في سياق «مؤتمر الأممالمتحدة الثالث عن التغيّر المناخ» الذي اختتم في جنيف أخيراً، ظهرت وجهة نظر علمية تشير إلى الترابط الوثيق بين المناخ والصحة، وبصورة أشد مما يتوقعه كثيرون. ويؤثر المناخ في أهم العناصر المحددة الأساسية للصحة: الهواء والماء والغذاء والمأوى والمرض. ولم يختلف خبراء المناخ على القول ان له دوراً قوياً في حدوث وانتشار الأمراض عالمياً. وكذلك يؤثّر في نوعية الهواء على المستوى الإقليمي وفي حدوث تغيّرات غير عادية في الطقس، ما يغيّر نمط الحياة اليومية بصورة جذرية. ونوّه خبراء الصحة أيضاً بأنه مع تغيّر المناخ العالمي، يتزايد تعرض السكان في الكثير من المناطق لمخاطر الأمراض التي تحملها عوائل المرض مثل الملاريا وفيروسات النيل الغربي وحمى الضنك. وبيّنوا أن البعوض الذي يحمل الكثير من هذه الأمراض يميل إلى البقاء في الأحوال المناخية الأكثر حرارة والأكثر رطوبة. وأكد العلماء قلقهم إزاء تصاعد المخاطر من الأمراض التي تحملها المياه نتيجة لارتفاع درجات الحرارة، ما قد يغيّر من معدلات تكاثر مسبّبات المرض، الذي يقترن بتزايد الأمطار والفيضانات وتراكم الملوثات. وقد يؤدي ارتفاع حرارة مياه المحيطات إلى ازدهار الطحالب السامة وأوبئة الكوليرا مثلما يحدث عندما يؤدي تزايد جريان المياه إلى اكتساح شبكات الصرف الصحي وإطلاق مسببات المرض في إمدادات المياه، بحسب تقدير أولئك الخبراء. وخلص هؤلاء الى القول ان المخاطر الصحية المرتبطة بالمناخ تترك أكبر التأثيرات في البلدان النامية فضلاً عن المجتمعات التي لم تعتد طقسا بدرجات حرارة مرتفعة. وأجملت دراسة قدمت في المؤتمر أثر المناخ على الصحة العامة، على النحو الآتي: تودي الملاريا بحياة 900 ألف نسمة سنوياً، ينتمى أكثر من 80 في المائة منهم لدول جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا. من المتوقع أن يزيد تغيّر المناخ من أعداد السكان المعرضين لمخاطر الإصابة بالملاريا بمقدار 80 مليون نسمة في منتصف العقد المقبل. يتوقع أن تزيد مخاطر الإصابة بالإسهال في عام 2030 بنسبة 10 في المائة في بعض البلدان نتيجة لتغيّر المناخ. وقد تسبب الإسهال في وفاة 2.2 مليون نسمة في 2002. يؤدي ارتفاع درجات الحرارة بما يعادل 2 إلى 3 درجات مئوية إلى زيادة عدد السكان الذين يتعرضون لمخاطر الإصابة بالملاريا بنسبة تصل إلى ما يراوح بين 3 و 5 في المئة، ما يمثل مئات الملايين من البشر. في 2007 أبلغ عن مئات من حالات الإصابة بحمى «شيكونغونيا»، التي ينشرها البعوض الكبير الذي يمكن أن ينشر أيضاً حمى الضنك والحمى الصفراء، في إيطاليا حيث لم تكن ترصد في الماضي سوى حالات متفرقة من ذلك الفيروس. أظهر الإحصاء السنوي عن حالات الإصابة بحمى الضنك في جنوب المحيط الهادئ بين 1970 و1995 ارتباطاً إيجابياً مع الظاهرة المناخية المعروفة بإسم «نينيو» التي تتميّز بسيطرة مناخ دافئ وممطر على السواحل الشرقية في أميركا. تسببت موجهة الحرارة التي شهدتها أوروبا في 2003 في حدوث 70 ألف وفاة في القارة. أدت موجة الحرارة التي شهدتها بلغاريا في 2007 إلى إشعال 1500 حريق في غضون أربعة أيام. غطت عاصفة رملية ثُمن جمهورية الصين الشعبية في عام 2006. تضاعفت الإصابة بالملاريا في كولومبيا منذ عام 1970 وأظهرت صلة واضحة بالتغيّر في المناخ.