حين يكون العطاء لغة وطن    الناهشون في جسد النجاح!!    ارتفاع طفيف بتكاليف البناء    مشيداً بدعم القيادة لقطاع الموانئ والصناعة البحرية.. أمير الشرقية يضع حجر الأساس ل«اللوجستية» ويفتتح توسعة محطة الحاويات    30 ألف معمل بالمنظومة الصناعية..الخريف: السعودية تستعد للصناعة الروبوتية والأقمار    انطلاق المحادثات لمناقشة خطة ترمب.. جنيف تفتح «الملف الحساس» في حرب أوكرانيا    بعد مقتل خمسة من كبار قادة حماس.. مناقشة المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار بغزة    شارك نيابة عن ولي العهد في ثاني جلسات قمة العشرين.. فيصل بن فرحان: الذكاء الاصطناعي عامل رئيسي لتحسين كفاءة استخدام الموارد    يايسله: متحمسون لمواجهة الشارقة الإماراتي في النخبة الآسيوية    كاراغار وعقدة حارس البوابة    القطاع العدلي يواكب التحولات العالمية.. الصمعاني: الجودة القضائية ركيزة أساسية لجذب الاستثمارات    «أمانة جدة» تضبط 5 آلاف كجم من الأغذية الفاسدة    فرحة اسكتلندا بالتأهل للمونديال تسبب هزة أرضية    انطلاق العروض المسرحية بموسم الرياض    جدة تستضيف مهرجان «ويكندز» للموسيقى    هيئة فنون الطهي تطلق مهرجان "الوليمة" للاحتفاء بتراث المذاق السعودي الأصيل    «الحج»:«نسك عمرة» منصة موحدة وتجربة ميسرة    حبسها أهلها بسبب سمنتها المفرطة    ابتكارتقنية جديدة لإعادة فعالية العلاج الكيميائي    نعمة الوظيفة لا يدركها إلا من فقدها    أمين مركز "اعتدال" يستقبل وفدًا برلمانيًا ودبلوماسيًا من الدنمارك    الشحن السريع لا يضر البطارية    روبوت صيني بقدرات بشرية    تخصيص 2868 موقعا للبيئة والمياه والزراعة    تحرك أميركي وشيك ضد فنزويلا    حول العالم    وزارة الثقافة تحصد جائزة أفضل مشروع ثقافي في المملكة    العيد يستعيد دور التلفزيون والإذاعة في تشكيل الوعي السعودي    افتتاح متحف التاريخ الطبيعي في أبوظبي    دوري يلو 9.. أبها يخطف الصدارة.. العلا والدرعية يتعثران    117 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر جمادى الأولى    جيسوس: لا يوجد مدرب لا يخسر    دونيس ينتقد التحكيم في مواجهته مع النصر    الأمن البيئي يتأهل لنهائي بطولة وزارة الداخلية لكرة القدم    قهوة الصراصير والنمل تجتاح الصين    الكبد الدهني يضاعف خطر الوفاة    الزيارة العابرة للزمن    معوقات إدارة الجودة الشاملة    الحوكمة في الشركات والقطاع العام: ماذا نخسر بدونها    النصر يتغلب على الخليج برباعية ويواصل صدارة دوري روشن    انتخاب وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيسًا للدورة ال21 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية UNIDO    تحت رعاية ولي العهد .. وزير العدل يفتتح المؤتمر العدلي الدولي الثاني    مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بجازان المهندس أحمد بن محمد ال مجثل يلتقي بموظفي الفرع    وزير العدل: نعمل على انتقال البورصة العقارية إلى هيئة العقار    أمير الرياض يستقبل مدير عام السجون المكلف    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة    نائب أمير حائل يستقبل نائب الرئيس التنفيذي للمؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام "إخاء"    أمير نجران يستقبل القنصل العام لجمهورية فرنسا    قنصل عام فرنسا بجدة يستضيف خريجي الجامعات الفرنسية في أمسية مميزة ب«دار فرنسا»    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ترصد أول ظهور للنسر الأبيض الذيل في السعودية منذ 20 عاما    افتتاح متحف البحر الأحمر بجدة التاريخية في 6 ديسمبر    دوريات الأفواج الأمنية بمنطقة عسير تقبض على شخص لترويجه (23) كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    الداخلية: إهمال الطفل يعرضك للمساءلة القانونية    دكتورة سعودية ضمن القادة العالميين المؤثرين    الملك وولي العهد يعزيان ملك البحرين في وفاة الشيخ إبراهيم بن حمد آل خليفة    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    الشيخ فيصل غزاوي: الدنيا دار اختبار والصبر طريق النصر والفرج    العبيكان رجل يصنع أثره بيده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمناسبة القمة العالمية الاستثنائية حول المناخ: الأجواء مفعمة برياح التغيير
نشر في الحياة يوم 22 - 09 - 2009

قبل أسبوعين، زرت المنطقة القطبية الشمالية، وهناك شاهدت بقايا نهر الجليد الذي كان قبل أعوام قليلة مضت كتلة رائعة من الثلوج. لقد تهاوت هذه الكتلة الرائعة. لم يلحقها الذوبان البطيء، لكن أصابها الانهيار. سافرت إلى هناك في رحلة استغرقت تسع ساعات على متن سفينة انطلقت من تلك المستوطنة في أقصى شمال البسيطة حتى الطرف القطبي المتجمد، ولن تمر سوى سنوات قليلة حتى يمكن للسفينة نفسها أن تقلع دونما عائق على طول الطريق إلى القطب الشمالي. ذلك أن المنطقة القطبية الشمالية يمكن أن تصبح خالية تماماً من الجليد بحلول عام 2030.
ولقد حدثني العلماء عن اكتشافاتهم الجادة: إن المنطقة القطبية الشمالية هي بمثابة النذير الذي يحذرنا من آثار تغير المناخ التي ستصيبنا جميعاً، ولقد كان من دواعي انزعاجي وتيرة التغير السريعة هناك. والأسوأ من ذلك أن التغيرات في المنطقة القطبية الشمالية تؤدي الآن إلى تسارع وتيرة الاحترار العالمي. ويؤدي ذوبان الجمَد السرمدي إلى إطلاق غاز الميثان، وهو أحد غازات الدفيئة التي تبلغ في قوتها ضعف قوة غاز ثاني أوكسيد الكربون بمعدل 20 مرة. ويهدد ذوبان الجليد في غرينلاند بارتفاع مستوى سطح البحر.
وفي الوقت نفسه، فإن معدلات انبعاثات غازات الدفيئة آخذة في الارتفاع.
لذلك، فإنني على أشد اقتناع بأنه يتعين علينا أن نعمل، والآن.
وتحقيقاً لهذه الغاية، دعوت إلى عقد مؤتمر قمة استثنائي بشأن تغير المناخ اليوم (22 أيلول /سبتمبر) في مقر الأمم المتحدة بحضور نحو 100 من قادة العالم - وهو أكبر تجمع من هذا القبيل يشهده التاريخ حتى الآن لرؤساء الدول والحكومات. وسيكون التحدي الجماعي الذي يواجههم: تحويل أزمة المناخ إلى فرصة من أجل تحقيق نمو مستدام للجميع يكون أكثر أمناً ونظافة ومراعاة للخضرة والبيئة.
وسيكون مؤتمر كوبنهاغن مفتاحنا إلى هذا السبيل، حيث ستجتمع الحكومات في شهر كانون الأول (ديسمبر) للتفاوض بشأن اتفاق جديد بحول المناخ العالمي. وستكون لديّ رسالة قصيرة أتوجه بها إلى القادة: إن العالم يطلب منكم السعي الحثيث نحو التوصل إلى اتفاق عادل وفعال وطموح في كوبنهاغن. أما إذا عجزنا عن العمل، فسنظل نحسب مقدار الخسارة على مدى أجيال قادمة.
إن تغير المناخ هو القضية الجغرافية السياسية الأبرز في عصرنا. فهو يعيد صياغة المعادلة العالمية من أجل التنمية والسلام والرخاء. وهو يشكل تهديداً للأسواق والاقتصادات ومكاسب التنمية. ويمكن أن تؤدي نتائجه إلى نضوب إمداداتنا من الماء والغذاء، وإثارة النزاعات والهجرة، وزعزعة المجتمعات الهشة، بل ويمكن أن تؤدي إلى إسقاط الحكومات.
أفي ذلك مبالغة؟
كلاَّ. ليس ذلك من المبالغة في شيء، فوفقاً لما يقول أفضل العلماء في العالم. ووفقاً لما يذكر الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، فإن انبعاثات غازات الدفيئة على النطاق العالمي لا بد لها أن تتضاءل في غضون عشرة أعوام إذا كان لنا أن نتجنب حالاً من إطلاق العنان لقوى الطبيعة الخارقة التي لم يعد لنا الآن سيطرة عليها.
وإن فترة السنوات العشر إنما تندرج في إطار العمر السياسي للكثيرين من الحاضرين في مؤتمر القمة. وها هي أزمة المناخ تحدث أمام ناظريهم.
على أن هناك بديلاً لهذه الأزمة: النمو المستدام القائم على التكنولوجيات الخضراء والسياسات التي تؤيد تخفيض الانبعاثات في مواجهة تلك القائمة على النماذج الحالية الكثيفة الكربون. والكثير من خطط التنشيط التي جرى استنباطها في أعقاب أزمة الهبوط الاقتصادي العالمية ينطوي على عنصر هام من عناصر السياسة «الخضراء» التي تعمل على توفير فرص العمل وتهيئ البلدان لتحقيق التفوق في مجال اقتصاد الطاقة النظيفة الذي هو سمة من سمات القرن الحادي والعشرين.
إن التغيير يملأ الأجواء. ويكمن السبيل إلى تحقيقه في التوصل إلى اتفاق بشأن المناخ العالمي من أجل تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة والحد من ارتفاع درجة الحرارة على الصعيد العالمي إلى مستوى علمي مأمون، اتفاق يؤدي إلى حفز النمو القائم على الطاقة النظيفة. والأمر الأكثر إلحاحاً، أن هذا الاتفاق لا بد أن يوفر الحماية والمساعدة لمن هم أشد تعرضاً لآثار تغير المناخ التي لا سبيل إلى تجنبها.
ما نحتاج إليه هو إرادة سياسية على أعلى المستويات - الرؤساء ورؤساء الحكومات - وأن تترجم هذه الإرادة السياسية إلى إحراز تقدم سريع في قاعة التفاوض. ويقتضي الأمر مزيداً من الثقة بين الأمم، ومزيداً من القدرة على الخيال، والطموح، والتعاون.
وأتوقع من القادة أن يشمروا عن سواعدهم وأن يتحدث كل مع الآخر - لا أن يتجنبه. وكما أتوقع منهم أن يكثفوا جهودهم لحل القضايا السياسية الرئيسية التي كان من نتيجتها حتى الآن أنها أبطأت من سير المفاوضات العالمية إلى حد الجمود. ومن عجب أن هذا التعبير كان حتى عهد قريب كناية عن البطء. ولكن الطبقات الجليدية التي شاهدتها قبل أسابيع قليلة في القطب الشمالي تتخلى عن جمودها وتذوب بوتيرة أسرع من وتيرة التقدم الذي يحققه البشر في الحفاظ عليها.
علينا أن نبدِّي مصالح كوكبنا في الأجل الطويل على المغانم السياسية القصيرة الأجل. وعلى القادة الوطنيين أن يصبحوا قادة عالميين وأن يأخذوا بالنظرة الأبعد أجلاً. ذلك أن المخاطر التي نجابهها اليوم تتجاوز حدود البلدان.
وليس من الضروري أن يحسم مؤتمر كوبنهاغن كل التفاصيل. لكن نجاح أي اتفاق بشأن المناخ العالمي يجب أن يكفل مشاركة كل البلدان بما يتسق وقدراتها في العمل نحو هدف مشترك وطويل الأجل. وتلك هي نقاطي المرجعية لبلوغ هذا النجاح. أولاً، على كل بلد أن يبذل قصارى جهده للتقليل من الانبعاثات من كل مصادرها الرئيسية. وعلى البلدان الصناعية أن تعزز من أهدافها المتعلقة بالتخفيف التي هي الآن أبعد ما تكون عن تلك التي يرى الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ ضرورة تحقيقها. وعلى البلدان النامية أيضاً أن تقلل من ارتفاع معدلات انبعاثاتها وأن تعجل في النمو الأخضر الذي يراعي البيئة كجزء من استراتيجياتها للحد من الفقر.
ثانياً، إن أي اتفاق يراد له أن يتكلل بالنجاح يجب أن يساعد أشد الفئات تأثراً في التكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ. وتلك هي ضرورة أخلاقية فضلاً عن أنها تشكل استثماراً ذكياً في عالم أكثر استقراراً وأكثر أمناً.
ثالثاً، تحتاج البلدان النامية إلى التمويل والتكنولوجيا لكي تمضي سريعاً على طريق النمو القائم على التقليل من الانبعاثات. وينبغي لأي اتفاق أيضاً أن يفتح الباب أمام الاستثمار الخاص، بما في ذلك من طريق أسواق الكربون.
رابعاً، لا بد من توخي الإنصاف في إدارة الموارد وتوزيعها على نحو يتيح لكل البلدان أن يكون لها صوتها.
هذا العام، في كوبنهاغن، ستتاح لنا فرصة هائلة لأن نقف على الجانب الصحيح من منصة التاريخ. وستكون فرصة ليس فقط لدرء الكارثة، ولكن أيضاً للشروع في عملية تحول أساسية في الاقتصاد العالمي.
إن أشرعتنا الآن مفعمة برياح سياسية قوية جديدة، وقد عبأ ملايين المواطنين قواهم، وها هي دوائر الأعمال التجارية الحصيفة ترسم الطريق أمام مسار جديد للطاقة النظيفة. علينا أن ننتهز هذه الفرصة وأن نعمل بشجاعة إزاء قضية تغير المناخ، فهذه الفرصة قد لا تسنح مرة أخرى في وقت قريب.
إن الأجواء مفعمة برياح التغيير. وعلينا أن نبرم الاتفاق من أجل ضمان مستقبل أفضل للجميع.
*الأمين العام للأمم المتحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.