وضعت دراسة أعدها «مجلس المنافسة» المغربي (مؤسسة دستورية استشارية) الدولة في حرج شديد، نظراً الى استمرار هيمنتها على مجال التلفزيون، خلافاً لتحريرها للمجال السمعي (14 إذاعة خاصة). وانتقد المجلس، في تقريره الصادر قبل أيام، وضعية الإحتكار لمصلحة القنوات التلفزيونية العمومية، والتي ترجع إلى القرار الصادر عن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (هيئة مستقلة مكلفة بضبط وتقنين قطاع الاتصال السمعي البصري) في شباط (فبراير) 2009، والقاضي بتعليق الولوج إلى السوق التلفزيوني أمام المبادرات الخاصة. وشدد مجلس المنافسة على ضرورة تشجيع فتح مجال الإستثمار التلفزيوني أمام المبادرات الخاصة وتطوير المنافسة في هذا المجال، مشيراً إلى أن الولوج تعترضه بعض الصعوبات الحقيقية والمحتملة والتي لا تشجع على الاستثمار وتطوير المنافسة في القطاع، على رغم أن التشريعات المتصلة به مبنية على الليبرالية والتعددية في العرض، بالتالي على التنافسية. واستند المجلس في توصياته إلى تحليل حصص مشاهدة القنوات التلفزيونية الوطنية والأجنبية بتاريخ 21 أيار (مايو) 2013 (28.3 في المئة للقناة الثانية، و6.1 للأولى، و4.5 لقناة المغربية، و3 لبقية القنوات المغربية، مقابل 58.2 في المئة لقنوات أجنبية)، وهو ما يظهر الحاجة إلى إحداث قنوات تلفزيونية مغربية جديدة لاستقطاب نسبة من عدد المشاهدين المغاربة التي تتوجه نحو القنوات الأجنبية. وكانت الهيئة العليا للاتصال السمعي- البصري تراجعت عن الترخيص لقنوات تلفزيونية بخاصة عام 2009، بعدما فتحت طلبات عروض، مبررة قرار عدم الترخيص بضرورة «انتظار اتضاح الرؤية حفاظاً على توازن القطاع، أخذاً في الاعتبار الأزمة التي يمر بها سوق الإشهار (الإعلانات) في المغرب»، معتبرة أن «الترخيص لأي مشروع تلفزة وطنية جديد، من شأنه أن يؤدي إلى الإخلال بتوازن القطاع، وبالتالي تهديد توازن المتعهدين السمعيين البصريين، واستمراريتهم على المدى المتوسط». هذه المبررات لم تقنع حينها الفاعلين والمتتبعين الذين رأوا في تراجع الدولة عن الترخيص لقنوات خاصة، رغبة في الاستمرار في الهيمنة والاحتكار لصالح الدولة، لأسباب سياسية تحكمية لا علاقة لها بمجال التنافس أو الرغبة في تقوية القطاع العمومي. وهي المبررات ذاتها التي اعتبرها مجلس المنافسة، بأنها غير مقنعة وغير مقبولة ولا تنسجم مع منطق المنافسة، لأن القطاع العام سيتطور تلقائياً مع فتح الباب للاستثمار الخاص، إذ يؤكد الواقع أن غالبية المشاهدين المغاربة تتابع قنوات أخرى أجنبية غير التي توفرها الدولة في نطاق العرض العمومي. فهل تستجيب الدولة لتوصيات مجلس المنافسة، وترفع يدها عن التلفزيون؟