من اجواء رمضان في مدن الحجاز بسطات الحلويات والمأكولات في النهار، وبسطات البليلة والالعاب مثل «البيبي فوت» المسمى «فرفر» في المساء، وهي اجواء تجدها بشكل ملحوظ في الاسواق والاحياء القديمة. تسمع وانت تمر في فترة العصر الشباب يصرخون «سوبيا ياصايم» و«حلي يا صايم» و«برشومي» و«عنب الطايف» وكثير من الاشياء في معزوفة تضفي لمسة خاصة على الشهر الكريم واجوائه. ولمن لا يعرفون «السوبيا» فهي مشروب يصنع محلياً من الشعير والخبز، وشخصياً لا احبذه لعدم معرفة ظروف تحضيره، كما انه سهل التسمم والتخمر، لكن المحترفين والمشهورين بتحضيره عائلياً يتمتعون بسمعة حسنة بين الزبائن، ويوجد فرق بين اسعارهم واسعار المتطفلين على المهنة. والحديث يتواصل عن التسوق في رمضان، وبمناسبة «البسطات» يتقاطع الحديث ايضاً عن «الشقردية» من الشباب الذين يعملون في المواسم واوقات الفراغ، وبعضهم تمثل تجاربهم ملامح تكوين تجار صغار او رجال اعمال حقيقيين يستحقون صفة العصامية المدعاة على طول العالم وعرضه لمعظم اصحاب الاموال. اقضي هذه الايام في الطائف، واصادف نماذج جيدة لشباب «يبسطون» للبحث عن الرزق، يشتري واحدهم كمية من صناديق العنب بالجملة من مزارع او من السوق، ويقضي «عصريته» يبيعها بالمفرق على رصيف او في صندوق سيارته الصغيرة للنقل. بعضهم موظفون صغار وبعضهم طلاب، يأتون من ضواحي المدينة ببضاعتهم او بعزيمتهم، او من اي حي فيها، وهم يعون ان ما يفعلونه «مراجل»، والأجمل ان المجتمع يتعامل معهم بفهم واحترام كاملين، ولا يعيب عليهم اي نوع من الاعمال التي يمارسونها في العلن، بل تجد كل عبارات التشجيع والمؤازرة. يعمل بعض الشباب «متسببين» معظم فترات العام في المواسم، يدرك موسم الحج ويعمل فيه لشهر او اكثر، وموسم رمضان، وبعضهم يستغل كل موسم الصيف في المصايف لبيع التسالي او المأكولات الخفيفة. بقية العام يقضي من لا يملك وظيفة او لديه دراسة ايامه في قريته لانجاز مصالحه او مصالح العائلة، وبعضهم يعمل في اسواق مختلفة او اماكن اخرى «دلالاً» او «شريطياً». ولإكمال مواضيع التسوق وربطها بالبسطات لابد من التطرق للحلويات، والتي تعتبر تقريباً آخر ما يشتريه المرء استعداداً للعيد، والحديث عنها طويل يمتد من معامل سويسرا وفرنسا وايطاليا الى معامل البيوت الشعبية، ومن ماركات تباع بالغرام الى ماركات تباع بالكوم، وهو ما سيأتي الحديث عنه. [email protected]