يواجه وزير الثقافة المصري فاروق حسني في ترشيحه لرئاسة اليونيسكو ما يعادل التشهير بفطيرة الدم، ومن المصادر اليهودية نفسها التي هاجمت دائماً اللاسامية ضد اليهود وهي تستعمل أساليبها لمهاجمة الآخرين، خصوصاً اذا كانوا عرباً أو مسلمين. للقراء العرب، التشهير بالدم يعود الى كذبة لاسامية قديمة ومستمرة عن أن اليهود، في بعض احتفالاتهم الدينية، يجبلون فطيرة بدم الأطفال (المسيحيين)، وقد عشنا لنرى من اليهود أنفسهم مَن يمارس مثلها. هذا الأسبوع اجتمع ممثلو المجلس التنفيذي لليونيسكو الذي يضم 58 دولة لإطلاق عملية اختيار خلف للمدير العام الياباني كويشيرو ماتسورا الذي يكمل ولايته الثانية في تشرين الثاني (نوفمبر). وستكون عملية التصويت الأولى في 17 من هذا الشهر، ويتوقع أن تجرى خمس عمليات تصويت قبل أن يرسو الاختيار على واحد من المرشحين، وتوافق عليه جمعية اليونيسكو التي تضم الدول الأعضاء في الأممالمتحدة وعددها 193 دولة. مع كتابة هذه السطور، هناك تسعة مرشحين أفضلهم حظاً السيد حسني، فهو يحظى بدعم جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة المؤتمر الاسلامي، وبعده بنيتا فيريرور والدنر، وهي وزيرة خارجية نمسوية سابقة يدعمها بعض الدول الأوروبية، غير أن أصوات أوروبا ليست موحّدة، فهناك مَن يؤيد مرشحتين من ليتوانيا وبلغاريا. وسيظل المرشح المصري صاحب الحظ الأوفر إلاّ إذا أجمعت الدول الأوروبية في النهاية على دعم مرشح واحد يمثلها. خلال 22 سنة من عمله وزيراً للثقافة خاض السيد فاروق حسني معارك مشهورة ضد المتطرفين والمتخلفين والمتزمتين في بلاده، والجدل الطويل الحاد الذي أثاره بالاعتراض على الحجاب مسجل بالصوت والصورة ومنشور، وهو اليوم يجد أن عصابة اسرائيل حول العالم في خندق واحد ضده مع المتطرفين في بلده. ترشيح فاروق حسني أطلق «الاعتذاريين الثلاثة»، بعد «الفرسان الثلاثة» في الرواية الفرنسية المعروفة، ففي أيار (مايو) الماضي كتب ايلي فايزل وبرنار هنري - ليفي وكلود لانزمان رسالة عن «عار كارثة قادمة» واعترضوا على ترشيح فاروق حسني وسجلوا مواقفه ضد اسرائيل واتهموه بإحراق الكتب الاسرائيلية أو الرغبة في إحراقها، وقد عاد ليفي هذا الأسبوع لمهاجمة فاروق حسني واعتبره «شرطي ثقافة» في حين أنه هو «ارهابي ثقافة» بأخلاق مستوطن. ونحمد الله على أن في اسرائيل نقيضه من طلاب السلام. يتحدثون عن العار والعار هو في رسالة اسرائيلية الهوى كتبها من قد يكونون خبير محرقة وفيلسوفاً ومنتجاً سينمائياً، إلا أنهم في الواقع يدافعون عن الجرائم الاسرائيلية ضد الفلسطينيين، وعن قتل النساء والأطفال، وعن بناء المستوطنات، وعن الاحتلال الهمجي المستمر الذي حوّل قطاع غزة الى معسكر اعتقال نازي في الهواء الطلق. أما الكذب فهو في تهمة حرق الكتب، والى درجة أن الاعتذاريين الثلاثة قالوا إن فاروق حسني لا يرى كتاباً إلا ويهمّ بحرقه. هذا من نوع الفطيرة المجبولة بالدم التي روج لها اللاساميون ضد اليهود ولا يزال هناك مَن يصدقها مع أنها كاذبة بقدر كذب التهمة ضد فاروق حسني. القصة باختصار هي أن نائباً اسلامياً هو محسن راضي قال للوزير داخل قبة مجلس الشعب إن في مكتبة الاسكندرية كتباً من تأليف يهود يهاجمون الدين الإسلامي (وليس مجرد كتب اسرائيلية كما في بعض الروايات)، وقال الوزير إن هذه الكتب غير موجودة، وأصر النائب على وجودها، وهو تبع الوزير الى الخارج وعاد ليقول إن الكتب موجودة فقال فاروق حسني له ان يأتي بالكتب وهو سيحرقها بنفسه لأنه يعرف أنها غير موجودة، وبالتالي لن يكون هناك حرق من أي نوع. الوزير كان ينفي أن هناك كتباً من تأليف يهود تهاجم الإسلام، ولوى الاعتذاريون لإسرائيل عبارته، وعرضوها في شكل فاجر يعادل فطيرة الدم، والتشهير باليهود. وقد اعتذر فاروق حسني وألومه لأنه لم يفعل ما يعتذر عنه. أليس عجيباً أن دولة الناجين من المحرقة والمتحدرين منهم هي الدولة النازية الجديدة الوحيدة في العالم اليوم؟ أليس عجيباً أن الذين يهاجمون اللاسامية كل يوم يستعملون أساليب اللاساميين في مهاجمة الأبرياء؟ أليس عجيباً أن أكبر سبب لانتشار اللاسامية اليوم هو اسرائيل والاعتذاريون لها؟ هل يعقل أن تحمل الإنترنت عشرات ألوف الأخبار عن حرق فاروق حسني الكتب، وهو لم يفعل، من ترويج أفراد يتاجرون حتى اليوم باحراق النازيين كتبهم سنة 1933؟ هناك مرشحون يوافق عليهم اللاساميون الجدد، مثل بنيامين نتانياهو الذي لم يجد ما يفاخر به سوى مشاركته جندياً ارهابياً في نسف طائرات مدنية في مطار بيروت سنة 1968، أو حارس المواخير افيغدور ليبرمان، أو مائير داغان الذي قتل الفلسطينيين بيديه في قطاع غزة في السبعينات ولا يزال يقتلهم اليوم، هؤلاء المجرمون والاعتذاريون لهم هم العار على اسرائيل والإنسانية كلها.