منذ بداية شهر آب (أغسطس)، عبر مُذنّب «آيسون» ما يسمّى «خط التجلّد» المتمتع ببرودة فضائية قارسة. وبدأت أشعة الشمس تلفح المُذنّب وتبخّر بعض غازاته المتجلّدة، فتزيد بريقه وتسهّل رؤيته بالتلسكوب. وأصبح المُذنّب «آيسون» على بُعد قرابة 2.6 وِحدَة فلكيّة من الشمس، ما يساوي قرابة 375 مليون كيلومتر (الوحدة الفلكيّة هي وحدة قياس المسافات في علم الفلك، وتُعادِل 150 مليون كيلومتر، وهي مسافة يحتاج ضوء الشمس إلى 8 دقائق ضوئية كي يجتازها)، في أواخر الشهر الجاري. ويتقدّم في مساره الجريء بسرعة تلامِس ال2.3 مليون كيلومتر في اليوم، ما يوازي قرابة 96 ألف كيلومتر في الساعة. ووفقاً لقانون فلكي وضعه العالِم الشهير كِبلر، من المتوقّع أن تزداد سرعة المُذنّب «آيسون» كلما اقترب أكثر من الشمس. في شهر أيلول (سبتمبر) المقبل، يبدأ «آيسون» سلوك درب الآلام، وعبور جلجلة قرب الشمس. فبعد أن يقطع مدار كوكب المريخ في تشرين الأول (أكتوبر). ثم يتجاوز مدار عطارد في أواسط تشرن الثاني (نوفمبر)، يتوقّع أن تعمل أشعة الشمس الشديدة على غلي كثير من مواد المُذنّب المتجلّد وتبخيرها، فيبدأ ذيله بالتكوّن. وستعمل أشعة الشمس وقوى جاذبيتها على تشويه الشكل الكروي للمُذنّب، عبر تمديده بصورة مضطردة. ومن الممكن أن تتسبب عاصفة شمسية بقطع قسم أو أقسام من ذيل المُذنّب وفصلها عنه، فتترك تائهة في الفضاء الداخلي لمدارات الكواكب السيّارة للمنظومة الشمسية. وفي شهر تشرين الثاني 2013، يصبح المُذنّب هدفاً لحَمَلَة المناظير، بل يصبح مرئياً بالعين المجرّدة لسكان النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، عندما يصل في 28 تشرين الثاني إلى أدنى مسافة تفصل مداره عن الشمس، فلا يفصله عن سطحها الملتهب سوى قرابة 1.2 مليون كيلومتر. في ذلك اليوم تحديداً، يتوقع الفلكيّون أن يظهر المُذنّب أكثر سطوعاً ب500 بليون مرّة من سطوعه عند لحظة اكتشافه. في المقابل، لن يستطيع سكان النصف الشمالي من كوكبنا رؤية «آيسون» قبل 8 كانون الأول (ديسمبر). حينها، يقطع هذا المُذنّب خط الاستواء الفلكي، فيصبح أمام أعين سكان الشمال. ويظهر بصفته جرماً سماويّاً شديد البريق له ذيل طويل لامع. ويبقى استعراضه المُضيء في سمائنا حتى ليلة رأس السنة الجديدة. من المتوقّع أن تكون العيون كلها شاخصة باتجاه «آيسون» خلال هذا العبور الانتحاري. وبداية من شهر تشرين الأول، ستخصّص وكالة «ناسا» مراصد أرضيّة وتلسكوبات محمولة على مناطيد، كما ستلاحقه تلسكوبات الفضاء التي لاحظته منذ اكتشافه، وتستمر في مراقبة «آيسون» وتصويره لحظة بلحظة.