علمت «الحياة» أن أعضاء من مجلس الشورى السعودي سحبوا توصيات تطالب برفع معدل الخصوبة، وتعدد الزوجات بحجة أن تعداد سكان المملكة قليل، فيما استطاع الأعضاء المطالبون بخفض الخصوبة والمباعدة بين الولادات في إسقاط رأي الفريق المعارض بما فيهم لجنة الإسكان، إذ أكد الفريق المؤيد ل«خفض الخصوبة» أن ذلك لا يعني تحديداً للنسل. وعلى رغم أن الستار لم يسدل على «وثيقة السياسة السكانية» المقدمة من الحكومة ممثلة في وزارة الاقتصاد والتخطيط في جلسة الشورى أمس (الإثنين)، بسبب اختلاف الأعضاء على أمر «الخصوبة»، إلا أن حراكاً داخلياً كشف عن قدرة فعّالة خلف الكواليس في قلب الطاولة على لجنة الإسكان في المجلس والمؤيدين لتوصيتها بحذف عبارة من «الوثيقة» تنص على خفض معدل الخصوبة. ورصدت «الحياة» رد فعل الأعضاء عقب انتهاء الجلسة، وتبين أن المؤيدين لخفض الخصوبة يعتمدون على إحصاءات دولية ومحلية موثقة تثبت أفضلية تنظيم النمو السكاني والخطر اللاحق للأمهات والأطفال في حال الولادات المتقاربة. وشكك عضو اقتصادي في رأي اللجنة الشورية، معتبراً أن ما أقرته من معلومات عن خطر انخفاض الخصوبة في السعودية غير دقيق، مشيراً إلى أن نسبة النمو السكاني بوضعها الحالي ستضع المملكة أمام تحديات غامضة قد تصل إلى استيراد المياه والطاقة مستقبلاً – بحسب العضو. وأضاف: «الزواج المتأخر وتنظيم الولادة أجدى اقتصادياً، لأن زواج صغار السن في بدايتهم العملية برواتب قليلة والتزامات مالية كثيرة منهك». وكشفت مصادر موثوقة بها ل«الحياة» أن أبرز التوصيات التي سحبت قبل عرضها تحت قبة المجلس كانت لعضو (تحتفظ «الحياة» باسمه) تطالب بتعدد الزوجات، وتصحيح المفهوم السائد بأن التعدد لا يصح، مقدماً مبررات تشدد على ضرورة تعدد الزوجات، من أبرزها أن سكان المملكة قليلون مقارنة بدول عدة. يذكر أن الوثيقة السكانية تمت مناقشتها قبل عام تحديداً، وصاحبها جدل حينها، إذ ربطت الدكتورة زينب أبوطالب التخوف من انحدار الخصوبة بالأمن الوطني والتحديات الإقليمية، مستشهدة بسكان إيران والعراق واليمن الذين يفوق تعدادهم سكان المملكة. وأظهر تصفيق الأعضاء في جلسة الأمس مدى الرفض لتوصية اللجنة بعد سقوطها، وانتقل الأعضاء المنتصرون إلى مواقع التواصل الاجتماعي للإعلان عن ارتباك اللجنة الشورية وضعف حجج المطالبين برفع معدل الخصوبة. وأوضحت لجنة الإسكان في المجلس أثناء ردها على الرافضين لتوصيتها بحذف عبارة (خفض معدل الخصوبة) أن آراء الخبراء والمتخصصين متباينة بين مؤيد ومعارض، إلا أنها تبنت الحذف طبقاً لقناعاتها. وأحدث قرار اللجنة جدلاً استمر لنصف ساعة حول تبني اللجنة الحذف، بعد أن قدّم الدكتور فهد العنزي والدكتورة حمدة العنزي والدكتور عمرو رجب اعتراضاً نظامياً على إجراء اللجنة واعتبروه تعديلاً يستدعي المناقشة من جديد قبل التصويت عليه، طبقاً لقواعد عمل المجلس. وبعد مداولات بين رئيس الجلسة والأمين العام تم التصويت طبقاً لنظام المجلس ثلاث مرات، قبل أن تعاد الوثيقة من جديد للدرس في اللجنة، إذ أيد نص الحكومة الداعي لخفض معدل الخصوبة والمباعدة بين الولادات 70 عضواً ورفض رأي اللجنة 58. أرقام عن الخصوبة وتباعد الولادات - الهدف المعنون ب«تعميم إتاحة الخدمات الصحية الإنجابية بحلول 1436ه» يشير إلى أن معدل استخدام وسائل منع الحمل، والولادات لدى المراهقات صفر منذ 1990 حتى الآن. - رأت الدكتورة ثريا عبيد أثناء توليها منصب المدير التنفيذي لصندوق الأممالمتحدة للسكان سابقاً، وبالتحديد في العام 2007، «أن خفض الخصوبة والمباعدة لعامين يمكن أن ينقذ من الموت 150 ألف امرأة سنوياً على الأقل، وأكثر من مليون طفل دون سن الخامسة». - اعتبرت نائب رئيس اللجنة للشؤون الصحية استشارية أمراض النساء والتوليد الدكتورة منى آل مشيط أن الحمل خلال 12 شهراً من الولادة يتسبب في مخاطر عدة، منها انفصال المشيمة قبل موعد الولادة، وتقدمها والتصاقها بجدار الرحم بعد عملية قيصرية، وإسقاط مبكر، ونقص نمو ووزن الطفل الجديد. - بحسب مصلحة الإحصاءات العامة، فإن معدل الخصوبة في الأعوام ال15 المقبلة، سينخفض إلى 1.98 طفل لكل زوجين، وهو أقل من مستوى الإحلال المتعارف عليه عالمياً. - توقعت اللجنة أن ينخفض معدل الخصوبة في المملكة في عام 2030، إلى 1.8 مولود.