تُشكل المقاومة للأدوية أحدث المشكلات في جائحة «أتش1 أن1». وثار قلق العلماء أخيراً من ظهور سلالة من الفيروس تظهر فيها مقاومة ذاتية للأدوية، ما يعني أن تركيبتها الجينية صارت منيعة حيال العقاقير المستخدمة في العلاج راهناً. وظهر هذا الافق عند ظهور إصابة ثالثة مقاومة لعقار «أوستلتاميفير» oseltamivir (الذي يسوق تجارياً من قِبَل شركة «هوفمان لا روش» باسم «تاميفلو» Tamiflu) في هونغ كونغ. وسبب القلق أن الحال التي ظهرت في كونغ هي لشابة (16 سنة) كانت عائدة من الولاياتالمتحدة، واكتشفت إصابتها في المطار، إذ ظهرت عليها أعراض خفيفة لذلك المرض، حيث أُعطيت «تاميفلو» للمرة الأولى في حياتها. ولم تستجب حالتها للعلاج بذلك الدواء. ويعني ذلك ان الفيروس لم يطوّر مقاومته للدواء أثناء العلاج، بل أنه كان مقاوماً له عندما التقطته تلك الشابة. ويميّز هذا الأمر حالتها عن الحالتين اللتين سجلتا مقاومة الفيروس لل«تاميفلو» قبلاً (في الدنمارك ثم اليابان)، إذ تطوّرت مقاومة الفيروس في الحالتين كلاهما أثناء العلاج. واستخلصت اختصاصية في الفيروسات تعمل في «منظمة البحوث العلمية والصناعية في بلدان الكومنولث» في أستراليا، أن هذه الحال مدعاة للقلق، لأنها تعني أن الفيروس منيع أمام الدواء، إضافة الى كونه جديداً على البشر، ما يعني أن الناس لا تملك مناعة ضده أيضاً، مع العلم ان الأمر يتصل بسلالة منتشرة في كاليفورنيا، حيث التقطت الشابة الفيروس قبل سفرها من مطار «سان فرانسيسكو» قاصدة هونغ كونغ. ويلاحظ أن سلالة مُقاومة للأدوية ظهرت في بلد يحتمل وجود مليون إصابة فيه، ما يعني أن تأثيره على مجمل جائحة إنفلونزا الخنازير ومسارها قد يكون ضخماً وخطيراً، خصوصاً إذا ارتفعت نسبة الفيروسات المقاومة للأدوية في مسار هذه الجائحة، التي تتجه راهناً لملاقاة الإنفلونزا الموسمية، في مطالع الخريف. وثمة رسالة مهمة للعرب في هذه المسألة. إذ جمعت الدول العربية كميات هائلة من عقار «تاميفلو»، بحيث بات لديها مخزون لملايين الجرعات من ذلك العقار. يكفي القول إن دولة مثل مصر، على رغم ضائقتها اقتصادياً، تختزن ثلاثة ملايين جرعة من «تاميفلو». لقد باتت مخزونات العرب من الأدوية التي يفترض أنها تعالج «أتش1 أن1» مُهدّدة بالتحوّل إلى فوائض لا فائدة منها. ولا يقتصر الأمر على الأموال الضخمة التي أنفقت في شرائها، وكذلك في التعاقد على شراء المزيد منها، بل يتعداها الى سقوط أحد خطوط الدفاع الأساسية التي كانت تعطي الكثير من العرب إحساساً بالأمان، ربما أصبح زائفاً راهناً. لا تملك الأجساد العربية القدرة على مقاومة فيروس «أتش1 أن1»، لأنه فيروس جديد عليها، ولا تملك الأدوية التي تعالجه!