تمثيل: بيمان معادي، نجار جواهريان شكل هذا الفيلم الإيراني الجديد مفاجأة حقيقية في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة حيث فاز بما يشبه إجماع لجنة التحكيم، بالجائزة الكبرى (الهرم الذهبي) ونال تصفيقاً حاداً. ومع هذا هو فيلم بسيط في شكله ولغته السينمائية يكاد يبدو وكأنه مسرحية من كتابة الفرنسية ياسمينا رضا، حيث تدور «أحداثه» داخل شقة يستعد زوجان شابان لتركها إذ سيرحلان إلى أستراليا بداعي السفر للدراسة. وخلال الساعات القليلة التي تفصل بين بداية الفيلم ورحيل الزوجين متوجهَين إلى المطار، تحدث أمور كثيرة يمكنها أن تكشف رعب المواطن أمام السلطات، وتفكّك العلاقات العائلية وأنماط الترابط الاجتماعي. وهذا كله يقال مواربة ومباشرة من خلال حكاية رضيع تَعهد به مربية جارة الى الزوجين لساعات لكنهما يكتشفان انه ميت من دون ان يعرفا متى مات، ما يخلق حالة ارتباك ورعب تتجلى في حوارات حادة وذات دلالات متنوعة، كما في نهاية كان من الصعب توقّعها. } «إلى الأبد» إخراج: مارغريتا ماندا - تمثيل: آنا ماسكا، كوستاس فيليبوغلو كان هذا الفيلم اليوناني الهادئ والبسيط، المنافس الرئيس لفيلم «ملبورن» على الهرم الذهبي في المهرجان القاهري. لكنه اكتفى في نهاية الأمر بالهرم الفضي لأفضل إخراج. هو فيلم معظم مشاهده ليلية وبطيئة الحركة تتركز من حول شخصين عاديين أحدهما (الشاب كوستاس) سائق قطار في أثينا يرصد كل يوم راكبة في القطار هي الشخصية الأخرى (المرأة آنا)، فيولع بها في صمت وحنان ويبدأ ما يشبه مطاردتها من دون أن يحاول أولاً إشعارها بذلك، حتى اليوم الذي يجابهها فيه بحبه فترفض الأمر في البداية لكنها سرعان ما تقول: لم لا؟. وهكذا تمتزج وحدتان في بوتقة حب ناعم ومدهش بين كائنين تجاوزا حتى سن الشباب المبكر، كائنين «ليليين» بامتياز سوف تكون المدينة التي تكاد تخلو من كائنات سواهما شاهدة على حبهما وانصهارهما في غرام يجدّد الحياة. } «باب الوداع» إخراج : كريم حنفي - تمثيل: سلوى خطاب، أحمد مجدي هذا الفيلم المصري الجديد الذي هو العمل الروائي الطويل الأول لمخرجه الشاب عرف طريقه إلى مسابقة مهرجان القاهرة الرسمية متفرّداً في تمثيل السينما المصرية فيها مع أن من الصعب اعتباره فيلماً روائياً أو حتى فيلماً طويلاً! فهو من ناحية النوع يكاد يكون قصيدة شعرية أكثر منه أي شيء آخر، ومن ناحية الطول لا يزيد عرضه عن الساعة إلا قليلاً. ومع هذا لفت الأنظار بجرأته وربما أيضاً بتجديده في مسار السينما المصرية من خلال إطلالته الشاعرية على الحياة والموت - وتحديداً موت الأم في عيون طفل ربما سيكون هو الأب لاحقاً -، ناقلاً إلينا مجموعة من مشاعر متناقضة تغوص أحياناً في التجريد وتدنو في أحيان أخرى من مناخ واقعي فاتن يشتغل عليه ديكور المقبرة والمنزل العائلي ودخول الشخصيات وخروجها. وكل هذا في صورة أخاذة بألوان شاحبة مكّنت المصوّر زكي عاطف من الحصول عن جدارة على جائزة أفضل إسهام فنّي في المسابقة. } «ضوء الشمس المظلم» إخراج: ليو يو - تمثيل: شانغي ليو، ليلي وانغ لكي لا يكون الظلم من نصيب هذا العمل السينمائي الصيني الذي هو أول إنجاز في مجال الروائي الطويل لمخرجه الشاب، عرفت الفنانة يسرا، رئيسة لجنة تحكيم المسابقة الدولية كيف تخرق القواعد في حفل الختام لإعلان تنويه لجنة التحكيم الخاص بالفيلم. فالفيلم لم ينل واحدة من الجوائز القليلة المقرّرة، لكنه كان لافتاً حقاً حتى وإن كان بعض جمهور عَرْضه في اليوم الأخير للعروض قد خرج قبل انتهائه شاتماً. إنه فيلم من النوع الذي يفرض نفسه ببطء ويكشف عن واقع صيني بائس في شكل يكاد ينتمي إلى الواقعية الإيطالية القديمة، حيث الممثلون غير محترفين والمدينة تكبس الأنفاس ولا سيما هنا أنفاس ثلاثة أجيال من عائلة واحدة يتوارثون الفقر ومضايقات السلطات في وقت يعمل أحدهم على تعليق يافطات تقول كم أن الحزب الشيوعي الحاكم يعمل لسعادة الناس ورفاههم.