ميقاتي عقب لقاء عون: ورشة عمل لإنقاذ لبنان    إحباط محاولتي تهريب 6 كلجم «شبو» مخبأة في بطاريات وصناديق    خطيب المسجد الحرام: قيدوا ألسنتكم عن الوقيعة في الأعراض    خطيب المسجد النبوي: تجنبوا الأحاديث الموضوعة والبدع المتعلقة بشهر رجب    الكرملين: بوتين جاهز للتحاور مع ترمب بدون شروط مسبقة    الذهب يتّجه لتسجيل مكاسب أسبوعية وسط ترقب لبيانات أميركية    فن الكسل محاربة التقاليع وتذوق سائر الفنون    «عباقرة التوحد»..    وزير الطاقة: الربط الكهربائي مع اليونان أثمر عن تأسيس شركة ذات غرض خاص    أدباء ومثقفون يطالبون بعودة الأندية الأدبية    «سلام» يُخرّج الدفعة السابعة لتأهيل القيادات الشابة للتواصل العالمي    أنشيلوتي معجب ب «جماهير الجوهرة» ويستعد لمواجهة برشلونة    محافظ الطائف يستأنف جولاته ل«السيل والعطيف» ويطّلع على «التنموي والميقات»    الصداع مؤشر لحالات مرضية متعددة    5 طرق سهلة لحرق دهون البطن في الشتاء    الخروج مع الأصدقاء الطريق نحو عمر أطول وصحة أفضل    ريال مدريد يتأهل لنهائي السوبر الإسباني على حساب ريال مايوركا ويلاقي برشلونة    ماذا بعد دورة الخليج؟    الحمار في السياسة والرياضة؟!    عام مليء بالإنجازات الرياضية والاستضافات التاريخية    سوريا بعد الحرب: سبع خطوات نحو السلام والاستقرار    وزارة الثقافة تُطلق مسابقة «عدسة وحرفة»    أسرار الجهاز الهضمي    الصدمة لدى الأطفال.. الأسباب والعلاج    كرامة كبار السن .. رفاهية مفقودة    كيف تكسبين زوجك؟!    «الأوروبي» في 2025.. أمام تحديات وتوترات    سبب قيام مرتد عن الإسلام بعملية إرهابية    سالم ما سِلم    جودة القرارات.. سر نجاح المنظمات!    العقل والتاريخ في الفكر العربي المعاصر    الألعاب الشعبية.. تراث بنكهة الألفة والترفيه    المقدس البشري    لا تحرره عقداً فيؤذيك    جانب مظلم للعمل الرقمي يربط الموظف بعمله باستمرار    نجاح المرأة في قطاع خدمة العملاء يدفع الشركات لتوسيع أقسامها النسائية    مريم بن لادن تحقق انجازاً تاريخيا وتعبر سباحة من الخبر الى البحرين    إنجازات المملكة 2024م    «متطوعون» لحماية أحياء دمشق من السرقة    «سلمان للإغاثة» يوزّع مواد إغاثية متنوعة في سوريا    أفضل الوجبات الصحية في 2025    ثنائية رونالدو وماني تقود النصر للفوز على الأخدود    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من رئيس السنغال    حقيقة انتقال فينيسيوس جونيور إلى دوري روشن    مركز إكثار وصون النمر العربي في العُلا يحصل على اعتماد دولي    أمانة الشرقية تكشف عن جهودها في زيادة الغطاء النباتي للعام 2024    المرور السعودي: استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في جازان    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية ال8 لمساعدة الشعب السوري    إطلاق كائنات مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    نائب أمير تبوك يطلع على مؤشرات أداء الخدمات الصحية    أمير القصيم يتسلم التقرير الختامي لفعالية "أطايب الرس"    ولي العهد عنوان المجد    أمير المدينة يرعى المسابقة القرآنية    مجموعة (لمسة وفاء) تزور بدر العباسي للإطمئنان عليه    أسرتا الربيعان والعقيلي تزفان محمد لعش الزوجية    القيادة تعزي رئيس جمهورية الصين الشعبية في ضحايا الزلزال الذي وقع جنوب غرب بلاده    «الثقافة» تُطلق مسابقة «عدسة وحرفة»    عناية الدولة السعودية واهتمامها بالكِتاب والسُّنَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السينما الغربية تخرج خالية الوفاض
نشر في الحياة يوم 18 - 09 - 2009

اختارت لجنة التحكيم الدولية للدورة ال66 من مهرجان البندقية السينمائي الدولي برئاسة المخرج التايواني آنغ لي المشرق لتوزّع عليه جوائزها الأساسية، فيما خصّت الغرب بالجوائز الأخرى. وبدت السياسة بمفهومها المجتمعي هي المفردة التي استحوذت على اهتمام اللجنة على رغم أن هذه، فضّلت فيلماً إسرائيلياً منشقاً ومشاكساً وآخر لمخرجة إيرانية مهاجرة ومعارضة. ومع هذا من المؤكد أن اللجنة لم تفكّر في الانحياز الى هذا الطرف أو ذاك من «طرفي» الصراع الإسرائيلي - الإيراني. ذلك لأن كلا المخرجين يتعاملان مع سياسة بلدهما وتاريخهما بصرامة كبيرة.
وإذا كانت مصادفة التواجد ضمن مسابقة واحدة والفوز بجائزتيها الأساسيتين، هي الأمر الوحيد والأكثر أهمية في الجمع بين المخرجين، فإن محاسبة الماضي، أي ماضي كل من البلدين، كلا على حدة، هو ما شكّل الخيط الهلامي الرابط بين شريطي «لبنان» للإسرائيلي ماوز و «نساء دون رجال» للفنانة الإيرانية شيرين نشأت. ولأن الشريطين يحاسبان خطايا السياسة في بلدي المخرجين فإن أهميتهما تأتي مضاعفة مرات كثيرة. ففيما يحاسب الإسرائيلي صامويل ماوز سياسة بلاده وضمير ووعي شعبه حول الفظاعات والخطايا التي اقتُرفت في لبنان بذريعة «الدفاع عن الجليل الأعلى» وادّعاء تبرير اجتياح لبنان في صيف 1982 «لدرء الهجمات ضد سكّان شمال إسرائيل»، فإن شيرين نشأت فتحت ملفاً مهماً كاد يُطوى في شكل نهائي بسبب تسارع الأحداث واندلاع صراعات جديدة في وطنها. فهي تكشف الواقع عبر حكايا الحيف الواقع على المرأة الإيرانية (وعلى المرأة بشكل عام في منطقتنا) ليس في زمان حكم العمائم ما بعد الثورة الإيرانية، بل منذ القدم. وعبر تلك الحكايا المأسوية، تحاكم المخرجة خطيئة الغرب وسياسات حكوماته المذنبة تجاه شعوب الشرق لديها. تتحوّل إيران المهددة بالانقلاب العسكري المدبّر من العسكر بدعم بريطاني وأميركي ضد حكومة الدكتور مُصدّق، إلى نساء يواجهن الاغتصاب والحجر والقمع ومسح الشخصية. أربع نساء: عاهرة في ماخور، وشابة مُحتجزة داخل أسوار المنزل من قبل شقيقها الأصولي، ومغنية كبيرة هجرت الغناء لزواجها بضابط كبير في الجيش، وفتاة عاشقة تتنظر فارس الأحلام لكنها لا تنال إلا الاغتصاب على يد مجموعة من الشباب المهتاجين. وعلى رغم أننا نلتقي بهؤلاء النسوة وهنّ في المنعطف الأخير من مآسيهن، فإن المخرجة تُزامن هذا المنعطف مع حدث كبير في تاريخ إيران أي قرار مُصدّق تأميم النفط الإيراني وبدء الهجمة الغربية على حكومته التي انتهت بالإطاحة به في 19 آب (أغسطس) 1953 بفعل انقلاب دبرته الاستخبارات الأميركية شراكة مع رجال الدين والشاه. إنه اغتصاب كبير لحق النساء في الحياة يترافق مع اغتصاب كبير لحق الشعب في التمتّع بثرواته. غير أنه ينبغي أن لا يُفهم فيلم شيرين نشأت على أنه «مانيفيستو» تاريخي ضد الغرب أو ضد الشاه أو لمجرد إدانة الرجل الحاجر حرية المرأة، بل هو دعوة مهمة لإعادة قراءة التاريخ الإيراني الحديث (وليس الإيراني فحسب) لاستخلاص الدرس الضروري لرسم مسارات المستقبل، وهو ما لم يُتح للشعب الإيراني ممارسته حتى بعد انهيار حكم محمد رضا بهلوي وصعود «الملالي» إلى الحكم بزعامة الأمام الخميني.
إن عملية المراجعة في إيران لم تجر بسبب اعتبار الأئمة أن حكمهم يسجّل مرحلة جديدة، مرحلة أقوى، في التاريخ الإيراني ولأن تلك الثورة الشعبية العارمة، التي ارتضى صانعوها الحقيقون، أي جماهير كادحي إيران والأحزاب والجماعات الدينية، الإمام الخميني زعيماً لها، واجهت فور اندلاعها مخاطر كبيرة كان في مقدّمها إشعال الرئيس العراقي صدّام حسين للحرب العراقية - الإيرانية مخافة زحف تأثيراتها إلى العراق وللحيلولة دون انتقام الإمام الخميني منه بسبب طرده من النجف الأشرف بعد اتفاق الجزائر في 6 مارس 1975 والذي تمكّن صدام حسين بفعله من الاستفادة من دعم شاه إيران لقمع الثورة الكردية في كردستان العراق وبسط هيمنته المُطلقة على الحكم في العراق. مهما يكن، شيرين نشأت تحاول التدخل في الوضع الإيراني الجديد، من خلال الدعوة لمناقشة ملف أسابيع الديموقراطية الموؤودة في إيران.
آكين أخصائي جوائز
وسواء كان عمله رحلة في علاقته مع بلد والديه الأصلي، تركيا، أو كوميديا ألمانية بحتة، فإن المخرج الألماني (من أصل تركي) فاتح آكين يبدو أنه دخل مكانة المخرجين الذين لا تكتفي مهرجانات العالم بالتسابق للحصول على ما يُنجزونه، وهو بعد في صالة المونتاج، بل أيضاً صار آكين مُدلّل لجان التحكيم الدولية التي تمنحه الجوائز الكبيرة. ولم تشذّ اللجنة التي ترأسها التايواني آنغ لي عن هذه القاعدة، فمنحته «جائزة لجنة التحكيم الخاصة» عن فيلمه الكوميدي الخفيف «مطبخ الروح»، الذي وصفه ناقد إيطالي كبير بأنه «فيلم محتال لأنه تمكّن من أن يمنحنا كوميديا خفيفة الظل في لُجّة بحر من الأفلام المثيرة للحزن، ليس لما تقول وتعرض بل لمستوياتها المتدنيّة».
جائزة كأس فولبي (أفضل ممثلة) ذهبت إلى الممثلة الروسية كسينيا رابّوبورت عن دورها في الفيلم الإيطالي «الساعة المزدوجة» للمخرج جوزيبي كابوتوندي. ويبدو أن لجنة التحكيم الدولية أرادت بهذه الجائزة مسايرة السينما الروسية وبشكل ما، السينما الإيطالية على اعتبار أن رابوبورت أدت دورها في فيلم إيطالي، وأنها أصلاً من اكتشاف المخرج الإوسكاري الإيطالي جوزيبي تورناتوري في فيلمه السابق «الغريبة». ومن هنا لم تنتبه اللجنة إلى الأداء الرائع للممثلة الفرنسية (من أصل بريطاني) جين بيركين التي أحيت مع زميلها الإيطالي سيرجو كاستيلّيتو، فيلم جاك ريفيت «36 نظرة لجبل سانت لوب» والذي لم يكن ليتواجد دونهما. كما منحت اللجنة كأس فولبي (أفضل ممثل) إلى الممثل البريطاني كولين فيرث عن دوره الصعب والمعقّد في فيلم «رجل وحيد» للمخرج توم فورد.
في المقابل نلاحظ أن مخرجين كثراً مثل مايكل مور وفيرنر هيرتزوغ وجوزيبّي تورناتوري وميكيلي بلاتشيدو كانوا في دائرة الترشيح للجوائز لكنهم خرجوا مع من خرجوا منها خالي الوفاض. كما أثارت جائزة (مارتشيللو ماسترويانّي لأفضل طاقة شابة) التي مُنحت للنجمة الإيطالية ياسمين ترينكا، الكثير من التساؤلات والاحتجاجات واعتبرت نوعاً من «جبر الخاطر» للسينما الإيطالية التي خرجت، هذه السنة أيضاً دون مكاسب هامة، على رغم أن المدير الفني للمهرجان اختار للتشكيلة الإيطالية ربّاناً هاماً وكبيراً مثل تورناتوري.
كما وضم الفريق الإيطالي المتسابق مخرجاً مهماً مثل ميكيلي بلاتشيدو الذي أثار فيلمه حفيظة سياسيي اليمين الإيطالي فطالبوا بمقاطعة الفيلم، على رغم كونه من إنتاج شركة ميدوزا التي يمتلكها رئيس الحكومة الإيطالية (المدعوم من اليمين). ولم ينل هذا الفيلم إلا الجائزة التي مُنحت إلى ياسمين ترينكا التي لا يمكن اعتبارها، ممثلة مبتدئة لأنها تتواجد على الشاشة منذ أكثر من عشر سنوات وشاركت في العديد من الأفلام الإيطالية المهمة المشاركة في مهرجان «كان» مثل «غرفة الابن» الذي فاز به نانّي موريتّي بالسعفة الذهبية قبل خمس سنوات، و «سنواتنا الجميلة» لماركو توليو جوردانا، إضافة إلى شغلها قبل ثلاث سنوات عضوية لجنة تحكيم مسابقة «الكاميرا الذهبية» في مهرجان «كان» السينمائي الدولي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.