بدأت زيارة المبعوث الاميركي لعملية السلام جورج ميتشل لاسرائيل بتوافق مفقود بين الجانبين في شأن اهدافها، ففيما استبعد رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو التوصل الى اتفاق خلال هذه الزيارة، اعرب ميتشل في اسرائيل عن أمله في التوصل «خلال أيام قلائل» الى اتفاق على تجميد الاستيطان واستئناف عملية السلام. وعلى خط مواز، علمت «الحياة» أن الرئيس حسني مبارك أبلغ نتانياهو امس رفض القاهرة «التجميد التدريجي للاستيطان» ودولة فلسطينية ذات حدود موقتة، في وقت افادت تقارير اسرائيلية ان المفاوضات ستستأنف الشهر المقبل على اساس تفاهم يقضي بالإعلان رسمياً خلال عامين عن قيام الدولة الفلسطينية. في غضون ذلك، قال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير في اطار رده على رسالة وجهها أكثر من 220 عضواً في مجلس النواب الأميركي الى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حضوه فيها على القيام بلفتة مهمة تجاه اسرائيل كإجراء بناء الثقة لدعم مسيرة السلام، ان «السعودية اتخذت خلال السنوات الماضية مواقف واضحة تشهد على رغبتها في حل هذا الصراع القديم في شكل منصف ودائم». وعدّد الجبير في بيان تلقت «الحياة» نسخة منه، متطلبات السلام التي تتضمنها القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية، خصوصا انسحاب اسرائيل من الأراضي العربية المحتلة العام 1967 وبينها القدس واقامة دولة فلسطينية مستقلة وايجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، كما جدد موقف السعودية بأن مقاربة تدريجية للسلام أو أخرى مبنية على اجراءات بناء الثقة «لم تنجح خلال العقود الأربعة الماضية، ونعتقد بأنها لن تنجح الآن». وفي القاهرة، أكدت مصادر مصرية موثوق بها ل «الحياة» أن مبارك أكد لنتانياهو رفض القاهرة «التجميد التدريجي للإستيطان وتمسك بضرورة تجميد كلي لجميع الأنشطة الإستيطانية قبيل استئناف المفاوضات»، كما اكد رفض مصر دولة فلسطينية ذات حدود موقتة وتمسك بدولة فلسطينية في حدود العام 1967 وجدول زمني لتحقيق ذلك. وقالت المصادر إن استئناف المفاوضات وسبل تحريك العملية السلمية تصدرا جدول المحادثات بين مبارك ونتانياهو، لافتة إلى أن الرئيس المصري أكد خلال اللقاء رفض بلاده القاطع للمخططات الإسرائيلية لإقامة المستوطنات في الأراضي المحتلة في الضفة والقدسالمحتلة، والتي تعتبر عقبة رئيسية أمام استئناف مفاوضات السلام. وكان مبارك ونتانياهو عقدا محادثات مساء أمس في مقر رئاسة الجمهورية في القاهرة، بدأت بجلسة ثنائية، ثم امتدت على مأدبة إفطار حضرها الوفد الاسرائيلي. وافاد بيان رسمي ان المحادثات تركزت في مجملها على قضية السلام، وان مبارك أكد خلال اللقاء مواقف مصر الثابتة الداعية لتحقيق السلام العادل والشامل وفق حدود العام 1967 وقرارات الشرعية الدولية وأسس ومبادئ عملية السلام، ووفق حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، بما ينهي معاناة الشعب الفلسطيني ويقيم دولته المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. وصرح الناطق باسم رئاسة الجمهورية السفير سليمان عواد بأن مبارك دعا إسرائيل إلى وقف كل الأنشطة الاستيطانية، بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات، كما دعا الى التوقف عن محاولات تهويد القدس، محذراً من الانعكاسات الخطرة لذلك على جهود السلام. وأبدى مبارك ضرورة استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني من حيث توقفت، مؤكداً عدم جدوى الحديث عن دولة فلسطينية ذات حدود موقتة، وداعياً الى التفاوض على الحدود النهائية للدولة الفلسطينية، بما يفتح الطريق أمام الاتفاق على كل قضايا الوضع النهائي، خلال إطار زمني محدد، ومن دون استبعاد أي منها من عملية التفاوض. وعلى صعيد صفقة تبادل الأسرى، قالت المصادر المصرية ل «الحياة»: «ليس هناك جديد ... مصر تقود الوساطة من أجل إطلاق أكبر عدد من المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وأخيراً تدخل الطرف الألماني الذي يعمل بالتنسيق مع الجهود المصرية وبالآلية ذاتها، لكن حتى الآن الإشكالية لا زالت بالأسماء». لكنه لفت إلى أن هذه القضية دائماً تطرحها إسرائيل في أي لقاء مع مسؤول مصري. ونفى الناطق باسم حركة «حماس» ايمن طه وصول رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل الى القاهرة لاجراء محادثات مع المصريين حول الورقة المصرية، مؤكدا لوكالة «معاً» في غزة ان حركته ما زالت تدرس المقترحات وسترد عليها بعد عيد الفطر. وكانت وسائل اعلامية اكدت وصول مشعل الى القاهرة في زيارة ثالثة خلال شهر، معتبرة ذلك اشارة الى تقدم في ملف شاليت. وفي القدسالمحتلة، التقى ميتشل امس الرئيس شمعون بيريز الذي تعافى من وعكة طارئة ألمت به السبت، كما التقى وزيري الخارجية افيغدور ليبرمان والدفاع ايهود باراك في محاولة لتذليل الخلاف على مدة تجميد الاستيطان الذي تريد واشنطن ان يستمر سنة، في حين ترفض اسرائيل تجميداً لأكثر من 6 اشهر على ألا يشمل القدس والمشاريع قيد الانشاء. ومن المقرر ان يلتقي نتانياهو اليوم، قبل ان يلتقي الرئيس محمود عباس غداً في رام الله. وقال ميتشل في مؤتمر صحافي والى جانبه بيريز، انه يأمل في التوصل الى اتفاق خلال ايام قلائل في شأن تجميد الاستيطان واستئناف عملية السلام، موضحا: «في حين اننا لم نتوصل بعد الى اتفاق في شأن الكثير من القضايا البارزة، الا اننا نجتهد من اجل ذلك، والهدف طبعاً من زيارتي هنا هذا الاسبوع هو محاولة التوصل الى اتفاق». من جانبه، اعرب بيريز عن اعتقاده بأن «هناك فرصة طيبة لاستئناف المفاوضات قبل نهاية الشهر». وكان نتانياهو استبق لقاءات ميتشل في اسرائيل بالقول في مستهل الاجتماع الاسبوعي لحكومته وقبل ساعات من مغادرته الى القاهرة، ان ثمة حاجة الى مزيد من الوقت للتفاوض على المسائل التي لم يتم التوصل الى اتفاق عليها، مضيفاً: «نأمل في ان ننجح في تقليص الفوارق وتضييق الفجوات لنتمكن من تحريك العملية السياسية». غير ان صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية نقلت عن مصادر فلسطينية واخرى اوروبية ان عملية السلام ستستأنف الشهر المقبل على اساس تفاهم تم التوصل اليه اخيرا يقضي بالاعلان رسميا خلال عامين عن قيام دولة فلسطينية. واضافت ان المفاوضات ستركز في مرحلتها الاولى على ترسيم الحدود، وانه اتفق على ان تكون هذه الخطوة بمثابة «اعتراف مسبق» بفلسطين على اساس اعلان اميركي واوروبي رسمي بأن الحدود الدائمة ستستند الى حدود الرابع من حزيران عام 1967، مع امكان تعديلها بالتوافق على مقايضة اراض.