أدت أزمة الموازنة ورفع سقف الدين في الولاياتالمتحدة إلى زعزعة الثقة في إدارة واشنطن المالية وفي الدولار كعملة عالمية موثوقة، ولكن بعض المحللين في آسيا أكدوا ألا بديل عن العملة الخضراء. وانتقدت الصين واليابان، أكبر مالكي سندات الخزينة الأميركية، التعطيل السياسي في البرلمان وحذرتا من أن التخلف عن التسديد، الذي تجنبته الولاياتالمتحدة في اللحظة الأخيرة، كان سيزعزع الاقتصاد العالمي ويهدد استثماراتهما الكبيرة في الدين الأميركي البالغة 2.4 تريليون دولار. وتوصل النواب الأميركيون ليل أول من أمس إلى اتفاق موقت لرفع سقف الدين، ولكن «المواجهة السياسية نسفت صدقية العملة الخضراء كعملة احتياط عالمية موثوقة، بعدما بدأت تعاني بسبب عمليات طبع متكررة للعملة»، كما أوردت صحيفة «ذي أوستراليان»، في إشارة إلى خطة مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي، «المركزي»، لشراء سندات ب 85 بليون دولار شهرياً. وحذرت الصحيفة من أن «في حال كانت واشنطن غير قادرة على تحمّل أعبائها، فسيبادر آخرون إلى ملء الفراغ، مؤكدة أن «السلطات الصينية تتوق إلى أن تقوم عملتها بدور أكبر في سوق أسهم الاحتياط العالمية، ففيما تناشد بكين علناً السياسيين الأميركيين رفع سقف دين بلادهم، إلا أن الاستقرار النسبي لعملتها اليوان يسعدها ضمناً». ودعت وكالة «شينخوا» الرسمية الصينية إلى «عالم غير متأمرك»، فيما انتقدت «غلوبال تايمز» عدم القدرة على الاعتماد على الولاياتالمتحدة، محذرة من أن وضع البلاد كقوة عظمى بات مهدداً. وأكدت في مقال أن «الصين تملك قدرة هائلة على منافسة الولاياتالمتحدة نظراً إلى أن هذا الحجم الهائل من الدين الوطني يعني مستوى معيناً من التأثير». وواجه الدولار تحديات عديدة منذ احتلاله مكانة الجنيه الإسترليني في موقع العملة الأساس في التجارة العالمية خلال القرن الماضي. واتخذت الصين مبادرات لتعزيز مكانة اليوان في التبادلات التجارية، ولكن هذه العملة لا يمكن تحويلها بحرية إلى العملات الرئيسة الأخرى، ما يعرقل أي تحد للدولار. وكان الرئيس الأميركي باراك اوباما ندد بعواقب المواجهة في الكونغرس التي أدت إلى شلل حكومي استمر أسبوعين، مشيراً إلى أن «لا شيء اضر بصدقية الولاياتالمتحدة في العالم ومكانتنا أمام دول أخرى أكثر من المشهد الذي تابعناه في الأسابيع الماضية». وانتهت المواجهة بين الجمهوريين والديموقراطيين قبل ساعات من المهلة المحددة مع إقرار قانون يمدد قدرة الخزانة الأميركية على الاقتراض حتى 7 شباط (فبراير) المقبل، بما يوفر التمويل للحكومة حتى منتصف كانون الثاني (يناير) المقبل. ولكن الاتفاق لقي نوعاً من التسليم وسط إدراك بأن العالم قد يصبح رهينة أزمة مماثلة بعد أشهر قليلة. وصرح كبير اقتصاديي معهد «إن أل أي» للبحوث في طوكيو سوسومو دويهارا بأن «التسوية ليست إلا تأجيلاً لحل المشكلة، ولا يمكن للعالم إلا أن يرحب ويأمل بأن ترتب الولاياتالمتحدة أوضاعها الداخلية».