بعد 40 عاماً تقريباً على برنامج «أبولو» لاستكشاف القمر وما إذا كان مؤهلاً لاستضافة البشر، قال مسؤولون إن مركبة فضاء آلية صغيرة تابعة لإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) أطلقت المركبة الفضائية «لادي» من قاعدة قبالة ساحل فرجينيا في مهمة لاستكشاف «غبار القمر» الغامض الذي صادف رواد فضاء برنامج «أبولو» التي بدأت في العام 1972. ويغلف هذا الغبار عدداً من الكواكب في النظام الشمسي. وقال ريتشارد أيلفيك عالم المشروع في مركز أبحاث أميس التابع ل «ناسا» في موفيت فيلد بولاية كاليفورنيا خلال عملية الإطلاق «للمرة الأولى منذ 40 سنة تتاح لنا فرصة معالجة هذا الغموض». ومن مدار لا يزيد على 50 كيلومتراً فوق سطح القمر ستحاول المركبة «لادي» استكشاف لغز جيوب الغاز الرقيقة المحيطة بالقمر. وقد يحمل هذا الغلاف الجوي الرقيق الذي يحتوي على الأرغون والهيليوم والصوديوم والبوتاسيوم وعناصر أخرى ليس من بينها «الكيماوي السام القاتل»، على مفاتيح تفسر كيفية احتجاز الماء داخل حفر في أقطاب القمر المجمدة. وقال أيلفيك «تعلمنا في المدرسة الابتدائية وربما في المدرسة الإعدادية إن القمر ليس له غلاف جوي، بالفعل له غلاف لكنه لا يشبه تماماً غلافنا الجوي». وبعد مرور نحو 40 سنة من هبوط طاقم برنامج «أبولو» على سطح القمر ستتولى المركبة «لادي» التحقق من أحد أكثر اكتشافات أبولو غرابة. وكانت أطقم «أبولو» رصدت وهجاً غريباً في أفق القمر قبيل شروق الشمس. وكانت هذه الظاهرة التي دفعت قائد «أبولو 17» يوجين كيرنان إلى تدوينها في دفتر الملاحظات، غير متوقعة لأن القمر الخالي من الهواء يفتقر إلى الغلاف الجوي ليعكس أشعة الشمس. ويساور العلماء الشك في أن غبار سطح القمر كان مشحوناً كهربائياً وارتفع بطريقة ما عن سطح القمر. وستدور المركبة «لادي» حول القمر لتجمع بيانات للتحقق من هذه النظرية. ووصف رواد «أبولو» غبار القمر بأنه يشبه مسحوق التلك إلا أنه يتسم بخشونة الملمس وتشبه رائحته البارود المحترق وقد التصق هذا الغبار بأحذية رواد أبولو وقفازاتهم ومعداتهم. وتضم المركبة، التي كلفت 280 مليون دولار، نظاماً تجريبياً بصرياً للاتصالات بالاستعانة بأشعة ليزر تأمل «ناسا» بأن تدرجه في بحوث الفضاء لبرنامج مسبار الكواكب في المستقبل بما في ذلك مركبة فضاء من المقرر أن تنطلق إلى المريخ عام 2020. ومن المقرر أن تتخذ المركبة «لادي» مداراً قريباً من سطح القمر لتبدأ مهمتها العلمية بعد نحو 60 يوماً من إطلاقها. وتستغرق رحلة المركبة من الأرض إلى القمر 30 يوماً أي أطول من برنامج رحلة «أبولو» بواقع عشر مرات بسبب انخفاض قدرة معدات الإطلاق. وكانت «أبولو» صُممت لهبوط البشر على سطح القمر ثم إعادتهم سالمين إلى سطح الأرض. وجرى إرسال ست مركبات هي «أبولو» 11 و 12 و 14 و 15 و 16 و 17 وحققت أهدافها. وكانت مهمات الأولى حول الأرض لإجراء اختبارات القيادة، ومن ثم حول القمر لإجراء اختبارات حول العناصر المحيطة به، واقتصرت مهمة «أبولو 13» التي لم تهبط على سطح القمر بسبب أعطال على العودة بالصور إلى الأرض. وحملت الرحلات الباقية نحو 400 كلغ من عينات من القمر. شملت التجارب ميكانيكا التربة، والنيازك، والزلازل، وتجارب على الرياح والمجالات المغناطيسية. وأحد أسباب المشروع هو المنافسة بين الولاياتالمتحدة الأميركية مع الاتحاد السوفياتي الذي كان السباق في العام 1961 إلى إرسال أول أنسان إلى الفضاء رائد الفضاء الروسي يوري غاغارين ليدور حول الأرض كقمر اصطناعي. وفي عز فترة الحرب الباردة. ورأى الكثير من الأميركيين أنه يجب على الولاياتالمتحدة التسابق والتفوق على الاتحاد السوفياتي في مجال استكشاف الفضاء.