خفضت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندرد اند بورز» أمس تصنيفها لفرنسا درجة واحدة ليصبح «AA» للمرة الثانية خلال اقل من سنتين، في قرار اعتبرته الحكومة الاشتراكية جائراً بينما تواجه توتراً اجتماعياً متزايداً. وبررت الوكالة في بيان قرارها بخفض درجة فرنسا التي حددت مطلع 2012 ب «+AA»، بأن هذا البلد فقد هامش المناورة المالية ولم يعد في وسعه ان يقوم بمزيد من الاصلاح بسبب استمرار معدل البطالة المرتفع. ولفتت «ستاندرد اند بورز» في البيان إلى ان «هامش المناورة المالية لفرنسا تراجع، بينما كانت تعتبره سابقاً مرتفعاً مقارنة بالدول المشابهة». وأضافت: «يبدو لنا خصوصاً ان السلطات العامة باتت تملك هامشاً منخفضاً للمناورة لزيادة عائداتها» وبالتالي خفض مديونية البلد. وتابع البيان: «نعتبر ان اجراءات السياسة الاقتصادية المطبقة منذ 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 (عندما ثبتت ستاندرد اند بورز تصنيف البلد) لم تخفض في شكل كبير خطر بقاء معدل البطالة فوق عتبة 10 في المئة حتى 2016». ورأت أيضاً «ان المستوى الحالي للبطالة يضعف الدعم الشعبي للاصلاحات البنيوية والقطاعية ويؤثر في احتمالات النمو على المدى الطويل». وهي ضربة قاسية جداً جديدة الى الحكومة الفرنسية التي جعلت من السيطرة على المالية العامة خطها الرئيس منذ وصولها الى الحكم العام الماضي، على امل ابقاء معدلات الفائدة لقروض الدولة، اي كلفة الدين العام، في ادنى المستويات. ورأى رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك آيرولت الذي يواجه في الاسابيع الاخيرة تزايداً في الاحتجاجات الشعبية، ان وكالة التصنيف الائتماني «لم تأخذ في الاعتبار كل الاصلاحات» التي جرت العام الماضي، خصوصاً تلك التي يجري اقرارها في شأن التقاعد. ودان وزير الاقتصاد الفرنسي بيار موسكوفيسي «الاحكام المدينة وغير الدقيقة» لوكالة التصنيف. وأشار الى ان «الاصلاحات الواسعة لاصلاح اقتصاد البلاد وماليتها العامة وقدرتها التنافسية» التي طبقت في الشهور ال 18 الأخيرة من قبل الحكومة في «اجواء صعبة جداً». وأشار المسؤولان الفرنسيان الى ان التصنيف الجديد الممنوح لفرنسا يبقى مع ذلك بين الافضل في العالم. وعلى رغم هذه التصريحات، ارتفع معدل الفائدة على الاقراض لعشر سنوات لفرنسا عند فتح سوق السندات في منطقة اليورو. وبلغت الفائدة 2.389 في المئة مقارنة ب 2.158 في المئة عشية إغلاق السوق التي تجري فيها مبادلة الدين. والتقى الرئيس فرنسوا هولاند قادة المنظمات الدولية المشاركة في مجموعة العشرين وبينهم المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ورئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم والمدير العام لمنظمة التجارة العالمية روبرتو ازيفيدو. واللقاء كان مقرراً قبل صدور التصنيف، ولم يتبين على الفور ان كانت الخطوة نوقشت فيه. وهذا التصنيف هو ثالث افضل تصنيف ممكن في جدول «ستاندرد اند بورز» التي اشارت الى آفاق «مستقرة» ما يعني انها لا تفكر في تعديله مجدداً في المديين القصير او المتوسط. وكانت «ستاندرد اند بورز» اول وكالة تصنيف دولية كبرى تحرم فرنسا من افضل علامة ممكنة (AAA) في كانون الثاني (يناير) 2012. وتلتها في ذلك الوكالتان المنافستان، «موديز» و «فيتش». لكنها الاولى التي خفضت مرة اخرى تصنيفها.