة الإسلامية من طرف، ومقاتلي كتائب إسلامية والكتائب المقاتلة من طرف آخر، في محافظات حلب وإدلب والرقة وحماه. وبينهم 56 مواطناً مدنياً أعدم 9 منهم على يد مقاتلي الدولة الإسلامية». وكان مقاتلو فصائل عدة سيطروا على «مستشفى الأطفال في حي قاضي عسكر وهو المقر الرئيسي للدولة الإسلامية في العراق والشام، ولا يُعلم حتى اللحظة مصير المئات من مقاتلي الدولة الإسلامية الذين كانوا يتحصنون فيه»، وفق ما أعلن «المرصد» الذي أشار أيضاً إلى وجود «معلومات» عن تحرير عشرات المعتقلين في المقر «الذي يُعتبر من اهم معتقلات الدولة الإسلامية»، من دون أن يكون في إمكانه تأكيد هذه المعلومات. في المقابل، قال نشطاء انه جرى «تحرير» 300 سجين بينهم مقاتلون من «الجيش الحر» ونشطاء مدنيون وإعلاميون، مقابل إطلاق مقاتلي التنظيم النار على 70 سجيناً. وقال أحدهم: «جرى اطلاق النار في شكل مباشر على رؤوس السجناء». وبث نشطاء فيديو أظهر جثث القتلى مشوهة رؤوسهم. وتحوّل تشييع عدد من قتلى مستشفى الأطفال في حلب في حي بستان القصر الى تظاهرات ضد «داعش». ويخوض تنظيم «داعش» منذ الجمعة اشتباكات عنيفة مع ثلاثة تشكيلات من مقاتلي المعارضة السورية، بينهم مقاتلون اسلاميون وغير اسلاميين. وتشارك في المعارك الى جانب المقاتلين «جبهة النصرة» التي تعد بمثابة ذراع لتنظيم «القاعدة» في سورية. وتوعدت «الدولة الإسلامية» في تسجيل صوتي للناطق باسمها الشيخ أبو محمد العدناني أمس ب «سحق» مقاتلي المعارضة. وقال العدناني إن أعضاء «الائتلاف الوطني السوري» المعارض باتوا «هدفاً مشروعاً» لمقاتلي هذا التنظيم الجهادي. في غضون ذلك، بث نشطاء وثيقة تضمنت اتفاقاً بين المسؤول العسكري في «داعش» عمر الشيشاني و «أبو خالد السوري» من حركة «أحرار الشام» تضمن «التعهد على عدم إطلاق النار من جهة مطار المراح ( شمال) على رتل «داعش» نهائياً وعدم ضرب مطار المراح». وكانت مصادر تحدثت عن عدم حماسة «احرار الشام» المنضوية في «الجبهة الإسلامية» لقتال «داعش»، مقابل دخول «لواء التوحيد» بقوة في المعارك في حلب وشمال البلاد، الى جانب «جيش المجاهدين» الذي تشكل من عدد من الفصائل وقاتل «داعش». وانضم مقاتلو «جبهة ثوار سورية» في شمال غربي البلاد الى قتال «داعش». في المقابل، قال عبدالله الخليل من «أحرار الشام» ان الاتفاق مع «داعش» محصور بالسماح لرتل من «الدولة» لتمرير عائلات المقاتلين في مقابل اطلاق سراح أسرى من «أحرار الشام». واستمرت المواجهات في محيط معسكر التدريب التابع للتنظيم في الدانا في ريف ادلب والذي كانت «النصرة» رفضت تسلّمه بناء على اقتراح «داعش» بعدما حاصره مقاتلون من «الجبهة الإسلامية». وفي شمال شرقي البلاد، قال نشطاء إن المواجهات امتدت الى حي الفردوس في الرقة حيث تحاصر «النصرة» مقر «داعش» في مبنى المحافظة، اضافة الى حصول مواجهات في محيط المحكمة. وأوضح أحدهم: «قام مقاتلو داعش بدهم منطقة أمن الدولة». وأضاف أن حالة نزوح سجلت من الرقة بسبب المواجهات. وتحدث «المرصد» عن وجود «جثامين لرجال مرمية على أطراف سجن الدولة الإسلامية جنوب مدينة تل ابيض وفي شوارع مدينة الرقة قضوا خلال الاشتباكات بين الدولة الإسلامية وكتائب اسلامية مقاتلة في المدينة، مع وجود مخاوف من انتشار الأوبئة وسط وضع انساني مزر بسبب حظر التجول الذي فرضته الاشتباكات على الأهالي منذ ايام عدة». إلى ذلك، قال «المرصد» إن ثمانية اشخاص قتلوا «جراء قصف الطيران الحربي مناطق في بلدة تل رفعت في ريف حلب. والعدد مرشح الى الارتفاع بسبب وجود جرحى بعضهم في حال خطرة»، ما يزيد عدد قتلى «حملة البراميل المتفجرة» عن 600 منذ بدء الطيران قصف شمال البلاد منتصف الشهر الماضي. ... والتنظيم يهدد ب «سحق» معارضيه السياسيين والعسكريين أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) أمس، حرباً مفتوحة على مقاتلي المعارضة السورية التي تخوض معه معارك عنيفة منذ ستة أيام. وتوعد الناطق الرسمي باسم «الدولة الإسلامية» الشيخ أبو محمد العدناني في تسجيل صوتي، الثلثاء، ب «سحق» مقاتلي المعارضة، معتبراً أن أعضاء «الائتلاف الوطني السوري» المعارض باتوا «هدفاً مشروعاً» لمقاتلي تنظيمه. وتوجه إلى مقاتلي التنظيم، بالقول: «اسحقوهم سحقاً وإدوا المؤامرة في مهدها وتيقنوا من نصرالله»، متوعداً المقاتلين المعارضين قائلاً: «والله لن نبقي منكم ولن نذر ولنجعلنكم عبرة لمن اعتبر أنتم ومن يحذو حذوكم». وتابع العدناني: «يا من تعرفون بجيش المجاهدين وجبهة ثوار سورية ومن دفعهم وأعانهم أو قاتل معهم (...) يا من وقعتم على قتال المجاهدين، توبوا ولكم منا الأمان (...) وإلا فاعلموا أن لنا جيوشاً في العراق وجيشاً في الشام من الأسود الجياع، شرابهم الدماء وأنيسهم الأشلاء». وكان زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني دعا في تسجيل صوتي الثلثاء إلى وقف هذه المعارك التي قتل فيها 400 شخص على الأقل بينهم مدنيون، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان». واعتبر الجولاني أن القتال هو «فتنة بين المسلمين»، محملاً في الوقت نفسه «السياسة الخاطئة» ل «الدولة الإسلامية» مسؤولية اندلاع المواجهات. ونشطت «جبهة النصرة» في القتال داخل سورية منتصف عام 2011، وظهرت إلى العلن منذ مطلع عام 2012. وأعلن زعيم تنظيم «القاعدة» في العراق أبو بكر البغدادي في نيسان (أبريل) 2013 دمج تنظيمه و «النصرة» تحت مسمى «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، إلا أن الجولاني رفض الخطوة وبايع زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري مباشرة. ويتهم ناشطون الدولة الإسلامية بتطبيق معايير متشددة والقيام باعتقالات وأعمال خطف وقتل. ووجه العدناني تحذيراً شديد اللهجة إلى «الائتلاف» الذي أعلن في وقت سابق دعمه «الكامل» للمقاتلين المعارضين في هذه المعارك. واعتبر العدناني أن «الائتلاف والمجلس الوطني مع هيئة الأركان والمجلس العسكري، طائفة ردة وكفر، وقد أعلنوا حرباً ضد الدولة وبدأوها»، وأن «كل من ينتمي إلى هذا الكيان هو هدف مشروع لنا في كل مكان ما لم يعلن على الملأ تبرؤه من هذه الطائفة وقتال المجاهدين». وأضاف: «اعلموا يا جنود الدولة الإسلامية، أننا قد رصدنا مكافأة لكل من يقطف رأساً من رؤوسهم وقادتهم، فاقلتوهم حيث وجدتموهم».