أجرى مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا فرناندينو ليون، محادثات في طرابلس أمس، مع نوري بو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (المنتهية ولايته) ونائبه وعدد من الأعضاء، وذلك بعد انقطاع تواصله معهم منذ انتخاب مجلس النواب الذي باشر جلساته في طبرق (300 كيلو متر شرق بنغازي) منذ 4 آب (أغسطس) الماضي. يأتي ذلك في وقت أعلنت الخرطوم عن تنسيق بينها وبين القاهرة لإطلاق مبادرة للحوار في ليبيا. ودامت محادثات المبعوث الدولي في مقر رئاسة المؤتمر أكثر من 90 دقيقة، وخصص نصف المدة للقاء ثلاثي بين ليون وبوسهمين ونائبه صالح المخزوم. وتزامنت مع استئناف المؤتمر المنتهية ولايته جلساته أمس، بعد قرار المحكمة العليا حل البرلمان المنتخب. وأبلغ «الحياة» المسؤول الإعلامي في بعثة الأممالمتحدة لدعم ليبيا سمير غطاس، أن اللقاء «يندرج في إطار خطة الأممالمتحدة لإعادة إحياء حوار وطني لحل الأزمة الليبية». أما صالح المخزوم، فقال في تصريح: «أبلغنا السيد ليون ترحيبنا بزيارته لنا والوفد المرافق، بعد توقف اتصاله بنا منذ نحو أربعة أشهر، واحترامنا موقفهم قبل صدور حكم المحكمة العليا بشأن الخلاف الدستوري، وأننا لسنا بصدد تبادل اللوم ما داموا قد احترموا سيادة القانون». وأضاف أن «البعثة الدولية لدعم ليبيا برئاسة السيد ليون أكدت لنا أن أطراف الحوار الوطني الليبي ستتغير الآن، في ضوء حكم المحكمة العليا، وأن الأممالمتحدة ستعرض رؤيا عامة وشاملة للحوار». وزاد أن «المؤتمر الوطني العام ليس لديه مانع في انطلاق الحوار برعاية الأممالمتحدة، وباحترام مؤسسات الدولة». ورافقت زيارة ليون لطرابلس أجواء أمنية اعتيادية، على عكس زيارته للمنطقة الشرقية ولقائه رئيس الحكومة الموقتة عبد الله الثني وبعض الوزراء، والذي تزامن مع انفجار سيارتين مفخختين على بعد أمتار من مكان اللقاء في مدينة شحات، ما عكس انعدام الأمن هناك عموماً. وأفيد بأن محادثات ليون في طبرق وطرابلس، تناولت إمكان تسليم المحكمة العليا قيادة «المرحلة الانتقالية الرابعة» التي تبدأ وفق الإعلان الدستوري الموقت في 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل. لكن الناطق باسم المؤتمر عمر حميدان نفى تطرق المحادثات إلى هذا الشأن، في حين أصدر تحالف «فجر ليبيا» الذي يمثل الإسلاميين بياناً رفض فيه هذا الاقتراح. وورد في بيان التحالف الذي تسيطر ميليشياته على طرابلس، أن ليون «بدأ يبحث عن سلطة جديدة بديلة من المؤتمر الوطني والبرلمان المنحل، بدعوى التوافق الوطني، واقترح أن يتم اختيار سبعين قاضياً من المحاكم الليبية ليمسكوا زمام السلطة الاشتراعية ثم تنبثق عنهم سلطة تنفيذية ممثلة في حكومة وفاق وطني». وكان ليون صرح لصحيفة «آل باييس» الإسبانية، بأن حكم المحكمة العليا في ليبيا «غيّر بعض قواعد» اللعبة، ما يقتضي توسيع قاعدة الحوار وطرح أفكار جديدة. وأضاف: «سنستمع إلى اقتراحات الجميع، ونبحث عن قاسم مشترك ونطلق بديلاً معقولاً». وكانت الأممالمتحدة قد أعلنت أنها تعكف على دراسة حكم الدائرة الدستورية في المحكمة العليا مشددة على ضرورة الحوار للتوصل لتسوية سياسية. تنسيق مصري - سوداني من جهة أخرى، قال وزير الخارجية السودانية على كرتى أمس، إنه حصل على موافقة الأطراف الليبية كافة للحوار، وإن السودان سيعمل مع مصر على تحريك مبادرة للمصالحة الوطنية في ليبيا، لافتاً إلى أن هناك اجتماعاً في الخرطوم خلال الأسبوع الأول من كانون الأول (ديسمبر) المقبل، لدول الجوار الليبي. وأعلن كرتي عقب إنهاء جولة شملت طبرق وطرابلس للتشاور مع أطراف النزاع في ليبيا، أن «دول جوار ليبيا متفقة جميعاً على أن ما يحدث في ليبيا الآن من صراع سيؤثر على استقرارها ودول الجوار». وأضاف أنه «لا يمكن التوصل إلى اتفاق بين الليبيين إلا بالحوار وإن طال القتال، والذي سيكون على حساب أرواح الشعب الليبي وموارده»، مؤكداً «حرص السودان على أن ينعم الشعب الليبي بالاستقرار والسلام». وقال: «لا نريد إعطاء فرصة للتدخل الأجنبي في ليبيا، وقد نقلنا دعوة الرئيس عمر البشير للحوار بين كافة الأطراف ووجدنا قبولاً كبيراً لهذه الدعوة»، مشيراً إلى أن «السودان يعمل بالتنسيق مع دول الجوار في التحرك نحو حوار وطني يشمل الأطراف كافة».