تعرض عشرات جنود حفظ السلام من الأممالمتحدة لأعمال عنف أو قتل في مناطق مختلفة في الآونة الأخيرة ما دفع بالمنظمة الدولية إلى إعادة النظر في هذه المهمات فيما العالم يشهد رقماً قياسياً من الأزمات. فقد قتل عشرات من جنود حفظ السلام في شمال مالي وخطف آخرون في هضبة الجولان في سورية في الأشهر الماضية فيما قام آخرون بإيواء حوالى مئة ألف مدني هربوا من المعارك في جنوب السودان. ونادراً ما تعرض جنود "القبعات الزرق" لمثل هذا الضغط في السابق. وقد كلف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الناشط في حقوق الإنسان الحائز جائزة نوبل للسلام خوسيه راموس - هورتا بترؤس لجنة مكلفة القيام بأول مراجعة لعمليات السلام منذ 15 عاماً. وبدأ راموس - هورتا الرئيس السابق وزعيم المقاومة في تيمور الشرقية عمله هذا الأسبوع مع اللجنة التي ستعمل على تحسين عمليات حفظ السلام في العالم لتعزيز دعمها. وقال راموس - هورتا في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" في مقر الأممالمتحدة إن "وضع عمليات حفظ السلام بالكامل تغيّر نحو الأسوأ في بعض الجوانب". وفي الدول التي تشهد نزاعات، تتزايد قوة مجموعات مسلحة مارقة بينما تنهار مؤسسات الدولة فيما تمارس الدول الأعضاء ضغوطاً على الأممالمتحدة لخفض الكلفة كما قال. وتابع "لقد أصبحت الأممالمتحدة كبش محرقة للعجز الجماعي لدى المجموعة الدولية عن استباق تحديات معقدة جديدة لم تكن قائمة قبل 15 سنة". وللمرة الأولى في تاريخها منذ 66 عاماً، شهدت عمليات حفظ السلام الدولية رفع موازنتها إلى ما فوق 8 بلايين دولار فيما بلغ عدد القوات التي تخدم تحت راية الأممالمتحدة أعلى مستوياته إلى 130 ألفاً فيما كان حوالى 20 ألفاً قبل 15 سنة. وفي المهمات ال 16 الحالية، هناك ثمانٍ في أفريقيا بينها عملية تضم 20 ألف عنصر في جمهورية الكونغو الديموقراطية وهي أكبر مهمة للأمم المتحدة. وقال راموس - هورتا إن اللجنة ستنظر ما إذا كانت بعض الدول الناشئة مثل الصين والبرازيل والهند وتركيا ومصر يمكن أن تزيد مساهماتها بالمال والقوات أو التجهيزات اللوجستية. وستنظر اللجنة المؤلفة من 15 عضواً عن كثب بعدم التوازن القائم بين الدول الغنية التي تموّل عمليات السلام - الولاياتالمتحدة واليابان وفرنسا - وتلك التي تساهم في تقديم قوات مثل بنغلادش وباكستان والهند. وقال راموس - هورتا "يجب أن نفهم التعب لدى المانحين التقليديين". وهذه السنة انسحبت الفيليبين من قوة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة في المنطقة الفاصلة في الجولان بعدما قام مسلحون من المعارضة السورية بتطويق قواتها وطلبوا منهم تسليم أسلحتهم. وفي شمال مالي خلّفت الهجمات 31 قتيلاً من جنود حفظ السلام منذ نشر المهمة في تموز (يوليو) الماضي وسجلت أعلى الخسائر لدى قوات النيجر وتشاد. وتطوّرت عمليّات حفظ السلام من مجرد مراقبة خط وقف إطلاق نار إلى قوة حفظ سلام "محاربة" ما أثار امتعاضاً لدى بعض الدول التي ترسل قوات. وتعتزم اللجنة أن تقوم بزيارات إلى تلك الدول للاستماع إلى اعتراضاتها وإلى مقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل في محاولة لإقناع الحلف بالمساعدة في تعزيز عمليات حفظ السلام. وستزور اللجنة دول الاتحاد الأفريقي وتجمّع غرب أفريقيا "إيكواس" لمعرفة كيفية إشراك قوات أفريقية - الكثير منها متهمة بالقيام بتجاوزات لحقوق الإنسان ولا تحظى بتدريب جيد - في هذه العمليات. وقد أوكلت دراسات عدة لمعاهد أبحاث وخبراء في الأممالمتحدة من أجل الحصول على ما وصفه راموس - هورتا "باقتراحات مبتكرة وخلاّقة" حول جعل المهات أكثر فاعلية. وهذه المراجعة ستقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال انعقادها السنة المقبلة في أيلول (سبتمبر) وإلى مجلس الأمن.