عندما تم الإعلان عن الاتفاق المرحلي بين إيران والدول الست حول تجميد إيران برنامجها النووي العسكري لمدة ستة أشهر، شهد سعر النفط في الأسواق العالمية انخفاضاً بحوالى دولارين للبرميل. ولكن هذا الاتفاق لا يعني في هذه المرحلة أن السوق النفطية العالمية ستشهد في الستة الأشهر المقبلة كميات نفط إيرانية إضافية في الأسواق. فيقول مسؤول رفيع من الصناعة النفطية العالمية، إن مع هذا الاتفاق لن يكون هناك المزيد من العقوبات على بيع النفط الإيراني، وإن خلال الستة أشهر لن يكون هناك تغيير أساسي في حجم مبيعات النفط الإيراني للعالم. فإيران ما زالت تبيع النفط لكوريا والهندوالصين بسماح خاص من الولاياتالمتحدة waiver لهذه الدول، ولكن أوروبا كانت بسبب العقوبات أوقفت مشترياتها من النفط الإيراني. ورفع العقوبات عن النقل والتأمين على مبيعات النفط الإيراني الحالية قد يزيد من مبيعات إيران إلى كوريا أو الهند بكميات ضئيلة جداً، حوالى مئتي ألف برميل في اليوم من النفط بسبب السماح للناقلات بنقلها ولكن العقوبات المالية والمصرفية الباقية ما زالت تخيف تجار النفط بالتعامل بشراء النفط الإيراني. ولكن هذه الكميات الضئيلة لن تأتي قبل بضعة أشهر. فإيران تصدر حالياً حوالى 900 الف برميل في اليوم من النفط وإنتاج البلد هو بمستوى 2.4 مليون برميل في اليوم بعد أن كان إنتاجه قبل العقوبات 3.4 مليون برميل في اليوم، أي أنهم خسروا مليون برميل في اليوم بسبب سياسة النظام الإيراني. وكانت هناك عقوبات نفطية إضافية مبرمجة تم تعليقها بطلب من الرئيس الأميركي إلى الكونغرس قبل الإعلان عن الاتفاق مع إيران، ما جعل عدداً من المراقبين يقولون إن إيران تنازلت بالكثير بسبب ضغط العقوبات الحالية والتخوف من الآتية مقابل لا تنازلات من الدول الست على ما يهم الإيرانيين بشكل أساسي رفع العقوبات عن مبيعات النفط الإيراني عموما وإزالة تجميد نظام التحويلات المصرفية لإيران في الولاياتالمتحدة ما يسمى swift. وتقول مصادر الصناعة النفطية إنه طالما لم يحصلوا على ذلك لمدة ستة اشهر لن يكون التغيير أساسياً على الصعيد النفطي والعائدات الإيرانية. وكانت الأسواق العالمية استوعبت منذ فترة وبشكل واسع احتمال التوصل الى اتفاق مرحلي مع إيران على النووي. ويرى مسؤول رفيع في شركة نفطية عالمية أن ما يمكنه التأثير بشكل أساسي هو بعد ستة أشهر وإذا التزمت إيران بالتفتيش الفعلي على منشآتها النووية وإذا عادت الثقة بين الأسرة الدولية وإيران عندئذ تتأكد احتمالات رفع العقوبات تدريجياً على إيران وتبدأ أسعار النفط بالتراجع قليلاً. ولكن دول «أوبك» وفي طليعتها السعودية تبرمج إنتاجها حسب الطلب العالمي وهي فلسفة السياسة النفطية السعودية الحالية أن تبيع نفطها حسب كميات طلب زبائنها وهي حاليا تنتج 9.8 مليون برميل في اليوم من النفط، ف»أوبك» تعقد اجتماعاً وزارياً الأسبوع القادم في فيينا وكما جرت العادة ستدرس الدول الأعضاء وضع العرض والطلب للسنة المقبلة لتكييف إنتاج المنظمة. إن الإنتاج الإيراني لن يلعب في هذه المرحلة دوراً أساسياً طالما بقيت العقوبات النفطية. وإيران روحاني تبحث الآن عن تغيير نوعية العقود مع الشركات النفطية لتطور قطاعها النفطي، فوزير النفط الإيراني بيجان زانغنه شكل لجنة يديرها مهدي حسيني الذي لديه مهمة ان يدرس جذب وتنافسية العقود النفطية الإيرانية التي هي الآن عقود على أساس دفع أجور خدمات للشركات العالمية ما يسمى buy back ومهمة حسيني أن يدرس ما هو موجود من عقود جذابة لاستقطاب الشركات ولكنها مناقضة للدستور الإيراني. فيدرس مهدي حسيني ما قامت به دول نفطية عدة وأيضاً يستشير بشكل غير رسمي الشركات النفطية العالمية. فهم يقولون إنهم يريدون تحسين عقودهم التي تعود إلى التسعينات لاستقطاب الشركات لتطوير قطاعهم النفطي الذي تدهور بشكل كبير بسبب العقوبات. فمنذ عشر سنوات منعت العقوبات إيران من الحصول على تقنيات وخدمات مستخدمة في الغرب واستبدلت بتقنيات وخدمات من دول الشرق الأقصى مثل الصين، وهي أقل فعالية ونوعيتها ليست بالمستوى المطلوب، فالصناعة النفطية الإيرانية تراجعت، ولكن في الوقت ذاته خفضت العقوبات التدريجية إنتاج إيران النفطي، أي أن إيران حافظت على موارد نفط بقدر مهم ولكن لا يمكن البلد أن يرفع إنتاجه إلى أكثر من ثلاثة ملايين برميل في اليوم، لأن ذلك سيأخذ بعض الوقت بعد إغلاق الآبار. ولكن بعد سنة بإمكان إيران أن تعود إلى إنتاج 3.5 مليون برميل في اليوم. والأسواق النفطية مدركة لذلك وتعرف أنها لا يمكن أن تملأ فجاة بفائض من النفط الإيراني. فهذا يشير إلى أن وزراء أوبيك سيجتمعون في فيينا في 4 الشهر المقبل على ضوء اتفاق جديد بين إيران والأسرة الدولية مع وزير إيراني جديد قديم هو بيجان زنغنة، فهو معروف لدى المنظمة، إذ أنه سبق وشغل منصب وزير النفط سابقاً في عهد الرئيس محمد خاتمي ومع ممثل إيراني جديد قديم في مجلس محافظي إيران هو كاظم بور أردابيلي الذي سبق لإيران أن رشحته ليكون أمين عام «اوبك» لينافس مرشح الخليج آنذاك الدكتور عدنان شهاب الدين مما عطل انتخاب الإثنين إلى أن تم انتخاب الليبي الحالي عبدالله البدري الذي يتم التجديد له باستمرار، علماً بأنه أنهى مهمته القانونية ولكن التجديد له يحل مشكلة عدم تمكن «أوبك» من تعيين بديل له، علماً بأن المرشح السعودي الدكتور ماجد المنيف لديه كفاءات كبرى لشغل هذا المنصب. ولكن على صعيد أسعار النفط، لن يؤثر الاتفاق بين إيران والدول الست على الملف النووي بشكل أساسي على أسعار النفط العالمية.