كشفت معلومات جديدة في الخرطوم أمس، أن الرئاسة أرجأت إجراء تعديل وزاري كبير في انتظار نتائج اتصالات سرية تجري مع رموز معارضة تسعى إلى إقناعها بالمشاركة في السلطة، فيما باشرت الخرطوم «ديبلوماسية هادئة» لاحتواء توتر صامت في علاقتها مع دول خليجية مهمة. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن الرئيس عمر البشير طرح عقب لقائه زعيم حزب الأمة الصادق المهدي أخيراً «عرضاً كبيراً» على القيادي المعارض للمشاركة في السلطة بعدد يقترب من نصف مقاعد مجلس الوزراء خلال المرحلة المقبلة. وذكرت أن المهدي الذي لم يردّ رسمياً على العرض، يتحفظ عن المشاركة بصورة منفردة بعيداً من القوى السياسية الأخرى، ويشترط حكومة انتقالية ببرنامج محدد، كما أنه يرى أن مشاركة ثنائية فقط ستزيد حال الاستقطاب في البلاد. ولم يستبعد مصدر أن يكون موقف المهدي المناقض لموقف تحالف المعارضة وغيابه المتكرر عن اجتماع قادة التحالف له صلة باتصالاته السرية مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم. وكان البشير قال في مؤتمره الصحافي الأخير إن حزبه اقترب من الاتفاق مع حزب الأمة لكن الاتفاق ينتظر اللمسات الأخيرة، كما تحدث عن اتصالات مباشرة مع حزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي. لكن الحزبين نفيا ذلك في شدة. إلى ذلك، علمت «الحياة» أن البشير أوفد اثنين من مساعديه بصورة سرية إلى عاصمتين خليجيتين، بعد أزمة صامتة في علاقات الخرطوم معهما، بسبب تقارب الأخيرة مع طهران، وتكرر زيارة سفن حربية إيرانية إلى السواحل السودانية، وما يعتقده خليجيون دعماً سودانياً لجماعة «الإخوان المسلمين» في مصر على خلفية التطورات الأخيرة في المنطقة العربية والأحداث التي تشهدها القاهرة. وأعلنت وكالة الأنباء السودانية الرسمية أن البشير سيتوجه اليوم الأحد إلى الأراضي المقدسة لأداء الحج. من جهة أخرى، دخل تجمع أساتذة جامعة الخرطوم كبرى الجامعات السودانية على خط المطالبين برحيل البشير، وأصدر التجمع بياناً اتهم فيه الحكومة بتجيير موارد البلاد لصالح أجهزتها العسكرية والأمنية ودعت النظام إلى الرحيل سلماً. وطالب البيان قادة الأحزاب والقوى السياسية والحركات المسلحة والتنظيمات السياسية بمختلف توجهاتهم ب «استشعار ثقل المسؤولية التاريخية ودقتها» والعمل الجاد لتجاوز «الأجندة الضيقة». وفي تقرير جديد، اتهمت الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات، السلطات السودانية بمواصلة انتهاكات حقوق الإنسان، لافتةً إلى استمرار قمع المحتجين سلمياً بالقوة المفرطة والغاز المسيل للدموع والرصاص الحي. وأشارت إلى سقوط عدد من الضحايا جراء ذلك. كما عبّرت الهيئة عن قلقها على الحالة الصحية لمئات المصابين الذين قالت إن إصابات بعضهم خطيرة، وقالت إن السلطات السودانية تتعدى على حرية التعبير وحرية الصحافة. كما أشارت إلى أن الأجهزة الأمنية اعتدت بالضرب على محامٍ بعد اعتقاله، ولفتت إلى أن أحكاماً قضائية بالسجن لمدة شهرين صدرت بحق بعض المعتقلين على خلفية الاحتجاجات الأخيرة. وكانت منظمة العفو الدولية أكدت أنها مقتنعة بأن قوات الأمن الحكومية قتلت أكثر من مئتين من المتظاهرين غالبيتهم بإطلاق النار على رؤوسهم وأعناقهم.