في ظلام تام، وبدون أدنى فكرة عن الطعام أو مكوناته، يعيش زوار مطعم «نوار» في دبي اختبار الأكل في سواد حالك متخلين عن حاسة النظر ومركزين على حاسة الذوق. وكان هذا الاختبار الفريد أطلق في لندن وبرلين، ووصل أخيراً إلى دبي في مبادرة تهدف في جزء منها إلى دعم مؤسسة تعنى بفاقدي البصر. وعند القيام بحجز مكان في المطعم، لا يسأل الشخص إلا عما إذا كان يعاني من أي حساسية، والباقي يترك لعناية الطباخ، ولمتعة الاكتشاف والثقة. ويقسم زوار مطعم «نوار» (أي أسود باللغة الفرنسية)، لمجموعات من ستة أشخاص، كل مجموعة تدخل الغرفة السوداء في صف واحد، إذ يمسك كل فرد بكتف الواقف أمامه، ويقود المجموعة نادل مزود بنظارات خاصة بالرؤية الليلية. ويقدم الخدمة نادلون مزودون بالنظارات الخاصة. ويطلق على النادل في هذا المطعم اسم «دليل الحواس». ويستطيع هؤلاء رؤية الزوار ويساعدونهم على رصد مكان طعامهم وشرابهم. داخل الغرفة السوداء، يقول المصري المقيم في دبي أحمد حسن الذي شارك في الاختبار مع صديقه: «مع انقطاع حاسة النظر، أشعر بكثير من الضجيج، كما أن طعم المكونات بارز في الطعام». ويحاول المشاركون في العشاء أن يحزروا مكونات الأطباق التي يتناولونها، إلا أن المهمة ليست بالسهلة، فالطعام المقدم في هذا المطعم فاخر ومعقد. وقالت البريطانية ماري «أعتقد أنه الكبد». لم يكن تخمين الصحافية الشابة بعيداً عن الحقيقة، فالطبق الأول كان مكوناً من «قطع من الأعضاء الداخلية مع صلصة الزنجبيل وقطع جيلي فاكهة الليتشي». أما الطبق الثاني فكان من خد العجل مع العدس الأسود والخضار المنوعة. وطبق التحلية تضمن بودينغ المانغا وسوربيت التوت البري والشوكولاته. يخصص مطعم «نوار» جزءاً من عائداته لصالح مؤسسة «سايت سيفيرز» التي تعني بالمكفوفين في الدول النامية. ويقول القيمون على المشروع في بيان إن التجربة «ستغير فكرة أن الانطباع المرئي مهم من خلال تشجيع الضيوف على إعادة النظر بانطباعاتهم وحواسهم الأُخرى». وقالت الشيف التنفيذي لهذه التجربة لورين سنكلير: «كثيرون يحكمون على الأطباق التي أمامهم حتى قبل تذوقها وذلك بالإعتماد على طريقة تقديمها ومظهرها، أما خلال تجربة عشاء في الظلام فلن ينظر الضيوف إلى طعامهم، وسيحكمون على أطباقهم من واقع طعمها ونكهتها ورائحتها وربما من واقع الأصوات المحيطة بهم».