سؤال صعب إجابته تحتاج لصفحات وصفحات، وقد لا أتمكن من الإجابة الكافية والوافية والمنطقية والمبنية على معايير أهمها وأولها وآخرها المحافظة على روح إنسانة شاء الله أن تكون تحت سيطرة وولاية وحضانة أب «مدمن» فقط فهل هناك أكثر؟ قبل أن أدخل في الموضوع ومباشرة كما هي عادتي، سأمر على خبر عجيب، وهو الحكم على أب مدمن مخدرات فقط بثلاث سنوات، أما التهمة فهي «اغتصاب ابنته»، وهذا الخبر منشور في الصحف المحلية لمن يتابع الأخبار، ومصحوب باعتراض هيئة التحقيق والادعاء، مشكورة على هذا الحكم المخفف. ثلاث سنوات فقط هي جزاء من يهتك عرض ابنته دون سحب الولاية ولا الحضانة، وبإمكانه الخروج بنصف المدة بعد أن يحفظ عدداً من الأجزاء لأن المجتمع بعدها سيطمئن لأنه أصبح مواطناً صالحاً ولأنه «موش حيعمل كدا مرة ثانية، يا جماعة الخير موش كثير عليه». أعود لموضوعي الأصلي وأكتب والألم يعتصرني، فعندما نشر مقالي تسلمت ما يقارب 20 مكالمة و122 رسالة بريدية تتحدث في مجملها عن الشكوى نفسها، وأكتب الآن وبعض كلمات الاستغاثة تحاصرني أشعر جيداً بهم، وربما أسمع أصواتهم، الجميع اتصل على أرقام الهواتف التي لا ترد، والمصحوبة بآلة تسجيل صوتية جربتها أنا شخصياً مراراً وتكراراً (على رغم أن الرقم هو رقم التبليغ عن العنف، وأعتقد أن مهمته الإنقاذ أولاً وأخيراً). الرسالة الأخيرة كانت من إحدى الفاضلات والمهتمات بالعنف الأسري والتي تعيش على هذه الرسالة السامية، والتي قصت علي بالتفاصيل قصة غريبة وعجيبة (على رغم أنني سمعتها مراراً وخضتها أيضاً بشكل شخصي) بعد اهتمامي بإحدى حالات العنف أيضاً. وصلتها استغاثة من إحدى الفتيات تفيد فيها بأن والدها يهددها بساطور، وأنه مدمن مخدرات، وأنها تطلب الحماية لها ولإخوتها، وأن المذكورة اتصلت مراراً ب1919 الذي لا يرد ولا يسجل أيضاً، واتصلت بعدها بمندوب الشرطة في لجنة الحماية الذي أعطاها محاضرة عن القضاء والقدر، وطلب منها بكل جدية الاتصال به بعدما يعتدي عليها الوالد فعلياً بالساطور وبعد ذهابها للمستشفى! وبعد أن تسلمت الأخت الفاضلة الاستغاثة، قامت بإرسال رسالة عاجلة وتم إيواء الفتاة داخل إحدى دور الحماية هي واخوتها حماية لهن من هذا الوضع، بعدما قابلتهن في مكان عملها، والآن يرفع الجميع ضدها شكوى يطالبن فيها بمعرفة مبررات الإجراءات التي اتخذتها! الغريب أن ثقافة حماية المبلغ «غير مفعلة» وتم إخبار الوالد المدمن الخطر بمكان عملها وباسمها بالكامل وذهب إليها على اعتبار انها الخصم! لن أخوض في تفاصيل أكثر، فقط أترك لكم هذه الحادثة وهذا الموقف بكل تفاصيله وأذكركم فقط بغصون وشرعاء وأريج وغيرهن وبالحادثة الأخيرة الخاصة بالطفلين اللذين اكتشفت والدتهما الأرملة أن أخاهما غير الشقيق سبب الحروق الكثيرة التي تكتسي أجسادهما الغضة. الى من نلجأ؟ وكيف نحمي هؤلاء؟ وكيف تحمي الدولة المبلغين عن العنف؟ وإلى متى علينا أن ننتظر حدوث الجرائم حتى نفيق؟ وإذا أفقنا بعد فوات الأوان وذهاب الشرف والأمان والروح أيضاً (حكمنا أحكاماً مخففة جداً لا تتفق مع هول الجريمة وبشاعتها)، وإذا تكلمنا تغضبون منا، وإذا أرسلنا رسائل تبليغ عن العنف تلقينا خطابات شكر (لا ننتظرها) لأن همنا الأوحد إنقاذ الضحايا واتخاذ إجراءات تحمي المجتمع وأبناءه من أشخاص خطرين، وخطرهم اكبر من الذي جاهر بالمعصية الذي نال غضبة جماعية لم ينلها مغتصب ابنته! [email protected]