كلنا نعرف مدينة العلا وأهميتها الاستراتيجية والجغرافية والتاريخية، فهي مدينة عريقة عمرها أكثر من خمسة آلاف عام ويطلق عليها اسم وادي القرى، وهي المكان الذي أسر فيه سيدنا سلمان الفارسي في رحلته للبحث عن سيد الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وهي موطن الفارس المظفر الذي ساهم في فتح الأندلس موسى بن نصير وفيها قلعته وقبره. وهي المدينة التي زارها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام مرتين الأولى في غزوة فتح وادي القرى وأخرى في طريقه إلى غزو تبوك. وأسس فيها مجموعة من المساجد منها ما يعرف بمسجد العظام ومسجد صدر ويقال مسجد الزاوية أيضاً. وتوضأ وشرب من عينها عين تدعل ودعا لأهلها بالبركة. وهي محطة رئيسة على طريق الحرير البري وكذلك على خط القوافل البري بين اليمن والشام والمعروف برحلة الشتاء والصيف. ومحطة رئيسة من محطات الخط الحديدي الحجازي وهو الوقف الإسلامي المعطل، وكم أتمنى أن يعاد تشغيله لخدمة الإسلام والمسلمين ولما يعود به من نفع اقتصادي كبير. ناهيك عن جمال المنطقة وخصوبة أرضها وتناغم الطبيعة فيها ما جعلها ملهمة الشعراء. فقيس تمنى ذكرها في شعره المعروف: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بوادي القرى إني إذاً لسعيد وهي موطن الشعراء العذريين وملهمتهم وواحة الحب ورياض المحبين. لكن مع شديد الأسف هناك أخوة لنا داخل المملكة وخارجها عند ذكر العلا لا يعرفون مكانها ولا أي شيء عنها رغم شيوع صيتها وازدهار حضارتها طوال قرون، ما جعلها عاصمة لأكثر من دولة، مثل اللحيانية والمعينية. كما كانت مركز حضارة حيث تم فيها تطوير الخط العربي وانتقل منها إلى الكوفة. وهي اشتهرت بالعلم والمعرفة خصوصاً علمي الفلك والأنساب. ومع كل هذا لا يعرفها الكثيرون إلا في حالة إقرانها بمدائن صالح، علماً أن مدائن صالح تابعة لها وليس العكس. فمتى ينصفها الزمان؟