أرجع أخصائي في علم الاجتماع، الإقبال على الزواج من موظفات إلى حد تفضيلها على سواها، إلى أسباب اقتصادية، على قائمتها غلاء المعيشة، وفيما حذرت متزوجات من استغفال الرجال لهن، واعتمادهم على دخلهن من دون شغل وظيفة. واتهمت موظفات متزوجات أزواجهن ب «أخذ الراتب أو جزء منه»، معتبرات أن «الرجال ينظرون إلى زوجاتهم الموظفات بالصيد الثمين»، مرجحين أن «سبب فشل بعض الزيجات يعود إلى عدم تقدير المرأة والحياة الزوجية»، مشيرين إلى أن «الغرض منها كان الاستفادة المادية في الدرجة الأولى». وقال الأخصائي الاجتماعي أمين هاني، إن «ارتفاع حالات الطلاق في المجتمع تدعونا لدراسة متأنية لمختلف الأسباب المؤدية إليها»، مشيراً إلى أن كل سبب من هذه الأسباب إذا ما أُشبع بحثاً وتحقيقاً، فإنها سيخلص إلى وضع حلول له، ستؤدي في النتيجة إلى تقليل من حالات الطلاق. وأوضح أن الخلاف حول راتب الزوجة الموظفة أصبح سبباً من الأسباب المؤدية للطلاق، مضيفاً أن الدراسات في هذا الجانب قليلة، رغم أنها بدأت منذ نحو عقدين من الزمن، وإرهاصاتها كانت تشير إلى الحالة التي وصلنا إليها الآن. مؤكداً أن المناهج التعليمية في جميع مراحلها، بما فيها الجامعية أهملت هذا الأمر ولم تسلط الضوء عليه، خاصة أن مجالات العمل المتاحة للمرأة تزداد يوماً بعد آخر. وأضاف أن نوعية هذه المشكلة قد لا تختلف كثيراً عن مثيلاتها في الدول الخليجية أو العربية، أو حتى الغربية مع الفارق الزمني بيننا وبينهم، مؤكداً على الحاجة إلى «تسليط الضوء على المشكلة بشكل علمي وليس بشكل فنتازي، أو استعراضي، الغرض منه فقط الإثارة»، وأضاف «هذه مشكلة حقيقية تتفاقم يوماً بعد آخر، ويمكن الوقوف على الكثير من القضايا في المحاكم متعلقة بهذا الأمر، كما أن مئات القصص التي يتم تناقلها عن سوء في العلاقة بين الزوجين، وخلافات تستشري بينهم بسبب راتب الزوجة، وأموالها». وأوضح أن الحاجة تزداد يوماً بعد آخر إلى التثقيف والتوعية بهذا الأمر إلى الرجال والنساء بالموضوع، وتهيئتهم إلى التعامل مع هذا الأمر بالاتفاق والتفاهم، حتى قبل الزواج، والوقوف على ما تحمله ثقافة كل واحد منهما عن هذا الموضوع، حتى يتفاديا الوقوع في الخلاف المؤدي إلى الطلاق، أو استغلال أحد الطرفين للآخر»، مضيفاً «المسألة بحاجة إلى معالجة بالتثقيف والتوعية، ورفع مقدار التفاهم بين الأزواج على الجوانب المادية ومدخول الأسرة، وفق رؤية جديدة يتم صياغتها على أسس من تحمل المسؤولية». وحول تأثيرات الراتب على الحياة الزوجية، تقول مريم السعيد (38 عاماً) أن «موظفات يدفعن لأزواجهن الراتب كاملاً، كضريبة لغيابهن عن البيت ساعات طويلة»، ومضى على زواجها 13 عاماً «لم استفد من أي راتب تقاضيته حتى الآن، وما يتبقى منه أنفقه على إصلاح سيارته أو أدفع مقدم إيجار الشقة». ويشغل تفكير مريم «قرار الطلاق، لم أعد احتمل سلب أموالي»، مضيفة «كان عليَ اختيار الانفصال فور اكتشافي استغلال زوجي لي، ولكن ترددي أهدر وقتي ومالي». وختم زوجها السنوات ال 12 بزواج ثان، «لا أدري هل المهر من أموالي التي دأب على أخذها؟، أو أن الزوجة الثانية أعطته مهراً؟»، ولم يكن أمامها غير الصبر وعدم الانفصال، «تمنعني سنوات عمري، وأطفالي الأربعة من الطلاق». وقالت «بينت دراسات واستطلاعات رأي قبول الزواج من موظفة، لدى شريحة واسعة من الشباب»، وسط تراجع «فكرة بقاء الزوجة في المنزل والعناية بالأطفال»، كما أن «كثيراً من الفتيات يرين أن عملهن ضمان لهن». واستشهدت أمجاد (28 عاماً) بوجود «كثير من الرجال يرغبون في الزواج من موظفة، بهدف الاستحواذ على أمولها»، مضيفة أن «الشابات اليوم أكثر وعياً من قبل، ويفرقن بين مساعدة الزوج مالياً وبين وقوعهن تحت استغلاله». واتخذ نادر المبارك (38 عاماً) من قصة أخت زوجته الموظفة، مثالاً ليمتنع عن «أخذ أي مبلغ مالي من زوجته»، موضحاً أن «أخت زوجتي على رغم مساهمتها في بناء منزلها مع زوجها، إلا أنه في نهاية المطاف طلقها ليأخذ كل شيء، ملقياً بورقة الطلاق وملابسها في الشارع». وأثرت الحادثة في نفس نادر، «أدركت أن زوجتي ستعيش في ظل هذا الهاجس مدى الحياة، لذلك رفضت أن تساهم بمالها في أي شأن من شؤون المنزل، وتركتها تتصرف فيه بحرية». وإن انتحى نادر في رأيه جانباً بعيداً عن التعاون، أصر أحمد العباس (30 عاماً) وزوجته همام (27 عاماً) على «التعاون المادي فيما بينهما»، وقالت همام، التي تعمل ممرضة «أعيش كل يوم من دون قلق، وأتقاسم الحياة مع زوجي، واشاركه في مصروف المنزل»، مضيفة بفرح «نعيش براتبين، وكل قراراتنا مشتركة، فما قيمة المال إذا لم نستمتع به سوياً؟».